افتتحت دكتورة فينوس فؤاد وكيل اول وزارة الثقافة والدكتور محمد حماده مدير عام الآثار في القاهرة التاريخية معرض "الزخارف والكتابات الإبداعية" وهو المعرض الـ22 للتصوير الفوتوغرافي للطبيب الفنان محمد الديب استشاري جراحة عظام بمستشفيات التأمين الصحي ووزارة الصحة ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لفنون الأرابيسك والمشربية، وحضر الافتتاح نخبة من الفنانين التشكيليين المبدعين.
يضم المعرض أكثر من 80 عملاً فنيا تعكس في مضمونها عنوان المعرض وتبرز الجماليات المعمارية والزخرفية في القاهرة التاريخية والتراث الإسلامي والقبطي ومن الحضارة الفرعونية ويستمر حتى الثلاثاء 30 ديسمبر الجاري،
وقال الفنان د. الديب أن أعمال المعرض قراءة في جماليات الكتابات والزخارف في التراث المصري التي تتنوع بين البعد التصويري الرمزي في العصور الفرعونية والبعد التجريدي الزخرفي في العصور والقبطية الإسلامية.
ولفت إلى أن المصري القديم اعتمد على أربعة خطوط رئيسية (الهيروغليفية، الهيراطيقية، الديموطيقية، والقبطية)، واستلهمت الهيروغليفية رموزها من البيئة المصرية (طيور، نباتات، أدوات)، مما جعلها فناً بصرياً يجمع بين القيمة اللغوية والجمال الفني، وهي "كتابة مقدسة" تُنقش بدقة على جدران المعابد والمسلات لتخليد الأحداث والطقوس الدينية.
وأضاف: تميزت الكتابة بالنسب الجمالية الرشيقة والالتزام بخطوط أفقية ورأسية منظمة، مع استخدام التماثل والتكرار كعناصر زخرفية، وبتوازن هندسي، واستُخدم ورق البردي والحجر كأوعية للكتابة، ومواد فنية مما أضفى لمسة جمالية خاصة من خلال الحفر البارز والغائر والألوان الزاهية.
ومن جماليات الكتابة في التراث الإسلامي، أن الخط العربي في مصر تحول من مجرد وسيلة لنقل المعرفة إلى "فن بصري" رفيع له خصائصه الجمالية.
واعتمد الفن الإسلامي على مرونة الحرف العربي وقابليته للمد والتدوير، مما سمح بإنشاء تكوينات زخرفية معقدة على واجهات المساجد والمخطوطات.
وبرزت جماليات الفنون الإسلامية في "المصاحف المذهبة" والمزخرفة التي تعكس براعة الخطاط المصري في دمج الخط مع الزخارف النباتية والهندسية وبالتذهيب والزينة
وشاع استخدام الخط الكوفي (بأنواعه المزهر والمورق) وخط الثلث في تزيين العمارة المملوكية والفاطمية، وظهرت الكتابات بوضوح على التحف المعدنية والأسلحة والحشوات الخشبية.
وتميز الخط الإسلامي بالقدرة على ملء الفراغ وتحقيق التناغم البصري، وهو ما يربطه فلسفياً بجماليات الحضارات المحلية القديمة التي اهتمت بتوثيق الهوية عبر الفن.
ونشأت الفنون والخطوط الإبداعية القبطية وفقا لظروف عصرها فالجمال أصبح شيئاً ثانويا عند الفنان القبطي وارتبطت بالروحانيات فقط ولذلك فقد لجأ الفنان منذ البداية إلى استخدام الرمز ليعبر عن أفكاره ومعتقداته وكذلك التعبير عن الشخصيات الدينية المقدسة بخطوط جمالية في كل صورة بصرية.
وتتميز جماليات الزخارف في الفنون الفرعونية والإسلامية والقبطية بتنوعها، حيث يعتمد الفرعوني على الرموز الطبيعية والدينية (مثل قرص الشمس والعقاب)، والقبطي على استمرارية هذه الرموز مع إضفاء طابع روحي مسيحي (الأيقونات) متأثراً بالفرعوني، بينما يركز الإسلامي على التجريد الهندسي والنباتي والكتابي لملء الفراغ وتجنب تجسيد الكائنات، مع وجود تأثيرات قبطية وفرعونية في بداياته.
واستخدام الفنان المصري عناصر طبيعية ودينية كرمز للحماية والحياة الأبدية مثل العقاب، زهرة البشنين، قرص الشمس المجنح، وتمثيل الآلهة والملوك بأوضاع محددة ومثالية لا واقعية، مع التركيز على الكمال الأخروي، مع قواعد صارمة في الرسم والتكوين، مع إظهار خصائص طبيعية حية (مثل الإوز).
وقال الديب: ركز الفنان المصري على شخصيات دينية (المسيح، العذراء، القديسين) بهالة، مع إبراز المعنى الروحي على الواقعية المفرطة، وتطور الأيقونات من الرمزية إلى الواقعية (المسيح يحمل خروفًا ثم السيدة العذراء)، مع التنوع في الزخرفة الإسلامية باستخدام هندسية (النجوم والمضلعات)، نباتية (الأرابيسك)، كتابية (الخط العربي)، وآدمية/حيوانية (في بعض الحالات).
ويمثل الفن الزخرفي القبطي يمثل يجمع بين الجذور المصرية القديمة والروحانية المسيحية، مع اقتباس عناصر من الفن الإسلامي لاحقاً، مما يعكس الهوية المصرية الفريدة.










