"من أجل مصر وحبـًا لبلادي"..
إلغاء فائدة شهادات قناة السويس الـ12% يفجر أزمة ويربك حسابات الأفراد والمستثمرين
90% نصيب القطاع العائلى والأفراد من إجمالي الحصيلة منذ بداية الطرح
خبراء: الشهادة تمثل تعاقد بين المستفيد منها والبنك
سالي إسماعيل - محمد صبيح
فجرت تصريحات المستشار محفوظ صابر وزير العدل، حول إلغاء فائدة الـ12% على شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، حالة من التخوف لدى الكثير من الأفراد والمستثمرين بشكل عام، خاصة بعد أن أقبل العديد منهم على شراء الشهادات بمداخراتهم نتيجة ارتفاع العائد منها، حيث بلغ نصيب القطاع العائلى والأفراد نحو 90% من الحصيلة الإجمالية منذ بداية طرحها، بحسب تصريحات هشام رامز محافظ البنك المركزي.
رغم الزحام الشديد داخل أروقة أفرع البنوك الأربعة - الأهلي ومصر والقاهرة وقناة السويس - إلا أن المخاوف من إلغاء فائدة الشهادة أربك حسابات الوافدين لشراء الشهادات، فضلاً عن أنه ساهم في ارتفاع وتيرة القلق بين الأفراد الذين قاموا بشراء الشهادات بالفعل.
كان وزير العدل، قد طالب البنك المركزي بضرورة إلغاء فائدة الـ12%، وذلك حتى يكون الشعار "من أجل مصر وحبًا لبلادي".
ووصف صابر، شراء شهادات الاستثمار بأنها واجب وطنى على كل مصري، ويمثل سدادًا للدين من ضمن الديون المستحقة علينا تجاه مصر، وأضاف أن شراء الشهادات مساهمة رمزية منا لصالح الوطن.
كان البنك المركزي، قد أعلن أن حصيلة بيع شهادات استثمار قناة السويس في سادس يوم لطرحها من خلال 4 بنوك حكومية بلغت 6 مليارات جنيه لتصل حصيلة أول 6 أيام لبيع الشهادات إلى 39.5 مليار جنيه من أصل 60 مليار جنيه مطلوب جمعها من طرح الشهادات.
ومازالت البنوك تفتح أبوابها لاستقبال المزيد من الأموال، حتى يتم الوصول إلى الحصيلة المستهدفة للشهادات، والتى تبلغ نحو 60 مليار جنيه، وذلك لمواصلة أعمال الحفر بمشروع تطوير قناة السويس الجديدة، الذى يهدف لزيادة حجم التجارة عبر طريق ملاحى بحرى بين أوروبا وآسيا، وذلك عبر مساهمات من مواطنين مصريين تعود عليهم بالعائد، حيث إن شهادات استثمار قناة السويس تمنح فائدة سنوية نسبتها 12% لمدة 5 سنوات، ويصرف العائد كل 3 أشهر بالنسبة للفئات 1000 جنيه، ومضاعفاتها أما فئات الـ10 و100 جنيه فيصرف عائد تراكمى كل عام.
خبراء: الشهادة وثيقة تحفظ حقوق المستفيد في العائد وقيمة الفائدة
نفى إسماعيل حسن رئيس بنك مصر إيران، أن يكون ما تردد من إلغاء قيمة الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس الجديدة حقيقي، واصفاً تلك الدعاوي بالوطنية بما تحويه في داخلها من تجرد من أجل إتمام مشروع قومي حقيقي يصب في صالح الموازنة العامة لمصر مستقبلاً.
أضاف: لكن لا يمكن أن تدخل تلك الدعاوي حيز التنفيذ بعد أن تم إصدار الشهادات بقيمة الفائدة المذكورة 12% سنويـًا لمده 5 سنوات، وإذا كان بالفعل هناك توجه نحو إلغاء الفائدة سيكون من خلال وعاء إدخاري جديد يتم طرحه للأفراد والمؤسسات وليس على الشهادات التي تم طرحها بالفعل للمواطنين وتم التعامل عليها.
تابع: شهدت شهادات استثمار قناة السويس الجديدة إقبالاً جيدًا من الجمهور سواء أفراد أو مؤسسات دون تدخل البنوك حتى الآن، نظرًا للإقبال الكبير عليها، حيث تخطت الـ30 مليار جنيه في أسبوعها الأول.
قالت بسنت فهمي الخبير المصرفية، إنه إذا تم إلغاء قيمة الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس ستكون الأمور أشبه بعمليات "النصب" بعد أن يكون قد تم طرح الشهادات للجمهور بنسبة عائد محددة ويتم الإقبال عليها وفقاً لشروط محددة وقيمة فائدة محددة.
أرجعت سبب الإقبال الكبير على شهادات استثمار قناة السويس الجديدة إلى ما يحويه المشروع من مضمون قومي، استشعر المصريون أهميته لهم ولأبناءهم ما دفع العديد من المواطنين المساهمة فيه.
أضافت أن المجتمع المصري "نقدي" أي يفضل الاحتفاظ بالأموال لديه على أن يتعامل مع البنوك والمصارف، ومن ثم وبصدد الإعلان عن طرح الشهادات بالبنوك، اندفعت السيولة الراكدة خارج البنوك لدى أصحابها في الاستثمار في شهادات استثمار القناة.
ونفت الخبيرة المصرفية أن يكون لقيمة الفائدة المذكورة 12% ذلك الأثر الكبير في الإقبال على الشهادات الاستثمارية الخاصة بالقناة، لافتة إلى إنه هناك بنوك توفر أوعية إدخارية ذات عائد وقيمة فائدة أكبر من الفائدة المقدمة من شهادات استثمار القناة.
كما استنكر المستشار يحي الجندي الخبير الاقتصادي، أن تكون هناك دعاوي بمثل تلك الأفكار الغير القانونية لإلغاء الفائدة على شهادات استثمار القناة، لافتاً إلى أن شهادة الاستثمار بمثابة تعاقد بين المستفيد منها والبنك الذي أصدرها تحفظ حقوق المستفيد في العائد وقيمة الفائدة في حال حصوله عليها.
أشار الجندي إلى أن تلك الدعاوي هي دعوات وطنية مندفعة من أجل ما تحويه الشهادات من مضمون وطني وهو حفر قناة السويس الجديدة.
أرجع الإقبال الكبير على الشهادات إلى ما يحمله المشروع من أهمية حقيقية لمستقبل المصريين ومصر وإلى قيمة الفائدة العالية التي دفعت العديد من أصحاب الودائع إلى فك ودائعهم من البنوك واستثمار أموالها في شهادات استثمار القناة.
أضاف الجندي أن العديد من أصحاب المدخرات لا يمكنهم استثمار أموالهم وتحريكها في السوق بما يدفعهم للبحث عن أى وسيلة استثمار أمنة توفر لهم عائد وتحفظ أموالهم المدخرة دون وجود مخاطرة وهذا ما توفره شهادات استثمار القناة الجديدة.
قال المحلل الاقتصادي المصري صلاح جودة، إن المشروع سيحفز الاقتصاد ويزيد من دخل القناة من 5 إلى 10 مليارات دولار سنويـًا، وقد تصل لـ100 مليار دولار عند الانتهاء من كافة المشاريع. كما يستهدف المشروع توفير مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتشغيل المصانع وشركات المقاولات والأسمنت والحديد وغيرها.
تابع: أن المشروع يستهدف أيضا إقامة مشروعات بمدن القناة تتضمن مصانع لإنشاء الحاويات وأجزاء السفن، وتجميع الالكترونيات وغيرها، ما يجذب رأس المال الأجنبي، فضلا عن استثمارات أخرى لبناء شبكة من الطرق.
مواطنون: إلغاء الفائدة يفقد ثقتنا في الحكومة
في جولة لـ"المشهد"، لاستطلاع آراء المواطنين حول مدى تقبلهم لإلغاء نسبة الفائدة، عبر العديد منهم عن استيائهم من صدور قرار يشكل تهديد لثقة المواطنين في الحكومة وقراراتها، مطالبين الجهات المعنية بالتراجع عن مثل هذه القرارات وعدم التراجع عن هذه الفائدة تحت أي مسمى، مؤكدين أن العائد هو الدافع الأساسي لتحفيز المصريين نحو شراء تلك الشهادات إضافة إلى احساسهم بالمشاركة في عمل وطني.
قال أحمد المهدي عامل، إن تراجع الحكومة عن صرف الفائدة سيمثل عائق كبير ويقلل من ثقة المواطن في الدولة خاصة وأن هناك الكثير من المصريين الذين أقبلوا على شراءها نتيجة ارتفاع العائد منها، وقاموا بدفع الأموال التي ادخروها.
أضاف هشام محمد موظف، أن هذا الأمر من المستحيل تطبيقه نتيجة أن هناك شهادات موثقة بالفعل حصل عليها المواطنون عند الشراء وهذه الشهادات بمثتبة سند رسمي، ولطالما أنه تم جمع أكثر من نصف المبلغ المطلوب فلن تستطيع الدولة أن تتراجع عنها.
أكد ماجد السيد طبيب، أنه أقبل على شراء تلك الشهادات بسبب العائد المضمون منها، وإذا تراجعت الدولة عن هذه الفائدة سيكون من الصعب أن يستجيب المصريين مرة أخرى للدولة، مؤكدًا أنه إذا لم تكن الفائدة موجودة لأقبل المصريون على صندوق تبرعات تحيا مصر بدلاً من الشهادات التي فاق الإقبال عليها كل التوقعات.