"ندرك تمامًا أن قضية الدّيْن العام وخدمة الدّيْن في مصر لم تعد مجرد أرقام تُتداول في تقارير اقتصادية، بل أصبحت سؤالًا مشروعًا لدى المواطنين عن القدرة على الاستمرار وحدود الاحتمال فى ظل ضغوط معيشية متزايدة".
هكذا بدأ الدكتور مصطفى مدبولى مقاله عن الديون فى مصر بعدما تعالت صرخات المصريين وتساؤلاتهم، وبعدما اكتشف أن لقاءه الأسبوعى مع الصحفيين ليس كافيا للإجابة على كل التساؤلات التى تدور فى بال المواطن البسيط.
ولكنى بكل أسف بعدما قرأت مقال د. مصطفى مدبولى المنشور على صفحة رئاسة مجلس الوزراء عن الديون المصرية لم أخرج منه بأى رؤية واضحة سوى أن هذه الديون التى كبلت مصر كانت نتيجة لظروف عالمية مثل الكورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وليست نتيجة المشروعات الكبرى وحدها، وانتقاده الآراء التى تتجاهل أن مشروعات البنية الأساسية لا تُقام باعتبارها مشروعات ربحية، بل كاستثمارات تُخفض تكاليف الإنتاج والنقل، وترفع إنتاجية العمل، وتزيد القيمة الاقتصادية للأصول، وهي شروط لا غنى عنها لتحسين التعليم، والصحة، وخلق فرص عمل مستدامة.
وتناسى الدكتور مدبولى أن تكاليف الإنتاج والنقل لم تنخفض بدليل ارتفاع الأسعار المستمر ، وأن التعليم والصحة أصبحا عبئا على كل الأسر المصرية بكل ما يحيط بهما من استنزاف لميزانية الأسرة بما يفوق قدرات وإمكانيات كل الطبقات الاجتماعية.
واستمعت إلى حوار دكتور حسن الصادى أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة مع رانيا بدوى عن الديون والذى تم بثه بعد نشر المقال، ففهمت أن كل إيرادات الدولة لا تكفي لسداد فوائد الدين الداخلي والخارجي، فما بالك بـ أصل الدين؟ وأن هناك ما هو أخطر من ذلك، فكل استحقاقات أصل الدين تُسدد ببيع أصول الدولة، وأن مبادلة الديون تعني اقتصاديًا شيئًا واحدًا : عدم قدرة الدولة على السداد.
وأن الدائن لا يأخذ من أصول الدولة إلا أفضل ما فيها، فهو يأخذ أحسن الأراضي، وأفضل المواقع، وأكثر المشروعات ربحية. فمن حقه أن ينتقى ما يحلو له طالما سيدفع المقابل.
وشاهدت حلقة للمحامى خالد ابو بكر وهو المحسوب على إعلاميي الدولة، وحديثه عن معاناة الناس بجميع طبقاتها بداية من الطبقة الفقيرة المقدمة وصولا إلى سكان الكومباوندات وطبقة الإيليت.. ولم أفهم هل تحول خالد ابو بكر إلى المعارضة الوطنية، أم أنه مجرد بالونة اختبار لمعرفة مدى رضا الناس عن الأوضاع الاقتصادية، أم يتم استخدامه لرفع الغطاء المكتوم قليلا لتفريغ شحنات الغضب؟!
لا أدرى لماذا قفز إلى ذهنى فيلم "العتبة الخضراء" وأنا أشاهد حوار خالد عباس رئيس شركة العاصمة الإدارية مع شبكة سى إن إن الذى ذكر فيه أن المباني الحكومية بالعاصمة الإدارية مملوكة للشركة، وأن هناك عقد إيجار طويل الأجل مع الدولة تصل مدته إلى 49 عاما، تدفع بموجبه الدولة نحو 6 مليارات جنيه سنويا مقابل إيجار هذه المباني.
ولم أفهم سر هذا اللغز
فمن يؤجر لمن؟ ولماذا ؟
ومن أين تأتى الحكومة ب 6 مليار جنيه سوى من جيوب المواطن الغلبان، ولماذا تستأجر الحكومة مقراتها فى العاصمة الإدارية وهى صاحبة (مِلك) وتمتلك مقرات فى مواقع فريدة تعرضها للبيع واحدة تلو الأخرى، ولماذا تستأجر مقراتها من شركة تتبع للدولة، وإذا كنا نعرف أن هناك فرقا بين الدولة والحكومة، فلماذا تكبل هذه الحكومة الحكومات التالية لها على مدار 49 عاما بإيجار هذه المقرات، وهل ستزداد قيمة الإيجار بمرور السنين أم أنها ثابتة، ولماذا لم تشتر الحكومة مقراتها فى العاصمة بالتقسيط بدلا من استئجارها بهذا المبلغ الضخم.
وأين تذهب هذه الإيجارات وغيرها ؟
ولماذا لا تدير شركة العاصمة اقتصاد مصر طالما لديها هذه القدرة على الربح والانجاز ..
ولم أفهم حتى الآن
ما هو السر فى استمرار هذه الحكومة
رغم كل هذه الكوارث ..
وهل من حقنا أن نسأل متى ترحل هذه الحكومة وينعم الله علينا بحكومة تعيد للناس ثقتها فى الاقتصاد الوطنى.
------------------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم






