04 - 12 - 2025

السيادة للشعب وهو مصدر السلطات

السيادة للشعب وهو مصدر السلطات

المادة الثالثة من الدستور المصري تنص على أن "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور".

المادة الخامسة من الدستور المصري: تؤكد أن النظام السياسي يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، واحترام حقوق الإنسان وحرياته.

المادة 62 من الدستور المصري تمنح المواطن الحق في الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، وتعتبر هذه الحقوق من الحقوق السياسية التي تعبر عن سيادة الشعب.

المادة الثامنة من الدستور المصري تلزم الدولة بكفالة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، مما يضمن ممارسة الحقوق السياسية على قدم المساواة.

هذا يعنى أن السيادة للشعب ولا سيادة لغير الشعب. وهذا يعنى أن الشعب هو مصدر السلطات. فلا شرعية لدستور بغير موافقة الشعب. ولا شرعية لرئيس بغير اختيار الشعب. ولا برلمان بغير انتخاب الشعب له. هنا يصبح الشعب هو مصدر السلطات الحقيقة دستوريا وقانونيا جماهيريا .

كما أن النائب فى البرلمان لا يملك صلاحيات ذاتية أو تمثيلا شخصيا بل هو ممثل الشعب الذى اختاره فكل صلاحياته البرلمانية هى للشعب الذى يمثله. كما أن البرلمان كسلطة تشريعية هو الذى يشرع القوانين التى تحكم من خلالها السلطة القضائية. كما أن الشعب ممثلا فى البرلمان عن طريق (النيابة) هو الذى يراقب الحكومة ويحاسبها بل يملك البرلمان سحب الثقة من الحكومة بالكامل.

هذا هو الدستور وهذا ما يجب أن يكون. ولكن (واه من ولكن هذه) هل نعيش على أرض الواقع هذا المفهوم الدستورى؟ طبعا لا والف لا. فلا علاقة لواقعنا السياسى بتلك المواد من الدستور! نعم وعلى أرض الواقع وتأثرا بواقع ووقائع تاريخية طويلة لا نستطيع أن نقول اننا كنا أو اصبحنا نعيش واقعا سياسيا ونمارس فى مشاركة سياسية تؤكد أن الشعب صاحب السيادة وانه مصدر السلطات. وهذا لأنه تاريخيا لم نكن نمتلك تلك المقومات السياسية ولا نعرفها إلا بعد الحملة الفرنسية عام ١٧٩٨م ثم بعد محاولات محمد على بالتمثل الصورى والشكلى لتلك المؤسسات. حتى كان مجلس شورى النواب عام ١٨٦٦ وهو كان صناعة سلطوية وليس شعبية، إلى أن كان برلمان عام ١٩٢٤ الذى يعتبر أول تأسيس شعبى لبرلمان ممثل الشعب. ولكن وهذا هو الأهم أن تلك الحياة والممارسة والمشاركة السياسية لم ولن تكون بعيدة عن الوصايا السلطوية وموافقة الحكومات، مما جعلها تأخذ الصورة والشكل أكثر منها الموضوع والجوهر! واستمرت تلك السيطرة السلطوية على السيادة الشعبية بطرق مباشرة وطرق غير مباشرة. وصولا لإعادة الحياة الحزبية المصنعة والمهندسة ١٩٧٨ فى عهد السادات تحت شعار (الديمقراطية لها أنياب) وكانت نهاية أنياب ديمقراطية السادات اعتقالات ٥ سبتمبر ١٩٨١. ورث مبارك الحزب الوطنى كحزب سلطة يهيمن على البرلمان مع بعض الرتوش المجملة الصورة بوجود عدد من ممثلي المعارضة. حتى وصلنا الى مجلس شعب ٢٠١٠ الذى انتهى فعليا عند مقولة مبارك (خليهم يتسلوا)!! . كانت ٢٥ يناير وتمت سيطرة الإخوان على مجمل المشهد السياسى، فكانت ٣٠ يونيو ٢٠١٣. أعلنت السلطة رسميا أنه لن يكون لها حزب مثل الحزب الوطنى، ولكن ماذا نفعل ونعمل مع الموروث المسيطر على فكرنا السياسى؟ نسرد هنا هذا التاريخ للحياة الحزبية لأن التعددية السياسية والحزبية هى الطريق الأمثل لممارسة الشعب سيادته. وتلك الممارسة تبدأ من تشكيل الشعب لأحزابه السياسية حسب الرؤى والتيارات السياسية التى تتواجد فى المجتمع. أى أن الأحزاب لا تشكل إلا من الجماهير وليس من النخبة أو غيرها. فماذا حدث بكل وضوح وكل صراحة؟ فوجئنا بغير تبرير أو تحليل أن هناك أحزاب شكلت من السلطة ويقال من جهات سيادية (ولم يتم النفى فكان الاثبات)! ، فتم الانضمام والتنقل والتحرك داخل الحزب أو من حزب إلى آخر بالأوامر. فما علاقة هذا بالحياة الحزبية والسياسية؟ وهذا لمصلحة من؟ وماهى مصلحة الوطن الحقيقية فى التدخل فى الحياة السياسية والحزبية بهذه الصورة لمن لا علاقة لهم بالعمل السياسى والحزبى؟ هذا لأن النتائج العملية التى نراها ونعيشها الآن لاتسر عدوا ولا حبيبا. وجدنا موات الحياة الحزبية حتى الأحزاب التى تسمى تاريخية عليها العوض والله يرحمها. وجدنا أعضاء الأحزاب المصنوعة يعلنون أن الذى رشحهم الدولة والأجهزة!! وجدنا أن الوصول إلى شرف تمثيل الشعب ليس بالمواقف والخبرة والتاريخ السياسى، ولكن بكم مليون والمزاد شغال. حتى وصلنا الى ما أسفرت عنه الجولة الأولى من المرحلة الأولى من إعادة الانتخابات فى نسبة كبيرة من الدوائر!!

هنا تدخل الرئيس فى توقيت خطير إنقاذا للموقف والوطن . نعم هذا التدخل كان واجبا وحتميا وجاء فى وقته.

نعم هناك رأى عام ضاغط مطالب بإلغاء الانتخابات. نعم هناك تخريجات دستورية وقانونية تبعد الإلغاء وهناك محاولة لمعالجة الموقف وإنقاذه. ولكن وعلى كل الأحوال حتى ولو تم انتخاب البرلمان .

ولكن الأهم أن ما حدث لابد أن يؤخذ فى كل الاعتبارات، فلابد من إعادة النظر فى النظام الانتخابى بالقائمة المطلقة. كما أن التحجج بالمطلقة بأنها تطبيق مواد المكوتات الدستورية. فنظام الكوتة هذا ليس مقدسا ولا دائم التواجد. الأهم هو إعادة بناء الحياة الحزبية على أرضية جماهيرية حقيقية بعيدا عن الوصايات. الشعب العظيم الذى تحمل ويتحمل الكثير من أجل مصر الغالية والعزيزة لابد من أن يكون هو السيد وهو مصدر السلطات، حتى تظل مصر قائدة وعظيمة ووطن كل المصريين . حفظ الله مصر وشعبها العظيم .
---------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

السيادة للشعب وهو مصدر السلطات