19 - 05 - 2025

هل الديمقراطية هي الحل السحري ؟

هل الديمقراطية هي الحل السحري ؟

81606

الروائي الراحل عبدالرحمن منيف طرح هذا التساؤل في كتابه : الديمقراطية أولا .. الديمقراطية دائما !

"يجب أن نبادر إلى التأكيد على أن الديمقراطية ليست مجرد نصوص وأشكال ، أي ليست المجالس واستفتاءات 99 % كما أنها ليست صورة واحدة أو ثابتة فهي تختلف من مكان إلى آخر ومن مرحلة إلى أخرى لكن جوهرها السياسي الآن يتلخص في حق الفرد والمجتمع معا في الحرية والمساواة والحق في التعبير والمشاركة ، والحق في اختيار شكل النظام ورموزه ، والحق أخيرا في تعديله أو تغييره .

هذه الحقوق التي هي حصيلة نضال طويل للمجتمعات والبشر والتي تلخصت بمواثيق وبشرائع والتي أقرت في الدول العصرية بما فيها الدول العربية ومهرت بتواقيعها واختامها هذه الحقوق التي تعتبر بديهة أو أساسية بالنسبة إلى بلدان كثيرة لا تحظى في بلداننا وأنظمتنا ومؤسساتنا بأي احترام او التزام بل أكثر من ذلك إن هذه الحقوق التي تشكل الحد الأدنى بالنسبة إلى مجتمعات كثيرة يتم التراجع عنها في بلداننا سنة بعد أخرى عهدا بعد آخر بحيث أصبح الانسان العربي في المرحلة الحالية في حالة من العبودية الكاملة أو شبه الكاملة وأصبح هذا الانسان يمتهن ويذل بل ويقتل أيضا من دون أبسط شرط من شروط الدفاع عن النفس أو حتى الاحتجاج ..

ما المطلوب إذن ، إزاء وضع مثل هذا هو الإقرار بالحقوق الأساسية حقوق الانسان وممارسة هذه الحقوق عمليا وفعليا وبناء المجتمع والمؤسسات والعلاقات على أساسها لكن ذلك كما ذكرنا ليس سهلا أو ميسورا لأن فاقد الشيء لايعطيه وكذلك سالبه ولذلك فإن بناء الديمقراطية يتطلب نضالا لاهوادة فيه ويتطلب أكثر منذ لك اقتناعا لايتسرب إليه أي شك ويتطلب أخيرا ممارسة يومية من أجل خلق هذا المناخ .

المناخ يعني تغييرا حقيقيا يعني الاعتراف بالآخر يعني التعامل معه ولذلك فإن النضال من أجل الديموقراطية هو وسيلة وغاية في آن واحد إذ بمقدار مايعني فهم الآخر والتعامل معه يعني أيضا الوصول معا إلى شروط جديدة وأفضل والديموقراطية تصبح غاية باعتبارها الصيغة المتطورة والرحبة والقادرة على استيعاب حاجات الانسان الجديدة بكلمات أخرى تعتبر الديموقراطية أفضل صيغة بالنسبة إلى أي طرفين أو لأية أطراف الحاكم والمحكوم القوي والأقل قوة الذي يملك والذي لايملك لأن مجرد الاعتراف بالآخر ومحاورته خلق شرطا جديدا وهذا الشرط هو الافضل والأكثر أمنا لأنه بغياب هذا الشرط نجرد المجتمع من أهم ميزاته ومن أهم مؤشراته وتصبح كل الأشياء بعد ذلك نتيجة الصدفة أو القوة أو المفاجأة .

هذا الدرس يجب أن يستوعبه الذين يحكمون الذين يملكون والذين بأيديهم القوة قبل الآخرين لأن الحكم لايدوم ولان الملكية قوة مؤقتة ولان القوة كثيرا ما تتحول ضد صاحبها ومن هنا تبدأ العقلانية ويبدأ التعامل ضمن منطق يتجاوز القوة الغاشمة أو المفاجأة ويتجاوز الصدفة أيضا .

الديموقراطية إذن ليست حلا سحريا ، إنها المناخ أو الوسط الذي يرسخ العقلانية ويسمح بمناقشة كافة القضايا تمهيدا للوصول إلى أفضل الحلول وهي الصيغة التي تخلق توازنا تفرضه موازين القوى من دون إلغاء الآخر وهي التي تساعد على الانتقال الهادئ والمتدرج والمنطقي وهذا مايجب أن يفهمه الجميع بوضوح فإذا لم يفهم أو لم يقبل فسوف يكون الثمن غاليا وربما فاجعا أيضا " .

The post هل الديمقراطية هي الحل السحري ؟ appeared first on IslamOnline اسلام اون لاين.