18 - 12 - 2025

مؤشرات | ضربات أممية للكيان المحتل

مؤشرات | ضربات أممية للكيان المحتل

في غضون أقل من 48 ساعة تلقى الكيان الصهيوني ضربات أممية ودولية من العيار الثقيل، في رسالة مهمة تؤكد أنها دولة مارقة، ومازالت تؤمن بالإرهاب ضد الفلسطينيين، وأن قياداتها مجرمو حرب وليسوا بعيدين عن المساءلة، وليسوا فوق القانون الدولي، والتقديم للمحاكمة.

وجاءت القرارات لتؤكد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بالتوازي مع رفض المحكمة الجنائية الدولية وقف التحقيق مع إسرائيل في الاتهامات الخاصة بإدارة الحرب على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مئات الآلاف من الشهداء والمصابين والتدمير الشامل للبنى التحتية، وتشريد الملايين، ويضاف إلى ذلك تأكيد الاتحاد الأوروبي للعمل على إصلاح السلطة الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية والمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة، مع إلزام إسرائيل بتسيير دخول المساعدات للفلسطينيين.

وبأغلبية ساحقة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الساعات الأولى من يوم الإثنين 15 ديسمبر قرارًا يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فقد صوتت 164 دولة لصالح القرار، وكالعادة جاء الاعتراض من إسرائيل والولايات المتحدة وميكرونيزيا والأرجنتين وباراجواي وبابوا غينيا الجديدة وبالاو وناورو ضمن 8 دول، فيما امتنعت 9 دول عن التصويت، هي الإكوادور وتوجو وتونجا وبنما وفيجي والكاميرون وجزر مارشال وساموا وجنوب السودان.

ويكشف التصويت على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة فرزاً واضحاً، لمواقف دول تتولاها حكومات يمنية متطرفة تحمل مواقف أكثر تطرفاً تجاه القضية الفلسطينية، وترفض أي قرارات لصالح حقوق الفلسطينيين، وهذا ما تجسده مواقف دول مثل الأرجنتين وباراجواي والإكوادور في مختلف القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية على مدى أكثر من عامين.

ولم يحل ذلك دون تصويت 164 دولة لصالح القرار، بالرغم ممن يرى رمزية تأثيره، إلا أنه يمثل لطمة لإسرائيل والولايات المتحدة، والتي أعلنت قبل التصويت بيومين أنها سترفض مثل هذا القرار، في انحياز واضح ومفضوح لدولة الاحتلال الصهيوني، وفي ذات الوقت فإن اعتماد قرار حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يمثل في ذاته موقفا دوليا رافضا كلياً لممارسات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية، التي تحرم الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير والعيش بكرامة في دولته المستقلة.

وفي رأي محللين فإن القرار في ذاته يضيف العديد من نقاد المهمة لما يضمنه من إشارات لرأي استشاري سابق لمحكمة العدل الدولية، يؤكد على أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني ويجب أن ينتهي فورًا، لما يتضمنه من عراقيل يضعها أمام قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في تقرير المصير، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.

والضربة الثانية للكيان المحتلة، جاءت مع اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي 13 ديسمبر مشروع قرار يطالب إسرائيل، بالسماح بالوصول الإنساني الكامل إلى قطاع غزة، واحترام حرمة مقارّ الأمم المتحدة، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، مؤكدا على إلزام الكيان المحتل بتوفير الغذاء والماء والدواء والمأوى لسكان قطاع غزة، وضمان وصول الاحتياجات الأساسية لهم بشكل آمن وسلس، مع عدم عرقلة عمليات الإغاثة، وحظر تعطيل المساعدات الإنسانية داخل القطاع.

وتنطلق أهمية هذا القرار، والذي حظي بتأييد 139 دولة، ورفض 12، وامتناع 19، من كونه يدعو إسرائيل إلى وقف تهجير وتجويع المدنيين وعدم تقييد عمل الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية العاملة في غزة، في وقت تلتزم فيه الأمم المتحدة بالعمل الدائم وصولاً إلى حل شامل وعادل يضمن الحقوق الفلسطينية.

وفي موقف منحاز رفضت الولايات المتحدة الأميركية، مشروع القرار، تحت دعوى أنه متحيز، وانه مناهض لإسرائيل، وما أسمته باستمرار هيمنة التحيز ضد إسرائيل على الدبلوماسية الجادة في المنظمة، إلا أن اعتماد القرار وجه لطمة للموقف الأمريكي، الذي مازال غير واضح في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب، ووقف الخروقات الإسرائيلية، التي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات بينهم حوالي 400 فلسطينيا منذ سريان خطة ترامب، بخلاف الاقتحامات المتكررة لمقار وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا).

وجاءت الضربة الثالثة للكيان المحتل من قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، في قرارهم الإثنين 15 ديسمبر، برفض طعن إسرائيلي جديد لوقف تحقيق المحكمة في طريقة إدارتها الحرب على قطاع غزة، في تأكيد على استمرار التحقيق وسريان مذكرات الاعتقال التي صدرت في 2024 بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي،"بنيامين نتنياهو"، ووزير الجيش السابق، "يوآف جالانت".

وأخيراً جاء إعلان الإتحاد الأوروبي على لسان مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الإثنين 15 ديسمبر بأن الاتحاد مستعد للاضطلاع بدور أكبر في دعم الأمن والاستقرار في غزة لكن الأمر يتطلب موافقة إسرائيلية، مع العمل بشكل متزامن على إصلاح السلطة الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية والمشاركة في جهود إعادة إعمار غزة، مع التأكيد على أن أي مسار للسلام الجاد في غزة لن ينجح ما لم تعالج مسألة السلاح باعتبارها شرطا أساسيا للاستقرار طويل الأمد.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ضربات أممية للكيان المحتل