19 - 05 - 2025

العدد الورقـــــــي .. صفحة الاقتصاد

العدد الورقـــــــي .. صفحة الاقتصاد

الاقتصاد بين الإنجازات والتحديات في 100 يوم من حكم الرئيس

خبراء: قرارات السيسي الإصلاحية هي الأجرأ

توسيع قناة السويس أبرز الإنجازات.. وتخفيض الدعم أهم التحديات

 

 

 

محمد صبيح - سالي إسماعيل

 

رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يحذو حذو الرئيس الأسبق محمد مرسي في التعهد بتحسن الأوضاع الاقتصادية خلال وقت محدد، إلا أن المصريون انتظروا خطوات الرئيس خلال أول 100 يوم منذ توليه مقاليد السلطة وحلف اليمين كرئيسـًا للبلاد في 4 يونيو الماضي.

شهدت مصر خلال الـ100 اليوم التالية لتولي السيسي الحكم - والتي انتهت في الـ15 من سبتمبر الجاري -، حزمة من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية، التي وصفها الخبراء بأنها الأجرأ والأهم على مدار حقب رئاسية سابقة.

فيما اعتبر الخبراء أن تحسن الملف الأمني، يعد من أهم الملفات التى تساهم فى تحسن مؤشرات الاقتصاد وعودة الاستقرار الأمنى والسياسي مرة أخرى للشارع المصري.

إنجازات 100 يوم

لعل أبرز المؤشرات الاقتصادية خلال تلك الفترة، انطلاق المشاريع الكبرى، مثل إحياء مشروع توسيع قناة السويس وجمع تمويل القناة الـ60 مليار جنيه من مدخرات المصريين خلال 8 أيام فقط، فضلاً عن تنمية الساحل الشمالي الغربي وترسيم المحافظات.

كما استقبلت البورصة السيسي بارتفاع لمؤشرها الرئيسي إلى 105% وهو أعلى معدل ارتفاع منذ يونيو 2013،  بينما يشير رأسمال الأسهم المقيدة في السوق الرئيسي إلى قيمة إجمالية تبلغ 470.4 مليار جنيه، لتصل إلى 518.1 مليار جنيه، ليربح السوق نحو 47.7 مليار جنيه.

أما عن قطاعا التجارة والصناعة على مدار الـ100 يوم الماضية، فقد شهد القطاعين تحسنـًا ملحوظـًا، فيما شهد قطاع التجارة الخارجية تباينـًا ملحوظـًا فى العلاقات المصرية مع نظيراتها من الدول العربية والأجنبية، ومنها السعودية والإمارات، فحجم التبادل التجارى ارتفع ليصل التبادل التجارى بين مصر والسعودية إلى ما قيمته 5324 مليون دولار، إضافة إلى ارتفاع التبادل التجارى مع الإمارات بنسبة 40%.

كما أكدت مصر على موقفها باستمرار الاتفاقيات التجارية مع الدول المعادية لموقف الشعب المصرى والداعمة للإرهاب مثل تركيا وقطر، وتمكنت مصر من الدخول فى اتفاقيات جديدة مثل اتفاقية "بالى" بأندونيسيا، والاتفاقية التجارية بين مصر وبلاروسيا التى لا تزال قيد البحث حاليـًا.

كما تم افتتاح معبر "قسطل البرى" الذي يعد منفذًا جديدًا لصادراتنا إلى السوق السودانية، ومنها إلى السوق الأفريقية.

على جانب قطاع الصناعة، أقرت مصر قانون حماية المنتج المحلى الذى اعتبره رجال الصناعة نصرة للصناع المصريين، إذ يتيح لهم الدخول فى منافسة شركات القطاع العام فى المشتروات الحكومية ودعم المنتج المحلى. كما بدأت التنمية الصناعية بطرح أراضى صناعية جديدة بواقع 1496 قطعة أرض لطرحها للتخصيص لمن يرغب من المستثمرين لحل أزمة نقص الأراضى، كما أن أزمة نقص الطاقة فى مصر بدأت تتوجه نحو الحل.

ووصف عدد من رجال التجارة والصناعة الفترة الماضية بداية لتحقيق خارطة طريق اقتصادية تبدأ من الاستقرار الأمنى والقضاء على الإرهاب.

تحديات 100 يوم

من جهة أخرى، جاءت بعض التحديات الاقتصادية لتفرض نفسها، وأبرزها كان التصدي لعجز الموازنة والذي بلغ خلال العام المالي 2013/2014 نحو 240 مليار جنيه بما يعادل نسبة 12% من الناتج المحلي، والذي كان من المتوقع أن يصل إلى 292 مليار جنيه خلال العام المالي 2014/2015، مما دعا حكومة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، مواجهة عجز الموازنة من خلال تقليصه بواقع 10% من إجمالي الناتج القومي المحلي، من خلال الاتجاه نحو تخفيض الدعم وما ترتب عليه من ارتفاع أجور المواصلات العامة وكذلك ارتفاع أسعار جميع السلع بنسب تصل لـ30% - بحسب الإحصائيات الرسمية.

وبالرغم من استحسان عدد من خبراء الاقتصاد قرارات تخفيض الدعم، بما كانت تتحمله الموازنة العاملة للدولة من عبأ توفير كلفته، في ظل تردي الحالة الاقتصادية، وارتفاع عجز الموازنة لعدة عوامل على رأسها انكماش الحصيلة الضريبية بسبب انكماش الاقتصاد المصري من بعد ثورة 25 يناير 2011، وارتفاع فاتورة سداد فوائد الدين العام بسبب الانفلات السعري للفائدة على أذون الخزانة، إلا أنهم اختلفوا على آلية تطبيقها في إشارة منهم على أنها تمس بالأصيل الفقراء داخل المجتمع المصري والذي تمثل منظومة الدعم لديهم أحد أهم مصادر التمويل الغير مباشر والأمان.

وجاءت الخطوة الثانية من حزمة الإصلاحات الاقتصادية، تحقيق بعض التعديلات الضريبية التي تساهم في زيادة حصيلة الخزانة العامة للدولة، من خلال فرض ضريبة مؤقتة بنسبة 5% على من تزيد دخولهم عن مليون جنيه سنويـًا، لمدة ثلاث سنوات، كما شملت التعديلات الضريبة، فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية على تعاملات البورصة المصرية بواقع 10% من صافي الأرباح الرأسمالية التي تحققها المحافظ الاستثمارية داخل سوق المال المصرية وإعداد مشروع تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً عن ضريبة المبيعات.

بينما تمثلت الخطوة الثالثة في ترشيد الإنفاق العام، والتي أبدى الخبراء عدد من التحفظات على بعض القرارات التي صدرت فى ذلك الشأن منها تطبيق الحد الأقصى للأجور من أول راتب شهر يوليو الماضي، الأمر الذي اعتبروه قد يكون سببـًا في طرد الكفاءات.

تخفيض الدعم

من جانبه، استنكر الدكتور عبد المنعم السيد الخبير الاقتصادي ومدير مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، آلية تطبيق منظومة خفض الدعم التي مست الطبقة الكادحة من الشعب المصري، وأثقلت كاهلهم بمزيد من ارتفاع معدلات التضخم في الأسواق جراء رفع أسعار السولار وبنزين 80 التي ساهمت بدورها في رفع تكلفة النقل والمواصلات ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ الحكومة بعض الإجراءات الآمنة لتلك الشريحة العريضة من المجتمع المصري لتحميهم أثر خفض الدعم.

طالب الخبير الاقتصادي، ضرورة إصدار قانون لتحديد هوامش الأرباح، مستنكرًا بعض الممارسات الاحتكارية وحرية التجار في تحديد قيمة أرباحهم التي تتخطى الـ100% وقد تصل في الأزمات إلى 300%.

التعديلات الضريبية

قال الدكتور مصطفى شاهين عضو المكتب الفنى لرئيس مصلحة الضرائب وأستاذ المحاسبة بتجارة عين شمس، إن التعديلات الضريبية الأخيرة تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، مضيفـًا أنها أيضـًا ستحقق هدف مالي هام وهو توسيع القاعدة الضريبية وزيادة دخل الخزانة العامة من الحصيلة الضريبية.

أكد الدكتور ممدوح عمر رئيس الإدارة المركزية للبحوث بمصلحة الضرائب، على أهمية مشروع قانون القيمة المضيفة، لافتـًا إلى أن ضريبة القيمة المضافة لن تكون ضريبة مستحدثة تثقل كاهل المناخ الاستثماري، بل إنها البديل الأفضل لضريبة المبيعات الحالية والتي تواجه العديد من المشكلات في تطبيقها.

أضاف، أن ضريبة  القيمة المضافة ستضخ حلولاً كثيرة للعديد من المشكلات الاستثمارية التي تواجه المستثمرين في مصر، كما أنها ستساهم في زيادة دخل الخزانة العامة من الحصيلة الضريبية.

ترشيد الإنفاق

أكد الدكتور أحمد عبد الحافظ معين الخبير الاقتصادي، أن الحكومة خلال الـ100 يوم الأخيرة من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، اتخذت مجموعة الإجراءات الاقتصادية الجريئة، يأتي على رأسها قرار تطبيق الحد الأقصى للأجور، والذي إذا تم تطبيقه على كافة جهات ومؤسسات القطاع العام وقطاع الأعمال التابعة للحكومة، سيوفر على خزانة الدولة نحو 26 مليار جنيه سنويـًا.

تابع: أن الحكومة اتخذت مجموعة إجراءات تقشفية كبيرة من داخلها، مثل تخفيص إجمالي المخصصات لمصروفات الوزارات، تخفيض مخصصات البنزين ودراسة تخفيض بعض ميزانيات الهيئات والقنصليات الخارجية.

إجراءات تحفيزية

أكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أن الاقتصاد المصري سينتعش في أقل من سنتين في ظل مايقوم به رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، من جهود واضحة، لافتـًا إلى إن هناك اختلافـًا كبيرًا بينه وبين الرئيس السابق محمد مرسى.

تابع، عبده -  في تصريحات تليفزيونية - أن جهود السيسي خلال الـ 100 يوم الماضية منذ تسلمه مقاليد الحكم، أزهلت العالم، حيث إنه حقق مجموعة من الإنجازات الاقتصادية، مؤكدًا على أنه لم يقم فقط بتفقد الملفات كأي رئيس جديد ولكنه تحرك بشكل عملي نحو مسيرة التقدم فبدأ بمشروع قناة السويس الضخم مستعينـًا بـ59 شركة حفر لإنهاء المشروع في سنة واحدة فقط.

ازدهار الاقتصاد

أضاف أن الشعب المصري لاحظ التطورالسريع الذي يسعي إليه السيسي منذ توليه لرئاسة الجمهورية كتطويرالساحل الشمالي واستصلاح مليون فدان الخاصة بالاستصلاح والاستزراع، و3200 كيلو متر طرق جديدة، وهى طرق جديدة تخدم محافظات كثيرة فى مقدمتها الصعيد، وهو ما يسهم فى إنشاء قرى سياحية على البحر الأحمر تخدم أهالى الصعيد وتوفر فرص عمل لأبنائهم.

كما برهن عبده علي حب المصريين للسيسي بأنه عندما طلب من أبنائه المصريين تمويل مشروع القناة الجديدة لم يتأخروا، مضيفـًا أن كل ذلك يثير انتباه العالم الداخلي وللخارجي لمصر بعد أن اتهموها هي وشعبها بالفقر ويجعلهم يتعجبوا، لافتـًا إلى أن ازدهار الاقتصاد المصري كان بحاجة إلي متخذ قرار والسيسي جاء ليتخذ قرارته وينهض بمصر اقتصاديـًا.

تنشيط الاستثمار

وصف الدكتور صلاح الجندي الخبير الاقتصادي، فترة الـ100 يوم الأولى على حكم السيسي بأن كل ما جاء فيها إيجابي يأتي على رأسها محور توسيع قناة السويس واهتمام الرئيس بالحد الأدنى والأقصى للأجور فضلاً عن إنشاء الطرق، موضحـًا أن كل ما كان هناك عمل على الأرض بشكل جاد على مدى الشهور القادمة وكذلك السنوات سيجعل هناك تنافس وجذب مزيد من الاستثمار.

تابع: أن كل تلك الإيجابيات عبارة عن خدمات تجذب الاستثمار، ففي الـ100 يوم، كان هناك إنجاز ضخم في كل الاتجاهات وتنشيط للاستثمار، فضلاً عن توفير فرص للعمل.

منظومة الطاقة

أضاف الخبير الاقتصادي، أنه من ضمن تلك الإيجابيات تعديل منظومة الطاقة، لافتـًا إلى أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح أقل بكثير عن الفترة السابقة، وهو ما يحسب للرئيس في العمل على حل ازمة الكهرباء، فضلاً عن تعديل قانون المرور الأمر الذي أدى إلى تخفيف الازدحام، كما تم حل مشاكل البطاقات التموينية.

أكد أن كل تلك الخطوات، لها مردودها ايجابي على المنظومة الاقتصادية بشكل عام مستقبلاً، فكل ما كان هناك اهتمام زائد كلما سار الاقتصاد بشكل جيد، قائلاً إن تلك الأوضاع جاءت بعد حالة من عدم الإنتاج والإضرابات والاعتصامات.

فيما طالب الجندي، بالرقابة الجادة على الأسواق وخاصة التجار الجشعين، فالأسعار في مصر أقل بكثير من الأسعار بالبلدان الأخرى، ولكن تدخل طبقة التجار الجشعة تزيد من أعباء محدودي الدخل، مؤكدًا على أهمية بذل الوزارات المعنية بمراعاة محدودي الدخل، مزيد من المجهو خلال الفترة المقبلة.