حين قلت وكتبت منذ سنوات طويلة أن "الناس هم الأساس"، لم أكن أبالغ، ولا أحرث في بحر، إنما كنت اقترب من إدراك ما هو حق وخير، وضرورة وواجب، وألمس بعض ما ينفع، فيمكث في الأرض.
الناس في الإسلام هم "الفقراء إلى الله"، والصالحون منهم هم "يد الله وسمعه وبصره"، وفي المسيحية هم "ملح الأرض ونور العالم"، وفي المدنيات الحديثة هم "الشعب"، مصدر السلطات وصاحب الأرض والمال والشرعية والسيادة، وعند علماء الاجتماع السياسي هم "الجماهير الغفيرة" التي تفرز نخبتها، وتشكل تيارها الرئيسي المتجانس، فتحفظ به التوازن، وتتحقق الوقاية من الاختلال والاعتلال.
أدركت كل هذا في الساعات التي قضيتها أرد على المحبين المتضامنين، منذ أن أعلنت استدعائي لنيابة أمن الدولة العليا، وحتى الآن، ولا تزال الردود سارية جارية.
الذي جرى معي، ما هو خفيَ فيه أكبر كثيرًا مما هو معلن، وما تم حفره فخًا أو مده سوطًا، هو أقل القليل، لكن الله، وبيد المحبين، قدَّر ولطف، وهو المستعان على اتهامات أذيعت بالأمس على الناس، واستقر بها المسار على الورق، وأخرى مختلقة مخترعة ما أنزل الله بها من سلطان، وكانت مدهشة لي حين سمعتها، إذ تعدت كل ما يصل إليه خيالي في بعض قصصي ورواياتي التي هي من نوع "الواقعية السحرية"، وبعضها شطح بعيدًا حتى تذكرت وأنا ماثل أمام وكيل نيابة أمن الدولة العليا، وهو رجل متمرس مقتدر في مهنته وحاد الذكاء، ما ورد في كتاب لي على وشك الصدور عنوانه "الأرانب الحجرية" جمعت فيه وصغت بأسلوبي سبعين حكاية خرافية مصرية.
كانت دهشة غامرة، أطلقت في رأسي فكرة مقال عن القوانين الخادمة للقمع حين تصير قيدًا على حرية التعبير والإبداع، ثم فكرة رواية عجيبة، فشرد فيها ذهني، بينما كان المحامون الأكفاء الأساتذة: خالد علي، وناصر أمين، وإبراهيم العزب، إلى جانب محاميي اتحاد الكتاب ونقابة الصحفيين، يهبون لدفع اتهامات اتسعت لها حدقات عيونهم، فهم يعرفون أنها تفتح بابًا إلى "ما وراء الشمس" كما نقول.
شكرا للذين تضامنوا معي، وقضيت ساعات طويلة أرد على رسائلهم واتصالاتهم عبر وسائط متعددة، فبكم يهون الصعب، وتذهب المشقة.
أنا ممتن لكم، بل مدين كثيرًا، إلى أن ألقى الله.
-----------------------------------
بقلم: د. عمار علي حسن
(نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك)






