20 - 12 - 2025

«العفريتة» والوجه الحقيقي لمصر المحروسة!

«العفريتة» والوجه الحقيقي لمصر المحروسة!

«العفريتة» عنوان أحد كتب الكاتب الكبير محمد سلماوي، وهو تجسيدٌ لكتاباته الساخرة والهادفة معا.

و«العفريتة» هي تلك الآلة التي كانت تُستنسخ منها الصور قبل اختراع التصوير الرقمي، وتكون فيها الألوان معكوسة، فيأتي الأسودُ فيها أبيضَ، والأبيضُ أسودَ، ومن خلال تلك الألوان المعكوسة تُطبَع الصورة بشكلها الصحيح.

يستهلُ سلماوي كتابه بمقال «مصر بلد السياحة» ليواجه الشائعات التي تُشوّه صورة مصر وسمعتها السياحية، فيكشف أنّه في طريق عودته من رحلة إلى باريس، التقى بعض السياح الفرنسيين، الذين ما إن عرفوا أنّه مصري حتى أحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم؛ ليُميط لهم لثام الحقيقة عمّا يشغلهم من هواجس عن مصر، وعكّر صفوهم أثناء زيارتها في توقيت سيئ، إذ كانت تُغطي سماءها سحابةٌ سوداء، اعتلت من قسوتها وقتامتها صحةُ السكان، سواء من المقيمين أو السياح الوافدين!

وهنا يأتي ردُّ الكاتب سلماوي محاكيا نهج «العفريتة» في التصوير، فيبالغ في ذمِّ تلك السحابة، ووصف سواد الواقع في مصر؛ بغرض الإثارة والتشويق، وشدِّ انتباه سائليه، الذين ينصتون إليه وكأنّ على رؤوسهم الطير، هنالك يفاجئهم سلماوي بتأكيده أنّ مصر هي أجمل بلاد الدنيا.

وخلال تلك «الجدلية» القائمة على ذكر الشيء وضده، يصل سلماوي إلى مُبتغاه، وهو أنَّ هذه مجرد شائعات ليس لها غرضٌ إلا تشويه صورة مصر أمِّ الدنيا.

يقوم منهج الكتاب على الإقرار بوجود الوضع المغلوط، وإثباته بصورة مبالغٍ فيها، ثم نفيه مطلقا، وإثبات أنّه مجرد أوهام، أو أضغاث أحلام، ويظهر هذا المنهج جليا عندما ردَّ على تخوف السائلين من تلوث مصر بسبب السحابة بقوله: «ليس الأمرُ بهذا السوء، فتلوثُ الهواء في مصر موجود على مدار السنة، وليس في هذا التوقيت فقط»، ويذكر الكاتب سببا آخر من أسباب التلوث وهو التدخين، فيؤكد أنّ المصريين أكثر شعوب العالم تدخينا، وأنَّ المخدرات كالحشيش والأفيون، أشدُّ فتكا بسكان مصر من تلك السحابة السوداء، ثم يأتي بعد ذلك أسلوبُه الساخر، ويؤكد أنَّ الدولة لم تألُ جهدا في محاربة تلك العادة السيئة، إذ عمدت إلى رفع لافتات ــ ممنوع التدخين ــ في كلِّ مكان، خاصة الأماكن التي يتردد عليها السائحون، بعدها يدور الحديث بينه وبين إحدى السائحات عن الخطر الأسود الإرهاب، فيؤكد أنّه ليس ظاهرة مصرية خالصة، بل إنها توجد بصورة أبشع فى كل بلدان العالم.

ويتناول «الديالوج» قضايا أخرى منها حوادث الطرق واحتراق القطارات، وغيرها من القضايا التي اعتاد الكاتب أن يٌثبتها تماما، ثم ينفي وجودها بالكليّة بأسلوبه الساخر والآسر، أو يبين أنها من المغالطات المُغرضة.

«العفريتة» جاء في مقدمة و7 عناوين رئيسة هي: مصر المحروسة، وسياسة، وأمور الدين، وثقافة، وصحافة وإعلام، وشئون دولية، وإسرائيليات، ضمت مجموعة كبيرة من المقالات الساخرة فى الحياة والناس.