25 - 04 - 2024

"مصر وداعش".. ثأر سياسى واغتيال اقتصادى

4 ملايين جنيه فاتورة مبدئية لمواجهة الإرهاب

- "السياحة.. الاستثمارات.. البطالة.. التضخم.. التصنيف" تحديات قائمة

- "العمالة الوافدة.. المساعدات الخارجية.. القمة الاقتصادية" أبرز المخاوف

- هل أخطأت مصر في ضرب "داعش" قبل أيام من قمتها الاقتصادية؟

تنوعت ضحايا تنظيم "داعش" ما بين ذبح للرؤوس الأمريكية واليابانية، حرق للأجساد الأردنية حيـًا، حتى وصلت ضرباتهم إلى الأراح المصرية، بعد ذبح 21 من أبناءها، في مشهد اهتزت له القلوب، في كل الأحوال ذبحت الضحايا التي تم أسرها نهاية العام المنصرم.. ولكن ماذا بعد؟.

الستار لم يستدل عند هذا المشهد، فقد اتخذت مصر قرارًا عسكريـًا بضرب معاقل "داعش" في ليبيا، وهو ما قيل أنه ردًا على "المذبحة"، الضربات الجوية لاقت التأييد كما لاقت الرفض وكذلك المخاوف.. مخاوف منبعها اقتصادي بحت، كيف لدولة وصف رئيسها شعبه بـ"الجعان" تتخذ خلال ساعات قرارًا بالحرب؟، ربما لديها دوافعها، وربما أيضـًا الحسابات.

وماذا عن المستقبل الاقتصادي، الواقف على بعد خطوات من حافة الهاوية؟، قد يكون الأمل في قمة مارس، المزمع إقامتها فى مدينة شرم الشيخ، ربما تكون الضربة العسكرية مقابل وعود خفية لدعم الاقتصاد!، كما قد يكون نابع من ثأر الدولة لذاتها بغض النظر عن النتائج.. جميعها احتمالات محتملة.

خسائر سريعة

في أول رد فعل سريع للضرية المصرية، تكبدت البورصة المصرية خسائر تقدر بنحو 15.7 مليار جنيه، خلال يومين فقط، مما يشكل عائقًا أمام تدشين استثمارات جديدة داخل السوق المصري، وهو في أشد الحاجة لها.

ما بين مؤيد للضربة، من أجل كرامة وهيبة الدولة، معتبرها الخطوة الأولى لمواجهة الإرهاب، رافضا ربطها بتأثر الاقتصاد، وكذلك تصنيف مصر الائتماني، وأخر آبدى تخوفه من جر البلاد إلى أجواء الحروب، شق فريق ثالث طريقه محذرًا من خطورة الأوضاع الحالية على نجاح المؤتمر الاقتصادى، واصفين إياها بالضربة القاصمة.

أهداف الضربات

الغارات الجوية، محليـًا حققت أهدافها سواء بـ"الثأر" لذاتها، وربما باستعادة "هيبة الدولة"، لكن الخبراء يعلمون أن القصف الدقيق الذي يصيب مكانـًا بعينه حددته استخبارات مسبقة يحتاج إلى "قنابل ذكية" أو طيار مغامر يقصف من علو منخفض -وما حدث مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة" معروف-، وهو ما لا يتوافر، فى سلاحى الجو المصري وكذلك الأردني الذي سبقه في قصف مواقع "داعش"، ربما أنقذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي، برفضه دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتدخل عسكري دولي في ليبيا، مصر وجيشها من الوقوع في فخ "داعش"، وما تبعه من آثار قد لا تتحملها البلاد في الوقت الراهن، بل ويعيدها إلى أجواء الحروب التي لا نهضة اقتصادية في ظلها، وربما كما يذكر التاريخ، يكون الرفض بداية لتحقيق حلم صهيونى بمزيد من الفوضى وهو فى الأصل هدفهم.

المشهد الراهن يعيدنا إلى حرب الخليج الأولى في التسعينات، وهي الحرب التي نشبت بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988، تاركة وراءها نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، كما أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة.. وتاريخ الحروب معروف نتائجه سواء اقتصاديـًا أو سياسيـًا.

جذب الاستثمارات

بلا شك أن جر مصر إلى "حرب" سيعكس آثارًا سلبيـًا على الاقتصاد هو في غنى عنها، خاصةً في ظل التحديات التي يواجهها تلك الفترة الحرجة، يأتي في مقدمتها تباطؤ انخفاض معدلات التضخم، وتراجع عائدات السياحة، كذلك معدلات بطالة تقدر بنحو 12% ، فضلاً عن النمو السلبي للاقتصاد، وتراجع احتياطي العملات الأجنبية، الذي وصل إلى 15.43 مليار دولار نهاية يناير الماضي، بعد أن كان يقدر بنحو 36 مليار دولار قبل "25 يناير"، إضافة إلى تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.. وسط الحاجة الملحة إلى جذب استثمارات، أضف عليهم ضرورة استيعاب مليون و200 ألف وافد مصري من ليبيا والذين يحولون لمصر ما يتراوح بين 20 إلى 33 مليون دولار سنويـًا، وفق دراسة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، صدرت في أغسطس الماضي.

وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن مصر في حاجة إلى استثمارات أجنبية مباشرة تقدر بنحو 60 مليار دولار، أي ما يتراوح بين 10 و15 مليار دولار سنويـًا للوصول إلى معدلات نمو تبلغ 5% بحلول 2018 .

وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر خلال العام المالي الماضي نحو 4 مليارات دولار فقط، وهو ما يعادل ثلث الاستثمارات في 2008.

نظرة تفاؤلية

نحو خطوة للتفاؤل، كشف تقرير أعدته مجلة إيكونوميست، المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، أن هناك أمورًا تدعو للتفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد المحلي، أبرزها اهتمام المستثمرين في العالم بالإصلاحات التي اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه المهمة، وفي مقدمتها الإصلاحات المتعلقة بدعم الطاقة في 2014، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات ساهمت في تقليل عجز الموازنة إلى 12%، بينما توقعت المجلة تراجع العجز في الموازنة إلى 10% خلال العام الحالي.

لكن التقرير ذاته، أكد أن الحكومة غير قادرة على تقليل فجوة الاستثمارات، حيث بلغ الدين العام نحو 86% من الناتج المحلي الاجمالي، بالإضافة إلى أن الدعم وأجور القطاع الحكومي وكذلك خدمة الدين مازالت تلتهم أغلبية الموازنة.

4 ملايين جنيه

أيـًا كانت الآراء، بطائرة من النوع إف 16، البالغ سعرها 18.8 مليون دولار، وبقنابل من طراز "مارك 82" أمريكية الصنع، والتي تصل تكلفة الواحدة منها حوالي 2000 دولار، استهدفت مصر مواقع "داعش" بمدينتي درنه وسرت الليبيتين، إلى جانب ضربات موجهة بالليزر، وقدرت تكلفة الطائرة للنفط في الساعة بـ22.514 ألف دولار.

ساعتين ونصف الساعة، هي المدة التي استغرقتها العملية بأكملها، منذ انطلاق المقاتلات وحتى عودتها لقواعدها مرة أخرى، ووفقـًا للبيانات التي كشف عنها الخبراء وموقع الشركة المصنعة للطائرة، فإن تكلفة الضربة على مصر - والتى تمت بواسطة 8 مقاتلات حربية - بلغت 546.280 ألف دولار، تعادل 4 ملايين و160 ألفـًا و322 جنيه.

القمة الاقتصادية

المشاركة في أعمال المؤتمر الاقتصادي، وما سيتبعه من فاعليات لجذب الاستثمار وخلق فرص عمل هو الرد العملي على الإرهاب".. وفق ما رآه أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، قائلاً: إنه تلقى العديد من المكالمات من نظرائه رؤساء اتحادات الغرف العربية والأوروبية عبروا خلالها عن حرصهم دعم الاقتصاد المصري مؤكدين أن مثل الممارسات التي يتعرض لها العديد من دول العالم وليس مصر وحدها لن تكون عائقـًا أمام ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر والتي أصبحت بالفعل أفضل مكان ممكن يحقق عائد اقتصادي خلال الفترة المقبلة.

اتفق معه في الرأي، هشام إبراهيم أستاذ الاستثمار بجامعة القاهرة، قائلاً إن تلك الضربات لن تؤثر على المؤتمر الاقتصادي، لافتـًا إلى أنه يوجد مؤامرات تحاك ضد دولة مصر لإضعاف وضعها الاقتصادي والسياسي، لذلك يجب أن يشارك كل مواطن مصري في عملية التنمية، ومساندة الدولة.

نهاية الإرهاب

أكد الدكتور معتز رسلان رئيس المجلس المصري للتنمية المستدامة، أن الأوضاع قبل 4 سنوات تختلف عن فترة ما بعد "25 يناير"، حيث كان أي حادث يؤثر على استثمارات المنطقة، لكن في الوقت الراهن مع انتشار الارهاب في مختلف دول العالم أصبح هناك تفهم للأوضاع، موضحـًا أن ما يحدث نحن نتوقعه كرجال أعمال وكمستثمرين، فكلما ازداد الإرهابيون وحشية، كلما تأكدنا من اقتراب النهاية.

"هناك مخطط تجاه الدول العربية لقلب المنطقة العربية".. بحسب ما يراه الدكتور تامر ممتاز سلامه عمييد الاقتصاديين الأفارقة، موجهـًا رسالة إلى الجميع بأن القمة الاقتصادية هي مؤتمر حياة لجميع الدول العربية وليس مصر فقط.

مؤسسات التصنيف

في الوقت الراهن، لن يكون لها أى تأثير جوهرى على تقديرات المؤسسات الدولية، ومؤسسات التصنيف بالنسبة للاقتصاد المصرى، فلا تزال المؤسسات تنتظر تبعات الضربة الجوية المصرية على ليبيا، تبعـًا لرؤية عمرو حسنين، رئيس شركة "ميريس" في الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني.

بينما اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي عمر الشنيطي، تقليل الدعم الخليجي طبيعي، قائلاً: "منذ البداية كان موقف الخليج واضحـًا بتوجيه دعم محدود، ليس إلى ما لا نهاية، وأن الاتجاه العام لدول الخليج كان عدم الاستمرار في توجيه الدعم المباشر وتغيره في شكل استثمارات، خاصةً بعد أزمة انخفاض عوائد النفط.

كما توقع الشنيطي، ألا يساهم المؤتمر الاقتصادي في الدفع باستثمارات يمكن أن يكون لها تأثير كبير في السوق المصري، قائلاً: "سيحضر المستثمرون العرب، وستكون هناك مذكرات تعاون وصفقات اقتصادية، ولكن جدولها التنفيذي لن يكون سريعـًا بسبب مشاكل المناخ الاستثماري في مصر.

ضربة موجعة

ما حدث من "داعش" ليس بجديد فقد حدث من قبل مع أمريكا واليابان وغيرها.. لذا كان من الأفضل عدم التصعيد بهذه الصورة - وهو ما أكده خبراء - خاصةً وأن الاقتصاد المصري يعاني من مؤشرات متدنية في كافة المجالات ومعدلات نمو بطيئة بل واستثمارات تراجعت كثيرًا خلال سنوات ما بعد "25 يناير" نتيجة الأوضاع غير المستقرة، إضافة إلى إعادة تشكيل خريطة مساعدات الدول العربية لاقتصادنا بسبب "أسعار النفط".

بعيدًا عن الحسابات، ومن منظور اقتصادي مجرد، فإن ما حدث سيشكل ضربة موجعة للاقتصاد، خاصة وأننا على أبواب "الاستثمارات"، وهو ما رآه البعض بأنه قد يكون مخطط لتدمير مصر واقتصادها، بينما رآه آخرون عامل محفز لمواجهة الإرهاب وبناء مناخ استثماري جاذب.. اختلفنا أم اتفقنا ستكون هناك آثارًا سنجنيها جميعـًا عاجلاً أم آجلاً!.

##






اعلان