01 - 05 - 2024

قاوموا دوافع الانتحار

قاوموا دوافع الانتحار

كل عملية انتحار هي مأساة شخصية تنهي حياة الفرد قبل الأوان ويمتد تأثيرها بشكل كبير إلى حياة الأسر والأصدقاء والمجتمعات.

في عالمنا هذا يموت شخص واحد منتحراً كل 40 ثانية. ومن هنا، فالانتحار يمثل قضية من القضايا العامةالتي تؤثر على مجتمعات ومقاطعات وبلدان بأكملها.

ما هي أسباب الانتحار؟ لماذا ينهي هذا العدد الكبير من الناس حياتهم كل عام؟ هل هو بسبب الفقر؟ البطالة؟ انهيار العلاقات؟ أم هو بسبب الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية الخطيرة الأخرى؟ هل الانتحار نتيجة لفعل متهور، أم أنه نتيجة تعاطي موادمعينة كالكحول أو العقاقير؟

لا يوجد عامل واحد يكفي لتفسير سبب وفاة شخص منتحراً: فالسلوك الانتحاري ظاهرة معقدة تتأثر بعدة عوامل يتفاعل بعضها مع بعض- عوامل شخصية واجتماعية ونفسية وثقافية وبيولوجية وبيئية.

يخلّف الانتحار أعداداً ضخمة من الضحايا؛ إذ يلقى ما يزيد على 800 ألف شخص حتفهم كل عام جراء الانتحار الذي يحتل مرتبة متقدمة بين أهم أسباب الوفاة على مستوى العالم. وهناك مؤشرات على أنه مقابل كل شخص بالغ مات منتحراً كان هناك أكثر ما يزيد على 20 شخصاً آخرين حاولوا الانتحار.

وكما هو الحال مع كل مشكلة أو أزمة؛ تتحمل البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل معظم العبءالناجم عن عمليات الانتحارعلى الصعيد العالمي، ويقعما يقدر بـ75? من جميع حالات الانتحارفي هذه البلدان.

ويأتي الشباب من بين الفئات الأكثر تضرراً؛ ففي الوقت الحالي، يعد الانتحار ثاني أهم أسباب الوفاة في الفئة العمرية 15-29عاماًعلى الصعيد العالمي.

قد تبدو منطقتنا وبلداننا على جداول البيانات أقل تعرضاً للانتحار. هذا على السطح فقط،آ  نظراً لغياب البيانات الدقيقة والأرقام الدالة وأحياناً لعدم الرغبة في تصديق واقعة الانتحار. غياب يفسرهآ  بالتأكيد ما يحيط بالسلوك الانتحاري من تحريم وتجريم ووصم يجعل الأهل والأقارب يتكتمون مآسي الانتحار ومحاولاته فلا تعرف لها دفاتر المسؤولين سبيلاً.

وقد عرفنا حالات لمشاهير انتهت حياتهم بطرق ظل تفسيرها يتراوح بين القتل والانتحار مثل حادثة مصرع الفنانة سعاد حسني التي سجلتها السلطات البريطانية كواقعة انتحار فيما رفض الوعي الجمعي المصري تصديق ذلك المصير لنجمتهم المحبوبة. وينسحب هذا الرفض على حالات كثيرة لأهل وأصدقاء فجعوا في انتحار أحبائهم، فتحصنوا بالرفض والامتناع عن الإبلاغ ومن قبله تغاضوا عن طلب المعونة لمن بدا عليهم بوضوح السلوك الانتحاري، في حين يحتاج من حاولوا الانتحار وكتبت لهم النجاة رعاية نفسية واجتماعية متواصلة تردعهم عن تكرار المحاولة. لذا فإن رفع مستوى الوعي المجتمعي وكسر المحظورات من الأمور الضرورية للوقاية من الانتحار.

وفي حين تتأكد العلاقة بين الانتحاروالاضطراباتالنفسية ، فهذه الاضطرابات ليست مسؤولة. وتشمل عواملالخطر الأخرىانهيارالقدرة على التعامل مع ضغوط الحياة الحادة أو المزمنة، مثل المشاكل المالية وآلام المرض المزمنة. كما ترتبط حالات العنف القائم على نوع الجنس وانتهاك الأطفال ارتباطاً قوياً بالسلوك الانتحاري.

ويقع العديد منحالات الانتحار بشكل متهورفي لحظات الأزمة، وفي هذه الظروف،تحدد سهولة الحصول على وسائل الانتحار-مثل المبيدات الحشرية أوالأسلحة النارية-ما إذا كان الشخص سيعيش أو سيموت.

ويمكن للممارسات غير الملائمة في التقارير الإعلامية أن تضفي إثارة وتمجيداً على الانتحار وتزيد منخطر"تقليد" المنتحرين بين الأفراد القابلين للتأثر. وتعتبر الممارسات الإعلامية غير ملائمة عندما تقوم، على نحو غير مبرر، بتغطية حالات انتحار المشاهير،أو تعلن عن الأساليب غير العادية في الانتحارأو الانتحار الجماعي، أو تعرض صوراً أومعلومات عن وسيلة الانتحارأوتطبيعالانتحارباعتباره استجابة مقبولة للأزمات أوالشدائد.

وقد تورطت بعض مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في التحريض على السلوك الانتحاري وتسهيله. كما يمكن لأشخاص بمفردهم أن يبثوا بسهولة الأفعال والمعلومات الانتحارية غير الخاضعة للرقابة.

إن الذين يتحدثون عن الانتحار إنما يصرخون للحصول على المساعدة أو الدعم. كما أن عدداًآ  كبيراً من الذين يفكرون في الانتحار يعانون من القلق والاكتئاب واليأس ويتعرضون للعنف والانتهاك والألم وربما يشعرون أنه لا يوجد خيار آخر. وكلها عوامل خطر باتت للأسف واسعة الانتشار في المجتمع وهي مسؤولة عن زيادة محاولات الانتحار بين أفراده.

وقد حان الوقت للتحلي بالوعي وإيلاء هذه الظاهرة الاهتمام الكافيآ  كما أزف الوقت للتخلي عن الخرافة التي تزعم أن الناس الذين يتحدثون عن الانتحار لا يقصدون القيام بذلك.

نقاط هامة وأسئلة عديدة تكفل بطرحها ومحاولة الإجابة عليها تقرير عالمي جديدآ بعنوان "الوقاية من الانتحار ضرورة عالمية".

آ 

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان