لا شك أن حب الظهور غريزة تتفاوت قوتها من شخص لآخر..ولا شك أن انتشار كاميرات الفضائيات فى الشوارع بعد 25 يناير 2011 زاد من قوة هذه الغريزة لدى الكثيرين.....ولا أعتقد اننى أبالغ اذا ما رأيت أن الكثير من الأحداث التى وقعت فى مصر خلال السنوات الأخيرة ما كانت لتقع بالشكل الذى وقعت به لولا وجود الكاميرات التليفزيونية التى ادعى- وليصحح لى العلماء والمتخصصين-انها لعبت دورا كبيرا فى توجيه سلوكيات البعض .....وإن أنسى فلا يمكن أنسى مشهد من كان يقوم بإلقاء النار على المجمع العلمى ثم يتعمد الرقص مفتخرا أمام الكاميرا.....وبعيدا عن دور الكاميرات فى إذكاء أو خلق أو تمثيل- اختر ما شئت- الروح الثورية والسلوك الثورى فضلا عن دورها الذى لا ينكر فى تحديد حجم التجمعات ....إذ وضح وجود علاقة طردية بين عدد الكاميرات وحجم التجمعات فكلما زادت الكاميرات كبرت التجمعات وكلما زادث الكاميرات تفجرت مواهب الرقص والغناء
والمراقب المحايد لغريزة حب الظهور وبذل البعض الغالى والنفيس للظهور لبضع دقائق على اى شاشة تليفزيونية يكتشف وجود عدة أنماط. ....الأول من يجتهد ويبذل جهدا إضافيا للوصول إلى الميكروفون ومن ثم يتمكن من ( ممارسة الفتى) وقول ما يفتح الله عليه وتسعفه قريحته لقوله مهما كانت دقته فالمهم الظهور والكلام والفتى وإثبات انه (أبو عرام) أمام الزوجة والاولاد والحماة والجيران......
والنمط الثانى هو من يحب الظهور غير أنه لا يمتلك شجاعة الكلام أمام الكاميرا فيكتفى باحتلال أى موقع استراتيجى أمام الكاميرا دون أن يبدى أى اهتمام بما يجرى من أحاديث. ... وغالبا فأن أصحاب هذا النمط يحاولون إبداء تشاغلهم وعدم تعمدهم الوقوف والتصدر أمام الكاميرات باللجوء إلى حيلة الحديث فى التليفون المحمول وكأن المكالمة لن تتم إلا أمام الكاميرات( غالبا تكون المكالمات للأهل والأصدقاء يا تلحقونى يا ماتلحقونيش انا على التليفزيون افتحوا بسرعة)
والنمط الثالث هو المحب للظهور ولايرغب أو لم تتح له الفرصة للكلام ولكنه يريد أن يبرهن انه فاهم وانه ( أبو العريف) ومن ثم يتحول إلى الرجل الهزاز النشط زلزاليا أمام الكاميرا فما أن يبدأ أحد فى الكلام حتى يبدأ صاحبنا فى هز رأسه للاعراب عن تأييده وموافقته على ما يقال وأحيانا يكون الهز لتشجيع المذيع وكسب تعاطفه
والمراقب والمتابع لحب الظهور يكتشف أن بعض الشخصيات وصلت لأبعد مدى فى هذا الحب فتمكن منها.....هناك من تراه فى الصف الأول فى صلاة الجمعة المنقولة تليفزيونيا. ...وتراه هو نفسه يهتف الجيش والشعب والشرطة يد واحدة بعد أى تفجير ارهابى. ...وهو نفسه تراه يتقدم جنازات المشاهير.....بل إن أحد هؤلاء طبع بوسترات عليها صورته الضخمة وتحتها عبارة فلان الفلاني يبايع السيسى رئيسا لمصر.....للكاميرات سحرها واحكامها.