04 - 05 - 2025

بين عبد الوهاب ومصطفى محمود

بين عبد الوهاب ومصطفى محمود

? كان د/ مصطفى محمود صديقا ً للموسيقار محمد عبد الوهاب فقال له في ساعة صفاء: ماذا سنقول لربنا إذا قابلناه يوم القيامة؟.. قال له عبد الوهاب: نحن أسعدنا الناس وقدمنا لهم فنا ً جميلا ً ودافعنا بهذا الفن عن الوطن.

? فقال له د/ مصطفى: أنت لحنت مئات الألحان وأنا ألفت عشرات الكتب.. ولكننا أخذنا أجر ذلك في الدنيا مالا ً وشهرة وجاها ً.. ولكن ماذا قدمنا للآخرين للغلابة واليتامى والفقراء والمساكين والمحرومين والمرضى.. أين مشروعنا لمساعدة هؤلاء دون أجر أو شهرة؟.

? لم يجد د/ مصطفى صدى لحديثه لدى الموسيقار عبد الوهاب الذي كان ممسكا ً في هذه المسائل.. ولكن هذا الحديث وجد صدى ذاتيا ً في قلب ومشاعر صاحبه.. إذ عزم على أن يقيم أكبر مشروع خيري في القاهرة وهو مسجد ومستشفى محمود.. إذ أنه ما إن بدأ المشروع على قطعة أرض رائعة كان يملكها في المهندسين إلا ووجد في كل يوم من يعينه علي استكمال المشوار.. ويمد له يد العون حتى صار صدقة جارية عظمى له ولكل من ساهم فيه.. 

? تأملت هذه القصة التي حكاها د/ مصطفى محمود بنفسه.. وتأملت فعل الصحابي أبي طلحة الذي سمع قوله تعالى " لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ" حتى تبرع بحديقته الرائعة فقال له الرسول: "بخ بخ ذاك مال رابح وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين".

? ما قيمة العلماء والمفكرين والأطباء والأغنياء ورجال الأعمال إن لم يحسنوا إلى الخلائق.. ويوظفوا أموالهم وجهودهم لإسعاد الآخرين؟

? ما قيمة الأستاذ الجامعي إذا كان طبيبا ً أو محاميا ً وهو لا يدع يتيما ً أو مسكينا أو محروما ً إلا وأخذ الأجر منه أو ضاعفه عليه.. وما قيمة الداعية أو المفكر وهو يعيش في قصر أو فيلا ولا يرحم أحدا ً من ذوي قرابته أو رحمه أو ليس له مشروع خيري واحد.

? ولعلك تعجب إذا قرأت حجة الوقف التي أوقفها مصطفى بك عبد المنان وهو من قدامى الإقطاعيين في العصر الملكي فقد أوقف 220 ألف فدان من ثروته في محافظات الدقهلية وكفر الشيخ والغربية .. ففي الدقهلية وحدها أوقف 69 ألف فدان لخدمة المساجد وطلبة العلم وحفظ القرآن وبعضها على المدارس واليتامى والفقراء والمساكين.. فهل في عهود الاشتراكية واليسار تبرع أحد بمثل هذا.. وحجة هذا الوقف موجودة حتى الآن في مديرية أوقاف الدقهلية.

? وهذا الإمام مالك كان يضع الدنانير الذهبية في أطباق "الفالوذج"  أي المهلبية ويهديها إلى تلاميذه كي لا يحرجهم.. وأبو حنيفة كان ينفق على طلبة العلم من تجارته.. أما الشيخ الشعراوي فقد كان يوزع صررا ً من المال على الأطفال والكبار كلما خرج من بيته.. أو طاف بالكعبة حتى أنه أعطى مرة سفير ليبيا في السعودية صرة وهو لا يعرفه.

? وهذا م/ صلاح عطية الذي أقام فرعاً لجامعة الأزهر بقرية تفاهنا الأشراف وأنشأ مع آخرين أكثر من ألفي معهد أزهري.. وشارك في بناء معظم المستشفيات الخيرية في مدن الدلتا.

? وهذا ملياردير آخر لا يحب ذكر أسمه تبرع بثلث ماله كله لله.. فلا يدخل جنيه في مؤسسته إلا وأخرج ثلثه للفقراء والمساكين.

? وهذا الرجل أقسم أن ينفق على مليون طفل يحفظون القرآن حتى يلقي الله وقد قارب أن يحفظ على روحه مليون حافظ للقرآن.

? ما قيمة المال إذا لم يقم صاحبه بمراقبة الحق سبحانه فيه والإحسان إلى الخلق؟

? وهل يليق بنا ألا يكون بيننا رجل مثل "بيل  جيتس" الذي تبرع  بقرابة نصف ثروته لأعمال الخير وهو من أثرياء العالم؟!

? ما قيمة الأغنياء إذا شبعوا وجاع جيرانهم وبني وطنهم أو سعدوا وشقي أحبابهم.. لقد اشترى عبد الله بن عمار داراً من خالد بن عقبه بمبلغ كبير فلما كان الليل سمع بكاء أهل خالد فسأل عن شأنهم فقيل له: يبكون على فراق دارهم .. فقال : يا غلام اذهب إليهم وأعلمهم أن الدار والمال لهم جميعاً.. ومضي إلى حال سبيله.. فمضت القصة ومات أبطالها ولكن التاريخ مازال يسطر حروفها.

##
##

مقالات اخرى للكاتب

مصر تدين استهداف البنى الأساسية والمرافق الحيوية في مدينتى بورسودان وكسلا