29 - 03 - 2024

فساد الخصخصة..و زمن مبارك

فساد الخصخصة..و زمن مبارك

فى 1500صفحة صدر مؤخرا كتاب "دور مجلس الدولة فى كشف الخصخصة الفاسدة ومخططات بيع مصر"الكتاب للمسشار حمدى ياسين عكاشة وهو القاضى الذى أصدر أحكام القضاء الإدارى ببطلان عقود بيع عدد من شركات القطاع العام بعد ثورة 25يناير،وكان الحكم الأول بطلان عقد بيع شركة عمر أفندى الذى صدر بعد الثورة بأربع شهور ومنح الناس الأمل فى ان الثورة ستؤتى ثمارها فلن تتحقق الحياة الكريمة والعدالة إلا بعد كشف الفساد ومحاسبة المسئولين واسترداد أملاك الشعب وان لم يحدث ذلك فهى العدالة فى توزيع الفقر والبؤس.

وتلى صدور حكم بطلان عقد بيع شركة عمر أفندى صدور أحكام أخرى ببطلان بيع شركان المراجل البخارية،وطنطا للكتان،وشبين الكوم للغزل والنسيج ،والنيل لحلج الأقطان والعربية للتجارة الخارجية.

واشهد –من خلال عملى فى حملات صحفية كشفت فساد الخصخصة وماقبل الخصخصة-ان هذه الشركات وغيرها من الشركات التى تم "تخسيرها ونهبها"قبل بيعها لم تعدم وجود الشرفاء بين عمالها الذين أخذوا على عاتقهم مهمة كشف الفساد من خلال مد الصحفيين بالمستندات ،ومد نواب بمجلس الشعب بمستندات وشهد المجلس مناقشة الكثير من الاستجوابات حول فساد الخصخصة تقدم بها نواب مستقلون ومعارضون انتهت بتكليف الجهاز المركزى للمحاسبات تشكيل لجنة تقصى حقائق لمراجعة عقود بيع شركات قطاع الأعمال وكشف التقرير بالفعل الفساد وإهدار المال العام

وبيع الشركات بثمن بخس والتفريط فى حقوق العمال ..ولكن لم يؤدى التقرير الى تغيير أو محاسبة أو محاكمة ..ماكان يحدث هو التنكيل بالعمال الشرفاء بشتى الصور وحرمانهم من الترقيات ومن الحقوق المالية ووصل التنكيل إلى الفصل.

ومن خلال المتابعة لملف الخصخصة لاحظت التالى كلما تم كشف فساد مسئول فى هذه الشركات كلما تم تمكينه أكثر وربما نقله البى شركة أهم لأنه اثبت كفاءة فى "تخسير الشركة"فكان الهدف الذى يسبق البيع هو "التخسير"ليكون هناك مبرر قوى للبيع  .

تضمن الكتاب وثائق ودلائل على ماوصفه المؤلف المستشار حمدى ياسين عكاشة "أكبر عملية تجريف الإقتصاد"وهو ما وصفه الكاتب الراحل سعد الدين وهبه "النهب الثالث لمصر "رغم انه لم يشهد سنوات البيع ولكنه عاصر صدور قانون قطاع الاعمال الذى أعطى الغطاء القانونى لكل ماتم من تخريب ونهب للقطاع العام.

تقرأ فى الكتاب 158مبدأ قضائيا لمحكمة القضاء الإدارى تتعلق بالخصخصة ،أهم هذه المبادئ حق اى مواطن فى اقامة دعوى قضائية ضد بيع الشركات .

ولايفوت المؤلف التعرض لدور أمريكا والبنك الدولى فى برنامج الخصصة ،وينتقد عدم تنفيذ حكومات مابعد ثورة يناير للأحكام التى صدرت بعودة ست شركات الى الدولة وإلغاء عقود بيعها نافيا ان يكون لذلك أثر على مناخ الإستثمار مميزا بين المستثمر الجاد والمستثمر المتورط فى فساد أو مستفيد منه ،ومؤكدا ان الحماية الدولية –حال اللجؤ للتحكيم- تسقط عن العقود التى تمت بطريق الفساد والرشوة.

ومن بين الاحكام التى صدرت ببطلان عقود البيع والعودة لملكية الدولة -وتوقفت عندها -الحكم الخاص بعودة شركة طنطا للكتان  وهى الشركة التى تأسست عام 1954 كأكبر قلعة صناعية فى الشرق الأوسط بقرية ميت حبيش البحرية بطنطا على مساحة 311فدان وتضم 10 مصانع تنتج أكثر من نصف إنتاج الكتان فى العالم ،وانتهى بها الأمر الى البيع لمستثمر سعودى عام 2005 اى بعد نصف قرن من تأسيسها تم بيعها ب83مليون جنية وبالتقسيط على ثلاث سنوات رغم ان الدولة قيمتها ب211مليون جنية عام 1996 وكان هذا التقييم وقتها ايضا أقل من أسعار السوق ب2مليار جنية لان الدولة قدرت وقتها الأرض ب120 جنية.

تسلم المستثمر الشركة ارض -75فدان-ومصانع و1200عامل على أن يلتزم بالحفاظ على العمال وعدم إستغلال الأراضى إلا فى أغراض الصناعة ..ولكن لم يلتزم المستثمر ودخل العمال فى إعتصام هو الأطول فى تاريخ الإعتصامات 13 شهرا وانتهى بفصل عمال عادوا بحكم قضائى ،وبضغط شارك فيه للاسف إتحاد العمال ووزارة القوى العاملة تم إجبار العمال على المعاش المبكر وخرج 569عاملا وصرف مبلغ من 25-50 ألف جنية والتصالح فى الدعوى التى أقامها العمال ضد المستثمر واثنين من المسئولين والتى صدر فيها حكم بالحبس سنتين ضد المشكو فى حقهم لإنتهاكهم حقوق العمال وعدم صرف رواتبهم والإعتداء على حق الغير فى العمل.

وفى  21سبتمبر 2011 قضت محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة ببطلان عقود بيع شركات طنطا للكتان وشبين الكوم للغزل والنسيج والنصر للمراجل البخارية وقضت ببطلان أى عقود أو تسجيلات بالشهر العقارى لأى اراضى تخص الشركات الثلاثة وبطلان كل الإجراءات منذ إبرام العقد وحتى نفاذه واسترداد الدولة جميع الأصول .

هذا الكتاب وماتضمنه من أحكام ووثائق يؤكد فساد زمن مبارك ..وفى انتظار زمن محاكمة من افسدوا ونهبوا وباعوا الشركات بأبخس الأثمان وعقدوا صفقات مشبوهة ..محاكمة دعاطف عبيد رائد الخصخصة الذى ثار وهاج عندما تحدثت د.فائقة الرفاعى –وكانت عضو مجلس شعب معين برلمان 2005-عن الفساد ومايدفع تحت الطرابيزة فى صفقات بيع الشركات مؤكدة ان مناخ الفساد يطفش المستثمر الجاد ,كان ذلك فى إجتماع اللجنة الإقتصادية هاجم عبيد د.فايقة وطالبها بتقديم الدليل وإلا تكون متهمه بتشوبه النظام،وتم معاقبتها بعدم إختيارها مجددا فى حين ان غيرها ممن هم أقل كفاءة تم إختيارهم لعدة دورات لانهم يعرفون كيف يصمتون ومتى يصفقون؟

هذا هو زمن مبارك للمتباكين عليه والمتمنين عودته الله لاترجعها أيام.

##

مقالات اخرى للكاتب

أنا وانت والمناخ | الموضة المستدامة





اعلان