برصد تاريخ( البانيه) فى مصر....متى دخل البانيه مصر وأين بدأ وكيف انتشر وتوغل وطغى....وهل اهتموا بدراسة اسباب انتشار( ثقافة البانيه) ومعها ( ثقافة البفتيك) ومن ثم تراجع ثقافة( الهبر) ومعها ثقافة (الفتة) فضلا عن تراجع ( المصمصة) بصورة واضحة لا تخفى على المراقب المحايد لموائدنا...
دفعنى لطرح هذه التساؤلات الاجابة النموذجية التى اسمعها من حرمنا المصونة عندما اسألها عن الاكل المتاح فتجيب بسرعة الصاروخ ( متبلة بانية....دقائق ويجهز) بالطبع فى كل مرة اتلقى فيها تلك الاجابة احمد الله واشكر فضله على رزقه لكننى لم استطع ان أمنع نفسى من (فلاش باك) يضعنى على طبلية امى رحمة الله عليها لاعيش مع فرخة بلدى كاملة المعالم والمعانى او ذكر بط جرى( تزغيطه) زرة وفول عدة ايام قبل نحره ويغازل كل من يجلس امامه او طبق كفتة مصنوعة من اللحمة الجملى والارز والبصل والبقدونس والتوابل وتم دقها فى ( الهون) النحاسى الاصفر بعد التفاهم مع الجيران
هذا الفلاش باك يجعلنى اقول لنفسى يالها من اجيال محرومة ....تلك الاجيال التى كبرت وتغذت ولحم اكتافها من اللحوم البيضاء او الدجاج الابيض ....تلك الاجيال التى لم تعد تتذوق الدجاج او الفراخ البلدى ولها عذرها....فهى لم تمارس لذة الاشتباك اليدوى المباشر مع ورك فرخة او صدرها....وحرمتها ثقافة البانيه من الاستمتاع بمصمصة رقبة فرخة كما حرمتها ثقافة البانيه من التسابق على اكل كبدة الفرخة فضلا عن الاستمتاع بحسائها او شوربتها....
تلك الاجيال الجديدة حرمتها ثقافة البفتيك كذلك من الاسمتاع بالتعامل الجاد والنشط مع الهبر والاسمتاع باللحوم ( الملبسة) التى تجمع بين البروتينات والدهون التى يحتاجها الجسم....ولم تعد هذه الاجيال تعرف التعامل مع العظم والمواسير وما تحتويه من عناصر غذائية شديدة الثراء....
وبالطبع لم تعد الاجيال الجديدة تعرف كلمة( مناب) او ما ناب وهو نصيب كل فرد على المائدة من العناصر الفعالة كاللحوم او الفراخ او البط..... وبالطبع لم يعد هناك من يقوم بهذا الدور والذى يتصدى بكل اقتدار لدكر البط او الديك الروم او الديك فقط فيقطعه اربا ويوزع على الحاضرين بالعدل والقسطاط.....مع مراعاة اعتبارات كثيرة منها السن ومدى المجهود المبذول وهل هو من اهل البيت والمائدة ام ضيف ينبغى اكرامه واجزال العطاء له.....غالبا كانت امى رحمة الله عليها تقوم بهذا الدور حيث تتحول فى ثانية الى طبيبة وعالمة تغذية فتعطى لكل منا ما يستحقه وما يحتاجه جسمه وما يجعله يقوم من المائدة وهو فى غاية الرضا والسعادة...
ايها ( البانيه) صحيح انك ارحت وصحيح انك تناسب عصرنا عصر السرعة وعصر الشاطر والمشطور أو الساندوتشات.....لكنك ايها البانيه اخذت منا الكثير والكثير ويكفى انك اخذت منا اللمة والمصمصة واشك ان احدا من الاجيال الجديدة يستطيع ان يفسر كلمة ( اوركنى واصدر نفسك )