25 - 04 - 2024

احتكار أمريكا للحرب على الارهاب

احتكار أمريكا للحرب على الارهاب

(مؤشرات)

ستظل جريمة تنظيم "داعش" الإرهابي بقتل 21 مصريا على بحر ليبيا عالقة في الأذهان، ولن تمحوها الذاكرة مهما طال الزمان، وسيظل مرتكبيها، ومن أيدوا ذلك، ومن مولهم مجرمين في عقول كل المصريين، كل مصري من 90 مليون مصري، بل كل عربي، وكل مسلم.

صحيح أن العملية العسكرية التي قامت بها القوات الجوية المصرية ضد مواقع "داعش ليبيا" امتصت ولو جزئيا جانبا من جبل الحزن في قلوب المصريين، الا أن الانتقام سيظل هاجسا لدى الجميع، ولن يموت مع دفن جثث ضحايا "مذبحة ليبيا"، والقول بأن الحل السياسي في ليبيا هو الطريق، قول في مجمله صحيح، ولكن في ثناياه غير دقيق.

الحل السياسي قد يكون مقبولا في حالات عديدة، ولكن لا يمكن ان يكون صالحا مع القتلة ومصاصي الدماء، وقاطعي رؤوس الأبرياء والعُزل، ومن هاجروا طوعا الى بلاد الله بحثا عن لقمة عيش، أو شربة ماء، وجنيهات لتسد رمق الأطفال، وتكسي التلاميذ في برد الشتاء، وتبنى منزلا يستر البنات قبل زواج الأبناء.

من قتل النفوس الطاهرة في مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن بدم بارد وبسكين مصنوع خصيصا لذبح شاة، لا يمكن التصالح معها، مهما طال الزمان، فسيظل الدم يطارهم، وسيظل القتل وشُرب الدماء من أهم طباعهم، ومن المحال أن تطمئن لمن قتل وكفّر، وحمل السلاح، وطلب الفدية، وخطف ودمر، وأحل ذبح "الأسير".

لقد كشفت التطورات السريعة التي سبقت جلسة مجلس الامن الأربعاء الماضي حول ليبيا، أن الولايات المتحدة الأمريكية، بالفعل هي صنيعة "داعش" ويهمها ان تبقى ليبيا والعراق وسوريا، في حالة فوضى، بل تريد لمصر كذلك، وتبين يقينا أنها لا تريد تحالفا يحارب الإرهاب تقوده دولة عربية.

الولايات المتحدة تريد تحالفات هي على قمتها، لتضع كل الخيوط في ايديها، لتحارب من تريد، وتغطي على من تريد، والاخرون يدفعون الفاتورة، واستراتيجيتها لا تستهدف القضاء على الإرهاب، بل يظل "البعبع" الذي يُرهب الدول العربية، والإسلامية.

وتجارب أمريكا واضحة في هذا الشأن فأفغانستان، وبعد 15 عاما مازالت العمليات الإرهابية ليل ونهار في شوارع المجن الأفغانية، والصومال تعيش نفس المأزق، و"بوكو حرام" لازالت تُشعل قنابل الوت في نيجيريا، والعراق يعيش واقعا مريرا، و"باراك أوباما" أعلن مؤخرا ان الحرب على داعش في العراق تحتاج الى سنوات.

وواضح أن الرهان الأمريكي يتركز على إطالة أمد الحروب لاستنزاف الجهد والمال العربي في حروب هي تريدها ويظل هاجس الخوف عربيا واسلاميا، وعندما تجرأت مصر ولوحت بتحالف يقوده الجيش المصري ضد الإرهاب، تحركت سريعا على المستوى الأوروبي للوقوف ضد تحقيق مثل هذا التوجه، حتى لا تظهر تلعب الدور الذي تريد الولايات المتحدة احتكاره في بقاع القرة الأرضية.

ولا تدرك الولايات المتحدة أن الثأر المصري لدماء ضحايا الوطن سيظل في قلوب المصريين، فدماء كل المصرين ليست رخيصة، فالجريمة البشعة التي ارتكبها زنادقة هذا الزمان بقتل 21 مصريا على ايدي التنظيم الارهابي "داعش" فرضت تحديات جديدة ليس على مصر وحدها بل على كل العالم العربي والاسلامي والدولي في التعاون للقضاء على جذور هذا التنظيم وكل مسانديه في العالم، وضربات خطوط الامداد، حتما روعي فيها أن مصر لن تتورط في مستقنع دماء ليبين أبرياء احتضنوا ملايين المصرين على مدى سنوات طويلة.

والمؤكد أن احتكار أمريكا للحرب على الإرهاب لن يطول كثيرا، فالرسالة للضربة المصرية وصلت لكل العالم، لتقول "مصر قادرة".

##

مقالات اخرى للكاتب

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقبرص تشارك في تذكار المذبحة الأرمينية





اعلان