29 - 03 - 2024

طارق عبد الفتاح يكتب: تصريحى الممنوع من النشر !

طارق عبد الفتاح يكتب: تصريحى الممنوع من النشر !

لم أكن أعرف أن تصريحاتي خطيرة بحيث تفزع منها جريدة كبيرة تدعى الجرأة والشجاعة والثورية! فقد اتصلت بي الزميلة الصحفية فايزة الهنداوي من جريدة التحرير لأعلق على عدم استعانة رئاسة الجمهورية بمخرجين من ماسبيرو , وإسناد الحديث الأخير للرئيس لمخرج إعلانات من الخارج , وقلت لها أن ذلك يعتبر إهانة كبيرة لكفاءات عظيمة داخل ماسبيرو , وأن الحديث بالشكل الإخراجي الذي قدم به يعد من أسوأ الأحاديث التي قدمت لرؤوساء مصر كلهم !واستطردت في شرح أن المخرج تعامل مع خطاب هام لرئيس جمهورية مصر بنفس منطق الإعلانات والكليبات الغنائية !

ورغم نشر تصريحي في جريدة التحرير الورقية الصادرة بتاريخ 24 فبراير ,الإ أن الجريدة سارعت باختزال تصريحاتي في الطبعة الثانية ! ثم تم حذف تصريحي بالكامل من العدد الإلكتروني ! والحقيقة أن هذا أكد لى ضرورة أن يحرص الرئيس على دعم الصحافة القومية والتليفزيون المملوك للشعب لأن ملكية وسائل الإعلام لرجال المال وبهلوانات الصحافة هو الخطر الأكبر على خطة الرئيس وعلى خارطة الطريق , فرجل المال فى النهاية يبحث عن تحقيق مصالحه الضيقة والتي لن تتوافق مع مصالح الوطن أبدا .

أما أذا كان المنع والحذف قد جاء بتعليمات عليا ,ولا أتمنى أن يكون كذلك فالكارثة أكبر , ومعناها أن مستشاري الرئيس لا يريدون له الإ أن يسمع ويرى ما يرونه هم ! والقضية تحيلنا إلى مناخ عام من الحريات يجب أن يتسع لا أن يضيق فعندما أرتفع شعار لا صوت يعلو على صوت المعركة كانت هزيمة 67 , والأمن لا يمكن أن يكون بديلا عن الحريات فمن يستبدل الأمن بالحرية لا يستحق ولا يحصل على أي منهما  والحقيقة أن  قانون منع التظاهر , والحبس الاحتياطي الممتد , ومنع برامج وإعلاميين بعينهم , مع هذا القانون الخاص بحق القاضي في عدم سماع الشهود ,  بالإضافة للأحكام الصادرة فى حق الشباب الثائر بالتوازي مع مهرجان براءة كل رموز مبارك ,كل هذا مناخ ربما يوحى لمن يملك خيوط كل هذا بأنه في مأمن وأنه مسيطر وأن لا خطر يتهدده , وهو نفس الإحساس الذي كان يتملك مبارك ودعاه لأن يصف المعارضة بأنهم يتسلون ! وهو نفس المناخ الذي أودى بحكم السادات وبحكم شاه إيران وهو نفس الإحساس الذي يتملك كل من تتجمع له وتتقاطع تحت أقدامه خطوط القوة في المجتمع .

ولكن الحقيقة أن هذا الإحساس خادع وساحر بشكل مخيف وغالبا ما يقود إلى نهايات مأساوية ودموية , أن أذرع الثورة المضادة من فضائيات خاصة وصحف خاصة تمارس اشد أنواع التضليل للمواطن ,وترتدي قناع ثوري زائف , وتدعى أنها صوت الثورتين 25 -30 يونيو , بينما هي أخطر أدوات تدمير ثورة 25 يناير ,ولكن شعب مصر ذكى جدا ويصعب خداعه , ولا يجب أن يفسر صمته , بأن الخدعة  انطلت عليه أو أنه تعب ! الحقيقة أنه يصبر ويتأمل ويمنح نفسه وحكومته وحكامه فرصة , ولكنه لم يعد كريما فى منح الكثير من الوقت , ولحظة تأكده التام بأن هناك استغفال واحتقار لذكائه ينتفض قالبا الطاولة على كل اللصوص والفاسدين والخادعين , ومن الأفضل كثيرا لمصر أن نتجنب فورة وثورة دموية لا نعرف مداها ولا حجم خسائرها بالعودة لقضبان 25 يناير وبتحقيق مطلبي العدالة الاجتماعية والانتقالية فى مناخ يدعم الحريات .

##

مقالات اخرى للكاتب

وزيرة الثقافة ومحافظ الجيزة يفتتحان الدورة 12 من معرض فيصل للكتاب





اعلان