يا شيخ: طلب مني أحد زملائي في العمل مساعدته في تحضير دراسة لشهادة الدكتوراه في إحدى الجامعات الأمريكية، وذكر أمرا غريبا وهو أن كل دراسة تتم, فإن الجيش الأمريكي يطلع عليها ويشتريها من صاحبها إذا أعجبتهم، فسكت عن هذا الشيء وقدّمت مشورة وبعض التوجيهات له بخصوص الدراسة، لكنه بقي في نفسي شيء، وهو أنني كيف أسكت عن هذا الأمر، فلا تجوز إعانه الحربيين على حربهم على الإسلام وأن ذلك من تولّي الكفار إلى أن ذكر لي زميلي أنه ستتم الدراسة باستقلال عن الجامعة وذلك طمأنني، فهل سكوتي وتقديمي للمشورة يعتبر إقرارا؟ فالوضع اشتبه علي قليلا مع أنني كنت أظن أن هذا الأمر لا يجوز الإقدام عليه، وأنا الآن نادم على أنني لم أتكلم عن ما في داخلي.
الفتوى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدراسة التي يستفاد منها في العلوم العسكرية، ويتقوى بسببها أهل الحرب، لا يجوز تقديمها لمن يحارب المسلمين، لما في ذلك من تقوية شوكتهم وإعانتهم على أهل الإسلام، وهذا من أسوء مظاهر تولي الكفار، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 177135، ورقم: 117416.
ويبقى محل النظر في حال ما إذا كان الدارس المسلم سيستفيد منهم أكثر مما يفيدهم، وهو يقصد بذلك طلب العلم الذي يحتاجه المسلمون لينفعهم به، فمثل هذا يكون له حكم خاص، ويحتاج إلى موازنة شرعية بين المصلحة والمفسدة ويكون الحكم حينئذ للغالب منهما.
وأما بالنسبة للسائل: فقد ذكر أن الوضع قد اشتبه عليه! ونرجو أن يكون عذره في الغفلة أو العجلة ونحو ذلك، وأنه لم يتعمد إقرار ما فيه إعانة للكفار على المسلمين، وعلى أية حال، فليستغفر الله تعالى مع ندمه على سكوته، ولينتبه لمثل ذلك في ما يستقبل، فإن ذلك يكفيه إن شاء الله.
والله أعلم.