24 - 04 - 2024

فكر يبدع و عمل يرفع

فكر يبدع و عمل يرفع

ان حصول الدول العربية على استقلالها لم يتأت من فراغ بل كان نتيجة وعي بالمصير، و شعور بنكبة الامة و اذلال الشعوب ، و استعبادها على اراضيها ونهب خيراتها، فكان لزاما على القيادات و الشعوب رسم هدف واحد و هو تحرير الارض و طرد المستعمر.
ان ايمان الشعوب العربية بقضاياها العادلة و تقرير مصيرها بنفسها جعلها تخوض اكبر حروب و تقدم ملايين الشهداء في سبيل التحرير و التحرر، تحرير الارض من المغتصب و تحرر الفكر و الضمير من الهيمنة الفكرية الامبريالية. و رغم مقاومته الشرسة ،فقد عجز المستعمر عن وأد الحلم العربي و رجع يجر وراءه اذيال الهزيمة و الخيبة.
و هكذا حلّت ساعة الخلاص و بدأت ساعة العمل بعد ان تخلصت الشعوب من ازمات الحيرة و الشك فانتصبت قائمة حالمة، قائمة من كبوات الماضي و مخلفات المستعمر البغيض و حالمة بمستقبل واعد.
نعم لقد هبت الدول العربية المحررة الى عملية الاعمار و البناء فنجحت في تغيير حالها اعتمادا على امكاناتها و على سواعد ابنائها الذين هبوا لبناء اوطانهم بكل عزم و حزم وتفان فبنوا و اقاموا و افلحوا فحصدوا و حاولوا فنجحوا .
ان التاريخ سجل مآثر هؤلاء و مزاياهم علينا اليوم، لقد علمونا حب الاوطان و الذود عنها و زرعوا فينا الكرامة و الكبرياء و اشعرونا بقيمة الاعتزاز بالنفس و التعويل على الذات.
لقد زخر العالم العربي في ذلك العهد بأبدع الادباء و المفكرين و امهر البنائين و المهندسين و ارقى الفنانين و المبدعين ، فكان "عصر النهضة" نهضة شاملة ارتقت بالإنسان العربي و ساهمت في رفعته و نضج تفكيره و نبل اخلاقه و سموه و عليائه. فعلم ان الادب رسالة وان الفن نضال و عزة و خير دليل على ذلك الراحلة ام كلثوم التي اقامت الحفلات في البلدان العربية و غيرها ليس لجمع المال و تكديسه بل لتوحيد العالم العربي و رص صفوفه و شراء الاسلحة لنصرة بلدها و شعبها على العدو و تحرير الارض المغتصبة ، و الامثلة كثيرة و القائمة تطول من اولئك الذين احبوا الاوطان و ناضلوا من اجلها و اخلصوا في خدمة الشعوب و افنوا اعمارهم من اجل قضاياها ، فهل نسج العرب على منوال اولئك العظام و استفادوا من تركاتهم و هل بقي النظام العربي قويا و متماسكا في الفترات اللاحقة؟
لاشك ان النظام العربي قد ضعف و اخترق منذ تاريخ 12 اوت 1992 حين استدعيت القوات الاوروبية للاعتداء على بلد عربي و الانقضاض عليه عوض البحث عن حلول عربية –عربية لتطويق الخلاف و ايجاد مخرج للازمة. و لعل هذا الامر  قد خلق ارتباكا في الاداء السياسي العربي مما جعل الثقة تتآكل شيئا فشيئا بين الحكومات العربية و شعوبها. فهل تنجح الانظمة العربية ما بعد الثورات في تقليص الهوة بين الانظمة و الشعوب و هل تنجح في وضع حد لاستهداف الدول العربية من قبل الغرب؟
ان الضامن لذلك هو عودة الوعي و الضمير للشعوب العربية، و قراءة واقعها قراءة سليمة، و عدم الانخداع و الانجرار وراء "الكذبة الكبرى" التي تمثلها "داعش" و "القاعدة" و "جبهة النصرة" ... لأنها موازية "للفتنة الكبرى".
 

مقالات اخرى للكاتب

العرب بين ماض متوازن و حاضر مغتصب





اعلان