31 - 12 - 2025

فقه الحروب (6/6) | الحدود الأمنية الزرقاء!

فقه الحروب (6/6) | الحدود الأمنية الزرقاء!

الأمن القومي لدولة يشبه في مكوناته سلسلة حبات في عقد تتساند فيما بينها.. فإذا انفرطت حبة، توالي سقوط باقي مكونات العقد.

كنت أري دائما الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر في مفهوم الأمن القومي المصري، وارتباط ذلك بالموقع الإسترتيجي الهام لمنطقة القرن الإفريقي في الحافة الجنوبية للبحر الأحمر سواء كعمق إستراتيجي للقوات البحرية المصرية في الإتجاه الإستراتيجي الجنوبي (كما اتضح في حرب أكتوبر 73)، أو كموقع حاكم بالقرب من منابع النيل .

وقد بنيت هذا التقدير علي أساس أن أي محاولة لوضع تعريف علمي ملخص ومبسط لأمن البحر الأحمر، لن يخرج عن مجمل الأستراتيجيات أو الخطط أو الإجراءات التي تتخذها أو تمتنع عن اتخاذها دول المنطقة وحلفاؤها ويكون من شأنها أن تؤثر أو تهدد أمن وسلامة الدول والشعوب والمنشآت والممرات والمضايق والخلجان والجزر الحاكمة في منطقة البحر الأحمر أو مداخله ومخارجه، أو تحول دون تحقيق المصالح القومية والحيوية للمنطقة أو المناطق التي تؤثر عليها أو تتأثر بها .

وقد كان رأيي دائما هو أهمية السعي لإنشاء تجمع للدول المطلة علي البحر الأحمر، تتنوع اهتماماته ما بين إقتصادية (إستغلال مشترك للثروات، الدراسات والأبحاث وتوجيه الإستثمارات)، و أمنية (مراكز إستطلاع مبكر، تحديد المخاطر، هيئة لرؤساء الأركان، تبادل المعلومات.. إلخ) ..

وبعد كل ما حدث للدول المطلة علي هذا البحر الهام، يتضح أن أصابع مختلفة كانت تعمل طول الوقت للحيلولة دون ميلاد أي تنظيم إقليمي أمني، ولذلك تمزقت الصومال، وانهارت اليمن، وجاء دور السودان كي تنضم لهذا الفريق ..

إلا أن كل ذلك لا يعني شطب "حدود الأمن الأزرق" لمصر،  والتي يحتل فيها البحر الأحمر أهم المواقع.
------------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية الأسبق


مقالات اخرى للكاتب

فقه الحروب (6/6) | الحدود الأمنية الزرقاء!