05 - 05 - 2025

ايرادات إبتكارية للمترو بديلا لرفع السعر

ايرادات إبتكارية للمترو بديلا لرفع السعر

طلب رئيس الهيئة القومية للأنفاق برفع أسعار تذاكر الركوب من جنيه الى جنيهين لتغطية التكاليف المتزايدة، وبهدف تعظيم الموارد لتوسعة الشبكة وتحديث العربات وغيرها من الأمور، وذلك بعد وصول خسائر المترو الى 180 مليون جنيه، مع ارتفاع تكلفة التشغيل 30% عن الايرادات.

الكلام في مضمونه الاقتصادي والتجاري معقول، ولكن لم يتم في إطار الأبعاد الإجتماعية لمثل هذه الزيادة، في مرفق خدمي رئيسي، يتعلق بمصالح وخدمات شرائح رئيسية في المجتمع، خصوصا الطبقات الدنيا، والعمال والموظفين والطلبة، وغيرهم من ملايين مستخدمي المترو كوسيلة نقل شعبية معروفة في كل بلدان العالم.

ونظرا لخطورة تداعيات إتخاذ قرار مثل هذا، رفضت القيادة السياسية قرار زيادة أسعار تذاكر المترو، وإن كنت أتوقع أن فكرة الزيادة ستصبح واردة طالما تم إثارتها، تحت وازع يحمل نفس المبررات التي أثارها رئيس الهيئة القومية للأنفاق من قبل، والتي حددها بقوله"أدعو الجمهور للتعاون وتفهم  مثل هذا القرار، فدخل المترو لا يفي متطلبات الصيانة والتشغيل، ورفع أسعار التذاكر سيساعد على تطوير الخدمة المقدمة لكم".

وعادة كل المسؤولين عندما يواجهون قضايا مالية تتعلق بتوفير إيرادات، فأسهل الحلول التي يتبعونها لتغطية اي عجز، أو لتمويل مشروعات، يتجهون مباشرة الى قرارات رفع الأسعار، بغض النظر عن المتضرر من الزيادة، أو من يتحمل عبء إرتفاع الأسعار، والتي غالبا ما يتحملها المستهلك أو المسنخدم النهائي للسلعة أو الخدمة.

ولكن لم يلجأ مثل هؤلاء الى الإجتهاد قليلا، والتفكير في حلول ليس لها أبعاد إجتماعية، ولم يهتم مثل هؤلاء بدراسة الأمور من كل جوانبها، ووضع البدائل المناسبة لتنويع الإيرادات، بعيدا عن التداعيات الإجتماعية على الجمهور العريض من أبناء الوطن، ويبدوا أن الابتكار في الحلول أصبح من القضايا المنسية.

ففي بلدان العالم المختلفة، ووفقا لمشاهدات وتجارب واقعية في العديد منها، تتحوّل خطوط خطوط المترو، وتحديدا محطاتها الى مورد إيرادات رئيسي، وأداة تمويل ذاتية، من خلال خطط مدروسة بشكل جيد، للإستغلال الأمثل لهذه المحطات، وهو ما لم ننجح فيه حتى الآن في الإستفادة الأفضل من أكثر من من 55 محطة مترو على طول الخطوط الثلاثة.

صحيح أن هناك مشكلة تتعلق بتوفير الأمن والسلامة لأي مشروع، أو فكرة، في محطات المترو، والاعلانات منها بشكل خاص، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه، هل نجحنا فعليا في تحقيق أفضل إستفادة من الاعلانات في محطات المترو، خلال سنوات، ما قبل ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيو؟!، وحالة الغياب الأمني، السؤال لا يجد إجابة مقنعة، فقد بحثت عن عائدات إعلانات مترو القاهرة، وكانت النتيجة مُخيبة للأمال.

ولكن ليس الإعلانات وحدها هي السبيل الى تحقيق موارد غير تقليدية من المترو ومحطاته، بل ظهرت في السنوات الأخيرة تجربة إبتكارية، تتمثل في نظام ''حقوق تسمية محطات المترو''، وذلك من خلال شراكات مع الشركات والمؤسسات الخاصة والكبرى، تقضي بتسمية المحطات لمدة محددة، مقابل مبلغ سنوي يتم الإتفاق عليه.

التجربة بدأت في "مترو دبي" منذ إنطلاقته في 9 سبتمبر 2009، ووصل عدد الشركاء في تسمية المحطات حتى الآن الى 15 شريكا، بحق تسمية لمدة 10 سنوات، ومنذ بدء تفعيل المشروع وحتى العام الجاري 2014 حقق ايرادات 300 مليون دولار، من مورد لم يكلف الحكومة فلسا، والتجربة إنتقلت الى دول أخرى.

ونجاح تجربة دبي في مشروع حقوق تسمية محطات المترو، أسهم في انتشارها عالمياً، وبدأت هيئات ومؤسسات النقل العام في عدد من المدن العالمية تطبيق مشروعات مماثلة في أنظمة النقل التابعة لها، منها مدن لندن وبرشلونة وتورونتو ودلهي، إضافة إلى عدد من المدن بالولايات المتحدة، كشيكاغو وهيوستن، ودينفر ودالاس.

أعتقد أن التجربة مهمة للدراسة لتطبيقها في مجموعة منتقاة من محطات مترو القاهرة، ويمكن أن نستبعد المحطات التي تحمل أسماءً وطنية، حتى لايقول البعض أن الفكرة إنتهازية، وبيع للبلد، كما يمكن وضع الشروط والضوابط التي تعالج اي شكوك لدى البعض، في الوقت الذي من المهم تعزيز موارد الاعلانات، وتوفير الحماية لها، وفقا لطلب عدد من العاملين في المترو في مذكرة رسمية لرئيس الوزراء، ... فهل من الممكن أن نرى أفكار إبتكاريا في التمويل؟!

##
##

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | نتائج انتخابات الصحفيين وماذا جرى؟