21 - 12 - 2025

سفير سلطنة عُمان: اللغة العربية ركيزة أساسية لصون الهوية وبناء المستقبل الحضاري

سفير سلطنة عُمان: اللغة العربية ركيزة أساسية لصون الهوية وبناء المستقبل الحضاري

احتفلت سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة  بـ«اليوم العالمي للغة العربية»، بحضور عدد من الدبلوماسيين والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي العربي، وذلك في إطار حرص السلطنة على تأكيد مكانة اللغة العربية ودورها المحوري في صون الهوية الحضارية للأمة.

وفي كلمته خلال الاحتفال، أكد عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن احتفاء السلطنة بهذه المناسبة يأتي انطلاقًا من اعتزازها العميق بتاريخها اللغوي والحضاري، باعتبارها موطن الخليل بن أحمد الفراهيدي، أحد أعلام العربية الكبار، وبما يعكس ارتباط الشعب العُماني بلغته باعتبارها وعاءً للقيم الإنسانية وذاكرةً للتاريخ الثقافي، ورمزًا أصيلًا للانتماء والهوية.

وأوضح السفير أن اللغة العربية شكّلت عبر التاريخ العُماني كيانًا حيًا نابضًا في وجدان المجتمع، وإرثًا متجذرًا لم ينقطع حضوره عبر الأجيال، بل امتد جغرافيًا مع حركة العُمانيين إلى مناطق متعددة، ولا تزال بصماتهم اللغوية شاهدة على ذلك، خاصة في شرق إفريقيا. وأشار إلى أن تجربته الدبلوماسية، لا سيما خلال عمله في المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف، عززت قناعته الراسخة بالصلة الوثيقة بين اللغة والهوية، ودفعته للإسهام في ترسيخ الاحتفاء الرسمي العربي باليوم العالمي للغة العربية.

وفي سياق متصل، لفت الرحبي إلى أن التحولات العالمية الراهنة، وما تشهده بعض العواصم الغربية من مراجعة لمفاهيم العولمة وتغييب الخصوصيات الثقافية، تؤكد سلامة الرهان على الدفاع عن الهوية الحضارية، وفي قلبها اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، باعتبارها عنصرًا حاسمًا في الحفاظ على الذاكرة التاريخية والخصوصية الثقافية للشعوب.

وشدد السفير العُماني على أن اللغة العربية تستحق بذل مزيد من الجهد لصونها وتعزيز حضورها في المؤسسات التعليمية، والخطاب الثقافي، ووسائل الإعلام، وفي تفاصيل الحياة اليومية، بما يضمن نقلها عبر الأجيال دون أن تفقد قدرتها على إنتاج المعرفة وصناعة العلم وإبداع الأدب الرفيع.

وتطرق الرحبي إلى التحديات التي تواجه اللغة العربية، محذرًا من أطروحات تُحمّل الهوية العربية والإسلامية، وفي مقدمتها اللغة، مسؤولية بعض الإخفاقات الراهنة، متسائلين عن جدوى التمسك بها في عصر العلم والتقانة، ومؤكدًا أن هذه الرؤية تتجاهل حقيقة أن الصراعات العالمية المعاصرة باتت ذات أبعاد ثقافية ولغوية، حيث أصبحت الهوية اللغوية عنصرًا رئيسيًا في علاقات الشعوب، وهو ما أشار إليه المفكر صامويل هنتنجتون في تحليله لطبيعة الصراعات في عالم ما بعد الحرب الباردة.

وأكد أن اللغة تمثل الحاضن الأول لتراث الأمم وتاريخها وحضارتها، وأساس بناء مستقبلها، محذرًا من أن فقدان اللغة يعني بالضرورة تراجع الحضور الحضاري لأي جماعة إنسانية. 

وأكد السفير على أن انعقاد الاحتفال في رحاب متحف الحضارة يمثل إعلانًا واضحًا عن الإيمان بمركزية اللغة العربية في بناء المستقبل، واعترافًا بدورها التاريخي في تشييد الحضارة العربية، ودعوة لاستعادة مكانتها بوصفها ركيزة أساسية للعودة إلى مسار التقدم والصعود.