المقدمات تؤدي إلى نتائج .. واعتراف إسرائيل المشبوه بإقليم أرض الصومال "دولة ذات سيادة" سبقته تحركات وصفقات خفية خلف الستار بين حكومة الاحتلال والإقليم لعدة أشهر ماضية قبل الإعلان المريب الذي أثار إدانات من دول عربية وإسلامية ودفع المجتمع الدولي إلى عقد جلسة طارئة بمجلس الأمن لمناقشة الوضع وامتصاص حالة الغضب التي اجتاحت الشرق الأوسط جراء ما يمكن أن تسفر عنه هذه الخطوة الشيطانية من تداعيات شديدة الخطورة تدفع ثمنها القضية الفلسطينية ويتحمل تبعاتها آلاف الأبرياء من شعب يواجه الموت والفناء يوميا وسيناريو التهجير المخيف.
اتصالات سرية قادها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر وجهاز الاستخبارات "الموساد" ومستشار الأمن القومي السابق تساحي هانيجبي، لتمهيد الطريق نحو الاعتراف بإقليم أرض الصومال، وتبادلت إسرائيل وأرض الصومال زيارات الوفود الرسمية، أبرزها زيارة رئيس إقليم أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله إلى تل أبيب خلال الصيف الماضي، حيث التقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزيري الخارجية والدفاع ورئيس الموساد .. وأفضت المناقشات النهائية إلى الاعتراف الرسمي بأرض الصومال في أكتوبر الماضي، فيما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن أرض الصومال طلبت مهلة للاستعداد، مشيرة إلى ضرورة التأهب لأي تحركات محتملة من قوات الحوثي في اليمن ردا على انفصال إقليم أرض الصومال الذي في يفتح أبواب جهنم على مستقبل الملاحة الدولية ومفاتيح باب المندب الذهبية.
انتفض البرلمان الصومالي فور إعلان الاعتراف ليحذر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في جلسة طارئة من أن هذا المخطط يرقى إلى مستوى عدوان سافر على سيادة واستقلال وسلامة أراضي ووحدة شعب جمهورية الصومال ويفتح شهية الجماعات المتشددة والحركات الانفصالية لالتهام مناطق بعينها بما ينذر بنقل حروب إسرائيل في الشرق الأوسط إلى الصومال وإقامة قواعد عسكرية تستخدم لمهاجمة دول مجاورة، فضلا عن عواقب أخرى قد تظهر في طريق "إقليم أرض الصومال" برماله المتحركة الغادرة!
طوفان من عبارات الشجب والاستنكار وبيانات الإدانة انطلقت موجاته في أروقة الجامعة العربية والبرلمان العربي ومنظمة التعاون الإسلامي تنديدا بالإعلان الإسرائيلي الكارثي وصولا إلى عقد مجلس الأمن جلسة عاجلة لمناقشة الوضع والاستقرار على صيغة عملية وسريعة لإجهاض الصفقة .. وحتى هذه اللحظة، اتفق الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالإجماع على اعتماد موقف موحد إزاء "الإجراء الإسرائيلي غير القانوني" حفاظا على الأمن والسلم الإقليميين .. ولم يتجاوز المشهد مستوى الرفض الرسمي والدبلوماسي إلى حد اتخاذ إجراءات رادعة لهذا المخطط الإسرائيلي الذي يهدف في جوهره إلى فتح ملف تهجير الفلسطينيين مجددا بحثا عن أوطان بديلة والقضاء على حلم الدولة المستقلة .. وما "إقليم أرض الصومال" إلا لغم جديد تزرعه إسرائيل في حقل "الدعارة السياسية" والمتاجرة بمصير ومستقبل شعب بأسره!.
-----------------------------
بقلم: شريف سمير






