23 - 04 - 2024

الشعب يريد بعض من التدليل

الشعب يريد بعض من التدليل

فى  العلاقات الأنسانية يحب  كل طرف أن يكون شخصا مدللا ، التدليل روح الطفولة التى تسكن  خبايا النفس ، قطع الحلوى والبالونات والاسماء المحببة ، طبقة الكريمة التى تجمل العلاقات و تخلق نوعا من الجاذبية وتفتح الشهية ، فالمرأة تحب دائما ن تكون كائنا مدللا حتى تحظى بالثقة والنعومة التى تنعكس فى علاقتها مع الآخرين ، التدليل ليس فعلا قاصرا على علاقة الأسرة بالابناء والزوج مع زوجته أو العكس والبنت ووالدها وكذلك الاصدقاء بل هناك نطاق رحب يسمى تدليل الشعوب  وهو علاقة الحكومات  مع المواطنين   .
 يوجد فى عالمنا شعوب تتمتع بالدلال والغنج تحاول الحكومات بكل الطرق السعى الى أرضاء المواطن باعتباره الخلية الأولى فى بناء المجتمع ، هذه الشعوب ينعكس عليها هذا النوع من الأهتمام  يظهر فى  طريقة التفكير وأسلوب التعامل ،لو تابعت الأخبار فى الصحف الأجنبية سوف تجد أخبارا رغم بساطتها ووقوعها فى خانة الأخبار المنوعة الا انها تؤكد منهج التدليل  المتبع فى المعاملة ..ففى اليابان مثلا نجحت احدى الشركات الزراعية فى أنتاج نوع من البيض بطعم ورائحة الفاكهة ؛ خبر آخر يقول
"أنتجت شركة بريطانية  أول آيس كريم مضيء من نوعه في العالم، وأصبح متاحاً للعديد من مشاهدي السينما"، ثم ننتقل الى عالم الفن
وخبر عن  متحف "برادو"، في مدريد، أحد أكثر المتاحف شهرة في أوروبا،  وأطلق أخيراً معرضاً خاصاً في أروقته، لفاقدي البصر،
ليستمتعوا بـ"لمس" اللوحات الشهيرة، التي طُبعت لهم خصيصاً بطريقة ثلاثية الأبعاد، ليستطيعوا رؤيتها من خلال لمساتهم، وننتقل الى هولندا لنندهش مع خبر " مدينة هولندية تخطط 7000 موقع تحت الماء والجزر العائمة  تصلح مرآب للدراجات التى تزداد شعبيتها فى هولندا والخبر يعرض صورة دراجة تكسوها الثلوج فى أحد المواقف المكشوفة"
عندما أتصفح مواقع الأخبار وتقع عيناى على  أخبار مشابهة  ينتابنى شعور بالغيرة نوعا ما والدهشة أحيانا وتثور فى رأسى الاسئله  التى تبدأ بكيف ولماذا ... هذه الأمور تعد ضربا من الخيال فى عالمنا العربى الذى انفردت أخباره بروائح الدخان  وصور الدم ومشاعر الغضب والعنف والأنتقام وباتت عاداتنا اليوميه أن نغفو ونصحو على أخبار الفواجع والمصائب  ، حال المواطن العربى حزين  لا يعرف الدلال وعندما يضحك يستعيذ من الشيطان ويقول "خير اللهم أجعله خير".
عالم النكات  لدينا ولد من رحم الازمات والأحزان  ، نوع من الفلسفة الساخرة حتى لا نموت كمدا ،.ربما  نوع من الهرمونات الدفاعية التى تخصنا وحدنا  ، نضحك حتى تتساقط الدموع ، مخزون من الكوميديا السوداء وملهاة المأساة .
مؤخرا دشن الشباب هاشتاج يسمى " هانضم لداعش " بعد ذيوع خبر أنضمام محمود الغندور الى صديقه اسلام يكن المصريان اللذان التحقا بداعش ،أغلب التغريدات جاءت  ساخرة تثير الضحك الا أنها تحتاج الى التأمل والتفكير لأنها  تجسد عمق الواقع وكل تغريدة تستحق أن تصبح عنوان مشكلة وبحث يستحق الدراسة  بل والعلاج فما هى الأسباب التى تدفع شبابنا وبناتنا للتفكير فى الانضمام لداعش اليكم بعض التغريدات " أنا ثانوية عامة ..هانضم لداعش " " مش لاقى انبوبة غاز ..هانضم لداعش "
" السجاير غليت .. هانضم لداعش " " لما يفتحوا روما هأكل بيتزا ببلاش ..هانضم لداعش " وأسباب اخرى مثل النت بطىء وانقطاع الكهرباء ...والسؤال متى يعيش الشباب حياة تناسب أعمارهم ومتى تتصدر الاخبار لدينا واقعا مختلفا شىء من البهجة  يعيد الى عالمنا البائس بعضا من الحيوية والتفاؤل لا نريد بيضا برائحة الفواكه ولا آيس كريم مضىء لكننا نريد حياة سوية كريمة ننال فيها قدرا من الاحترام ، نريد أن نخرج من دائرة العنف الى فضاء الرحمة والانسانيه ...نستجدى بعض من التدليل حتى نستطيع المواصلة  ولكى لا يتحول الهاشتاج الأفتراضى الى غير أفتراضى يوما ما.

مقالات اخرى للكاتب

كاتب بها آرتس يقول ما لا يمكن قوله : لقد هزمت إسرائيل هزيمة كاملة





اعلان