11 - 12 - 2025

شحاتة المقدس في حوار جريء للمشهد: "الخيانة ما زالت موجودة في دير الأنبا سمعان"

شحاتة المقدس في حوار جريء للمشهد:

- يروي تفاصيل مخطط تغيير الفكر الأرثوذكسي ويندد باستخدام الموسيقى في التراتيل وتمثيل فتاة دور السيد المسيح
- هذه خفايا سحب صلاحيات الأسقف الأنبا أبانوب والأب بطرس يدعي أنه مسنود وأدعو البابا تواضروس لزيارة دير المقطم 

في ظل التوترات الأخيرة التي شهدها دير الأنبا سمعان بالمقطم، التقينا شحاتة المقدس نقيب الزبالين، أحد القيادات الشعبية والفاعلين الرئيسيين في المنطقة، لمعرفة آخر المستجدات حول الصراع الدائر بين بعض الأطراف الكنسية والشعب. يلقي المقدس الضوء على جذور الخلاف، بداية من قرار نقل الأنبا أبّانوب وصولًا إلى محاولات "تغيير الفكر الأرثوذكسي" في المنطقة، ويفجر مفاجآت عن نزع صلاحيات الأنبا أبانوب أسقف المقطم.

* نعود إليك بعد فترة من التوترات. بصفتكم أحد القيادات البارزة والمتابعين للشأن القبطي، نود أن نعرف منكم آخر تطورات الأوضاع في الدير، كنا قد شهدنا هدوءًا نسبيًا مؤخرًا، لكن سبقت ذلك فترة خلافات حادة حول ترشيح أحد القساوسة لم يلق قبولًا لدى أهالي الدير.

- شحاتة المقدس: التوترات التي حدثت بيني وبين الكنيسة بدأت منذ عام بالضبط، عندما أصدر قداسة البابا قرارًا بنقل الأنبا أبّانوب، أسقف كنائس المقطم، من هنا. ومما أثار استياءنا أكثر هو تصريح قداسته في كنيسة المعادي بأن "الأنبا أبّانوب لديه ضعفات"، وهو ما أحزن الشعب بأكمله، لكن قداسته هو من عيَّنه سابقًا ووصفه بـ "الأسد على الأرثوذكسية". كيف يعود ويصفه بالضعفات؟ هذا ما أزعجنا جميعًا. و قام الشعب بمظاهرات في الدير مسبقا، وتدخلت قيادات الدولة والكنيسة وطالبوني بالوساطة لفض المصالحة، قائلين: "أنت القادر على ذلك". خرجت بفيديوهات وعبَّرت عن لومي لقداسة البابا، مؤكدًا أننا رعيته وتحت قيادته وأرجله، فكرسي مارمرقس له عظمة كبيرة، لكن كان هناك خطأ في إصدار قرار النقل بينما الأنبا أبّانوب يخضع لعملية جراحية، فإذا كان لديه "ضعفات"، فلماذا أتيتم به من البداية؟، وحقيقةً وجدت التفافا كبيرا حولي، لأني كنت علي حق ولله الحمد، استجاب قداسة البابا مشكورا وتنازل عن نقل الأنبا أبّانوب، وعادت الأمور إلى نصابها.

أزمة سحب الصلاحيات وخلافات "الفِكر الكاثوليكي"

* حدثت توترات جديدة بعد ذلك بفترة. ما طبيعتها؟

- منذ بضعة أشهر، فوجئنا بأن البابا سحب الصلاحيات من الأنبا أبّانوب بخصوص دير الأنبا سمعان، ووجدت الشباب يريدون عمل مظاهرات مرة أخري وهناك توتر في الكنيسة وانقسام لفُرقتين

* ما المقصود بسحب الصلاحيات هنا؟

-  تم منعه من إقامة الصلوات العامة في الدير والاجتماع العام الذي كان يُقام يوم الخميس ويضم مئات الآلاف من مختلف المحافظات، وكان الأنبا أبّانوب هو من يلقي فيه العظة و يجمع المواطنين من شتى القاهرة والمحافظات يقدر عددهم من 200 ألف الي 300 ألف، و فضل الشباب عدم التظاهر بسبب التوقيت ولا نريد أن يشمّت أحد فينا ويقول الكنيسة أصبحت فريقين.

* هل تقصد سحب صلاحيات القيادة إدارياً؟ 

 - ليس إداريًا، هناك لجنة من البابا تدير الحسابات، لكن سحب الصلاحيات الرعوية فتح المجال أمام الأب بطرس رشدي، وهو كاهن معروف بكونه ذو ميول كاثوليكية

* هل هي خلافات في وجهات النظر أم خلافات طقسية؟

- خلافات طقسية شديدة جدًا. و الأب بطرس يروج أنه مِسنود من قداسة البابا لأنه في الفترة الأخيرة كان هناك اتجاه أن يقوم بتوحد الطوائف خلال مؤتمر نيقيه، وأحضر فريق الكورال والرقص الخاص بكنيسة قصر الدوبارة إلى الدير. وقام الأنبا أبّانوب بطردهم بالقوة ومنعهم من الدخول، مما أحدث تصادمًا. و نعلم أن الأب بطرس وجد ضالته في سحب الصلاحيات، خاصة وأن هناك اتجاهًا لتنظيم "مؤتمر نيقية" وتوحيد الكنيسة، وهو يرى المقطم معقلاً قويًا للأرثوذكس.

* وماذا عن حادثة المسرحية التي جسّدت فيها فتاة دور السيد المسيح؟

- بعد أن شعر الأب بطرس بحرية التصرف، تم عرض مسرحية وجسدت فيها فتاة دور السيد المسيح، وهو أمر أثار غضبا شديدا، فالإيمان الأرثوذكسي يحرّم أن تكون المرأة شماسة أو كاهنة، فكيف تُجسد دور السيد المسيح؟

* يرى الأب بطرس أن هذا مجرد دور تمثيلي ولا يوجد ما يمنعه.

هذا الفكر لا يناسبنا. إذا أراد إقامة أدوار تمثيلية، فليفعلها في قصر الدوبارة، بعيدًا عن الكرسي المرقسي الذي روّاه شهداء الأرثوذكسية بدمائهم. نحن لا نهدد بالتمرد على قداسة البابا، فنحن تحت قيادته، لكننا نرفض بشدة هذا المسلك.

فضيحة ترشيح القساوسة المرفوضين

* هل حدثت أي جلسة تهدئة بعد ذلك؟ هل تدخل الآباء؟ 

- لا، كان أبونا بطرس فرح من البداية وهناك عداوة مع نيافته وكان يقوم بتوسيع الطريق أمام قداسة البابا بقدومه وإقامه مؤتمر نيقية في المقطم ويقولوا للعالم كله أن أكبر معقل للأرثوذكس هو المقطم، أيًا كان اللفظ مني أو المعنى، لكن المقصود أن هناك خلافات قوية.

* هل الخلافات مثلًا على الإدارة أو على الفكر نفسه؟

- فكرنا أرثوذكسي وأبونا بطرس فكره خلاص نفوس، لأنه تربية أبونا سمعان لأنه أصلا كان يتبع خلاص النفوس.

* لماذا ينفي أبونا بطرس هذا الكلام؟

- ينفي كما يشاء لكن الواقع مختلف

* يقول القس بطرس إن لا يوجد ما يمنع إن امرأة أو بنت تجسد دور السيد المسيح خلال التمثيل 

- نرجع للآباء الأولين، انا لست قسيسا ولا مُتعمّقا في الدين، على مدار التاريخ والبابوات التي استشهدوا على كرسي مارمرقس ذو اللون الأحمر، هل كان هناك قسيسة أو شماسة مثلًا؟  أو تجسيد امرأه دور المسيح؟

* هل ممكن أن يكون القس بطرس فهم بالخطأ أو لم يستطع شرح وجهة نظره؟ 

- الإيمان الأرثوذكسي ليس به جدال، إن أراد فعله فليذهب إلى كنيسة قصر الدوبارة، يبتعد عنا، وعن الأرثوذكسية وكرسي مارمرقس الذي لن يُدنس، والشعب كله من ورائي، لكن ليس معنى ذلك أن أهدد بالشعب، ولا مظاهرات ولا ننشق عن البابا،  لكن ما يحدث لا يعجبنا.

* وماذا عن ترشيح القساوسة الخمسة الذي أثار الزوبعة الأخيرة؟

- قام الأب بطرس باختيار خمسة أشخاص لرسامتهم قساوسة دون أخذ رأي الأنبا أبّانوب، أو الشعب، أو القساوسة في المقطم. وقدَّم توقيعات موهمًا بأنهم "إخوة الرب" على أنهم موافقة شعبية. وعندما فحصنا هؤلاء الخمسة، وجدنا فيهم من هو ابن زوجة ثانية، وهو أمر غير مقبول دينيًا. كما أنهم ليسوا على فكرنا الأرثوذكسي، فاعترض شعب الكنيسة وأنا كذلك. 

* هل كانت هناك مظاهرات رفضا لذلك؟

- نعم، الشباب عبّروا عن رفضهم، وتدخلت أنا بالتعاون مع الأمن الوطني لفض المظاهرات قبل تفاقمها. قلناها بوضوح: إذا أراد البابا نفسه تعيين قساوسة في منطقتنا، فعليه أن يستشير الشعب أولاً. و يجب أن يأتي مندوب من قداسته للاجتماع العام ويعرض الأسماء، أنا لن أقوم بفرض رأي علي الكنيسة، لكن لا يمكن أن يُفرض علينا كهنة يحملون فكرًا لا يتناسب معنا ويدخلون بيوتنا لمعرفة أسرارنا، والزوبعه الأخيرة، استغل الأب بطرس انشغال قداسة البابا بمؤتمر نيقية لتمرير هذه الأسماء.

* كيف ذلك؟ 

- هذا ما حدث. ذهب إلى السكرتارية والمجلس المقدس لتمرير ترشيح هؤلاء الخمسة. "وعندما ضجت الدنيا من المظاهرات، تدخل طبعًا الأمن الوطني" لكن الموضوع توقف بعد اشتعال الأزمة، بالرغم من أن "الخيانة" ما زالت موجودة.

* هل من المعقول، ألا توجد أي محاولات لرأب هذا الصدع ولم الشمل مثلًا بجلسة؟

- سأفجر مفاجأة، أبونا بطرس متزوج من ابنة عم قريبي، وشقيقها متزوج من أختي. نحن "نسايب" والخلاف ليس شخصيًا، بل هو خلاف فكري في أساس الإيمان، فهو يتبنى فكر "خلاص النفوس" على حساب الطقس الأرثوذكسي، "ليس كراهيه، و المحبه متواجدة في القلب" وأختلفت معه عندما وقف ضد الأنبا أبّانوب، وعندما أحضر فرقة موسيقى في الهيكل ومع فكرة السيطرة على الدير لأنه يريد أن يتزعم.

* بما أنكم أقرباء، لماذا لم تبادروا بلقاء معه لحل الخلاف وديًا؟

- بل الواجب عليه هو أن يبادر! هو الكاهن، وعليه أن يذهب إلى رعيته الضالة ويطبطب عليها، لا أن يدير ظهره. هو يعلم أنه مُخطئ، وأن فكره الذي يريد فرضه علينا مرفوض شعبيًا، لكنه يعلم إنه مخطيء، ويريد فرض فكره علينا لذلك لم يبادر، "وعامل البابا ضهره وإن البابا عايز كده والبابا حيوحد كل مصر"! 

* يرى البعض من التيارات الأخري أن الدير يعاني من "الجمود" وأن التمسك الصارم بالفكر الأرثوذكسي أثّر على انتعاش الخدمة.

- غير صحيح. الدير يزوره سياح وأجانب من طوائف مختلفة باعتباره معلمًا أثريًا وتاريخيًا، وليسوا جميعًا يأتون للعبادة الأرثوذكسية. الأب بطرس فكره كاثوليكي ويسعى لتسريب هذا الفكر إلينا عن طريق الأنشطة الكشفية ومدارس الأحد، وهذا ما نرفضه.

* هل من الممكن أن تكون وجهة نظر أبونا بطرس مثلًا أنه يقوم بجذب الطوائف الأخرى أو يحاول عمل إدخالات في الطقس بحيث يوازن الخدمة أو فكرة تسويقي ليس أكثر؟ 

- لا، فكره إيمان كاثوليكي، وتصلّي حاليًا بنت عمي الثانية مع بناتها في كنيسة قصر الدوبارة وهو كذلك يصلي متنكرا ويسافر أمريكا بين الحين والأخر ويروج أنها لإجراء عملية!.

* هل من الممكن أن يصلّي مثلًا مشاركة فقط بدون صلاة ليتورجية؟

- بل هو صديقهم ولا يصلّي هناك رسميا، و يختلط بأفكارهم ويتلقي مُساعدات والعكس، و يدخّل فكرهم الخاص لدينا هنا، ولذلك لأجل نجلته دعا كل فريق الموسيقى، مما يتضح منه أن الأمر عادي، فهو يريد تغيير الفكر الأرثوذكسي، ولن يروق لنا، "أنت متنكّر في الملابس الأرثوذكسية ونحن نعلم من تكون وندرك ذلك" 

* هل هناك مبادرة تطلبونها الآن من قداسة البابا لتهدئة الأوضاع؟

- نعم، نحن نطالب قداسة البابا بزيارة المنطقة. ونشعر بالاستياء لأنه زار مناطق أخرى مؤخرًا ولم يزر المقطم. هو الراعي، وواجبه أن يطمئن رعيته. لا نريد أن نعلمه كيف يفعل ذلك، لكن نقول: يا قداسته، أرسل لجنة من المجمع المقدس برئاستك إلى هنا! بل أطالب باستفتاء شعبي لاختيار القساوسة الجدد ومطالبة عاجلة بزيارة بابوية لدير الأنبا سمعان لإنهاء أزمة الانقسام الطقسي، علي أن تأتي لجنة من المجمع المقدس لحل الخلافات، "للاسف محدش معبرنا"

ومنذ اليوم الأول طلبنا مقابلته، لكن نحن نسير بتوجيهات دينية أولا ثم الأمن وأن مصر أمانة، ولا نريد انشقاقا ولا مظاهرات وصمتنا، وليس بسبب الخوف لكن لن نسمح بتغيير الفكر الأرثوذكسي. 

* إذًا هي قضية تعليم، قضية إيمانية، لا علاقة لها بالإدارة؟

- نعم إيمانية وأي قس يقوم بعمل قُدّاس مخالف هنا سنوقفه، لأن هناك محاولات أخيرة تمت في المقطم صادرة من القس بطرس باستماته لإدخال الموسيقى في الصلاة، والفكر الغربي بيتسلّل. 

* هل تعتقد أن زيارة البابا ممكنة دون تصفية الخلافات أولًا، نبادر بذلك ومع شخصيات أخري وعن طريق شباب يتبني الفكرة مثلا، فما رأيكم؟

- لو قال البابا إنه سيأتي غدًا، لاستقبلناه بكل حب وكرامة، وليس هناك تخوفات من أن يقوم أحد بأي فوضى، فنحن قيادات قادرة على ضبط الأمور، وسنعرض عليه مشكلاتنا، فقداسته يعلم أن هناك مشكلات متفاقمة، فلماذا الصمت!، لست أنا من يقول لقداسته ماذا يفعل لكن لا نريد تشتتا بل كنيسة راسخة دون غضب أحد والمحبة لا تسقط، فما المانع من وضع أيدينا علي نقاط الخلاف، ونحن شعب جيد ولديه عقيدة راسخة، ومطيعين أيضا، بالعكس سوف نتسابق لأخذ بركته ولا يوجد قلق ورفضنا فقط استضافة مؤتمر نيقيه لكنه انعقد بالفعل، فما المانع من الزيارة؟، ومن الصحيح أن نختلف مع أخوتنا من الطوائف الأخري، لكن لا نكره أحدا.

* البعض يتهمكم شخصيًا بأنكم تقفون ضد البابا وتؤججون الخلافات الشخصية. ما ردكم؟

- هؤلاء هم أهل الفتنة الذين يريدون تسخين الأجواء. أنا أدافع عن الكنيسة والإيمان الأرثوذكسي. عندما أخرج للإعلام، لا أزيد الفتنة بل أمتص غضب الشباب الذي يخرج عن شعوره بسبب هذه التصرفات (مثل إحضار الموسيقى والرقص في الدير). أنا أتحدث للصالح العام، ولن أصمت عن تغيير إيماننا. نأمل أن يتسع صدر قداسة البابا، وأن يزورنا قريبًا ليعيد الاستقرار والمحبة.

* هل نستطيع أن نقول انها زوبعة في فنجان كانت مرحلية ومرت؟ 

- للأسف قداسته أعطي لهم أذنا للسمع وأنا لا أستطيع ألا أتصدي للخطأ.

* هل نستطيع أن نقول أن بعض التعبيرات التي صدرت عنك من الممكن أن تكون تم تفسيرها بالخطأ؟

- هل أنا أدافع عن نفسي أو عن بيتي؟ أنا أدافع عن الكنيسة، ومن المفترض أن هذا الأمر يفرح قلبه. 

* هل تمثل تيارا آخر يريد فرض رأيه على الكنيسة ويعتقد أنه حامي الإيمان؟

- لا، لكن عائلتي تمثل 70% من أهل المنطقة، ويستمعوا الي بالمحبة وأنا لا أتحدث في أمر شخصي أو بالخطأ، لكني محبوب وعندما أقول لا مظاهرات، يستمعون إلي لأني أحل مشاكلهم، ولست الرأس المدبر لأي عمل، ولا بد أن أخرج في الإعلام و أشير إلي الخطأ داخل الكنيسة حتي أقوم بتفريغ غضب الشباب، ولأنني حريص علي المصلحة العامة وأحب قداسته، وأريد ايضا أن يصلح ما تم ويتسع صدرة لرأب هذة الخلافات.

* نأمل أن يكون في القريب العاجل، وأن يضبط قداسته الصلاة ويبارك الدير

- نأمل من الله أن يحضر الخير على هذه الحاضرة.
-------------------------------
حوار: جورجيت شرقاوي