20 - 12 - 2025

تقرير للبنك الدولي: تلوث الهواء يودي بحياة مليون شخص سنويا في 5 دول بجنوب آسيا بينها بنغلاديش

تقرير للبنك الدولي: تلوث الهواء يودي بحياة مليون شخص سنويا في 5 دول بجنوب آسيا بينها بنغلاديش

يخنق تلوث الهواء أنفاس جنوب آسيا بصمت قاتل، محولا الهواء الذي يفترض أن يكون مصدر الحياة إلى سبب مباشر لفقدانها. ففي بنغلادش وسائر بلدان الإقليم، تفتك الأبخرة السامة بأرواح ما يقارب مليون إنسان سنويا، قبل أن يبلغوا أعمارهم الطبيعية، وفق ما كشف عنه تقرير حديث صادر عن البنك الدولي.

ويضم هذا الإقليم المثقل بالضباب السام كلا من بنغلادش وبوتان والهند ونيبال وباكستان، حيث يجبر نحو مليار إنسان على استنشاق هواء ملوث كل يوم، في مأساة صحية تتجاوز آثارها الجسد لتضرب صميم الاقتصاد والتنمية، إذ تقدر الخسائر الناجمة عنها بنحو عشر الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي سنويا.

وجاءت هذه الحقائق الصادمة في تقرير البنك الدولي الموسوم بنفس من التغيير: حلول من أجل هواء أنقى في سهول الغانج السند وسفوح الهيمالايا، الذي حذر من أن تلوث الهواء في منطقة السهول الهندو-غانجية وسفوح الهيمالايا لم يعد أزمة بيئية عابرة، بل تحول إلى أحد أخطر التحديات التنموية التي تهدد الصحة العامة وتكبح عجلة الإنتاج والنمو.

ويؤكد التقرير أن الأمل لم ينطفئ بعد، وأن كبح هذا الخطر الداهم ممكن إذا ما توافرت الإرادة السياسية واتخذت إجراءات متزامنة ومتكاملة عبر القطاعات المختلفة وعلى المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، بما يفتح الباب أمام تحسن ملموس في صحة الإنسان وتعاف تدريجي للاقتصاد.

ويرصد التقرير خمسة منابع رئيسية لهذا التلوث الخانق، تتقدمها ممارسات الطهي والتدفئة المنزلية القائمة على حرق الوقود الصلب، يضاف إليها الاستخدام غير الرشيد للوقود الأحفوري والكتلة الحيوية في المصانع من دون تقنيات ترشيح فعالة، وانتشار المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي المتهالكة، إلى جانب حرق بقايا المحاصيل الزراعية وسوء إدارة الأسمدة ومخلفات الثروة الحيوانية، فضلا عن حرق النفايات في البيوت والمؤسسات التجارية.

وفي مواجهة هذا الواقع القاتم، يعرض التقرير حزمة من الحلول العملية القابلة للتنفيذ الواسع، من بينها الانتقال إلى أنظمة الطهي الكهربائية، وتحديث وكهربة الأفران والمراجل والمنشآت الصناعية، والتوسع في وسائل النقل غير الآلية والكهربائية، وتحسين إدارة المخلفات الزراعية والحيوانية، فضلا عن اعتماد آليات متطورة لفرز النفايات وإعادة تدويرها والتخلص الآمن منها.

وفي هذا السياق، يرى مارتن هيغر، كبير خبراء الاقتصاد البيئي في البنك الدولي، أن التقرير يثبت أن الحلول ليست بعيدة المنال، بل متاحة وقابلة للتطبيق، مقدما لصناع القرار خريطة طريق واقعية قائمة على الأدلة. ويؤكد أن تبني التقنيات النظيفة لم يعد خيارا أخلاقيا فحسب، بل أصبح ضرورة اقتصادية تفرضها مصلحة الأسر والمزارعين وقطاع الأعمال، وهو ما يستوجب دعما حكوميا واضحا وحاسما.

بدورها، شددت آن جانيت غلاوبر، مديرة ممارسات البيئة لمنطقة جنوب آسيا في البنك الدولي، على أن بلوغ هواء نقي يتطلب تعاونا متواصلا، وتمويلا مستداما، وتنفيذا صارما على مختلف المستويات، مؤكدة أن تضافر جهود الحكومات كفيل بخفض التلوث، وإنقاذ ملايين الأرواح، وفتح الطريق نحو حق إنساني أصيل: هواء نظيف للجميع.

ولتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، ركز التقرير على مرتكزات الأربعة:

- المعلومات بوصفها أساس التخطيط والمساءلة عبر بيانات موثوقة ومتاحة،

- الحوافز التي توجه الأفراد والاستثمارات نحو البدائل النظيفة،

- المؤسسات القادرة على تنسيق الجهود وضمان تنفيذ القوانين وربط المحلي بالوطني،

- والبنية التحتية التي تمكن من طاقة نظيفة، ونقل مستدام، وإدارة رشيدة للنفايات، وصناعة حديثة أكثر كفاءة.
------------------------------
دكا - أحمد شوقي عفيفي