03 - 12 - 2025

كارثة طبيعية .. سبع صرخات فى وجه المجتمع

كارثة طبيعية .. سبع صرخات فى وجه المجتمع

لست من هواة متابعة المسلسلات، لكنى بعد ضغوط من أبنائى شاهدت مسلسل كارثة طبيعية، عشر حلقات انتهيت منها فى يومين، اجتماعى، كوميديا سوداء، هكذا تم تصنيف المسلسل، فكل ما فيه ينطق بالألم لدرجة أنك تعتقد أن بطل المسلسل شخص آخر غير ذلك الممثل خفيف الظل محمد سلام الشهير بجملة (خدنى معاك يا سى دونى) فى مسلسل الكبير، فقد قدم عملا متفردا يمكن وصفه بأنه صرخات متتالية لا تتوقف فى وجه المجتمع.

* الصرخة الأولى

هى صرخة الفتاة التى يتسلل العمر من بين يديها وتريد أن تصبح أما، فتذهب للطبيبة لإزالة موانع الحمل (اللولب) وهى ليست صرخة شروق بطلة المسلسل وحدها، فوفقا لتقارير حديثة وصلت نسبة البنات والشباب الذين تخطوا سن 35 سنة دون زواج إلى 45،٪ (11مليون فتاة ، و2 مليون شاب) وكلنا نعلم أن مع تجاوز الفتيات سن 35 تقل نسبة الخصوبة والقدرة على الإنجاب. وأن نسب الزواج والانجاب تراجعت فى السنوات الأخيرة نتيجة للظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف الزواج والحياة.

* الصرخة الثانية

صرخة الشاب الذى يتحصل على راتب 7500 جنيه أكثر قليلا من الحد الأدنى للأجور، يكاد بالكاد مع راتب زوجته يكفيهما، وهو يرفض الانجاب قبل أن يوفق أوضاعه ، لكن تشاء الظروف أن تحمل زوجته فى 7 توائم يحتاجون لميزانية شهرية تصل الى40 الف جنيه. وهى صرخة موجودة فى كل بيت مصرى به أطفال صغار، وليس بالضرورة أن يكونوا توائم، فسواء كانوا فى سن ما قبل المدرسة يحتاجون إلى ميزانية خاصة  للبامبرز واللبن الصناعى، أو حتى أطفال فى سن المدرسة يحتاجون للمصاريف الدراسية واللانش بوكس والمواصلات والدروس وهى أعباء كبيرة لا يكفيها الحد الأدنى للأجور ولا حتى ضعفه.

* الصرخة الثالثة

صرخة الأب الذى أبدع فى دوره (كمال ابو ريه) مدرس الثانوى الذى خرج إلى المعاش،  ويوهم الجميع أنه أغنى أغنياء العالم، من خلال الحفاظ على مظهره وشياكته، وهو فى حقيقة الأمر يعيش على حد الكفاف بمعاش لا يكفي مصاريفه لنهاية الشهر، ويستحى أن يصارح إبنته وزوجها بأنه لا يكفيه الطعام والدواء، لذلك يذهب من حين لآخر لبيت الإبنة لتناول اى وجبة عندها يسد بها جوعه، متظاهرا بأنه يزورها للاطمئنان عليها وحمايتها من زوجها العربى وفقا لوصفه.

* الصرخة الرابعة

صرخة الزوجين فى وجه الحكومة التى لم تجد حلا لقانون الإيجار الجديد الذى تحول إلى وحش يلتهم ميزانية الأسرة، يضاعفه صاحب العمارة كيفما يشاء، وتحت التهديد والبلطجة يضطر الزوج للتوقيع على عقد ايجار جديد بضعف الإيجار رغم أن العقد القانونى بينهما ما زال أمامه عامين كاملين.

* الصرخة الخامسة

صرخة المجتمع فى وجه الإعلام، والذى مثلته شخصية (هدى القليوبي ) مقدمة برنامج توك شو، والتى تحاول تجميل الواقع المرير وتحويله إلى صورة وردية لطيفة، فقد استضافت محمد وشروق بعد إنجابهما 7 أطفال وطلبت منهما أن يحكوا معاناتهم مع الأطفال، لكنها حددت لهم مسبقا ما يقولون، فقد كانت تريد حكايات مسلية للمشاهد بعيدة عن النكد، ورفضت أن يتحدثوا عن مشاكلهم الحقيقية بعد انجاب هذا العدد سواء مشاكل العمل الذى طردت منه الزوجة بعد إنجابها، أو المصاريف المتراكمة أو السكن أو توفير اللبن لهذا العدد من الأطفال وتحكم الروتين فى طريقة صرف اللبن المدعم ...الخ

* الصرخة السادسة

صرخة المجتمع من التحايل على قوانين التبرع بالأعضاء، ورضوخ بطل المسلسل لتجار الأعضاء وموافقته على بيع كليته إلى جزار مقابل 270 ألف جنيه بعد التوقيع على إيصالات أمانة تمنعه من التهرب أو التراجع بعد الإتفاق، ويبدع المخرج فى هذا المشهد عندما يتبادل الكادر بين صبى الجزار وهو يقطع اللحمة ويجهزها للبيع، وبطل المسلسل محمد سلام وهو يتفاوض على بيع كليته لسد حاجة بيته بعد أن عايرته الزوجة بعجزه عن الإنفاق.

* الصرخة الأخيرة

كانت صرخة ألم لكل من شاهد الدقائق الأخيرة من المسلسل، فبعد أن شاهد وزير التضامن الذى أدى دوره ببراعة الفنان محمد ممدوح رغم أنه لم يتجاوز عشر دقائق، فبعد أن شاهد الوزير حلقة (محمد وشروق) فى برنامج التوك شو، لمح نظرات الحزن واليأس فى عيونهم رغم محاولات المذيعة اخفائها بأسئلة تافهة، لذلك طلب لقاءهما واستمع إلى كل مشاكلهم وأعد قرارا بحل كل مشكلاتهم ومساعدتهما فى توفير عمل مناسب لهما، إلا أن هذا الوزير الإنسان يغادر منصبه قبل توقيعه قرار إنقاذ الزوجين من ظروفهما القاسية.

ختاما، ورغم كل ما حققه المسلسل من نجاح لكنه حمل رؤية سوداوية لكل الشباب المقبل على الزواج، واظن أن مردوده سيكون اقوى من عشرات الحملات التى أنفق عليها ملايين الجنيهات لحث الناس على تنظيم الأسرة، لكن أيضا سيكون له مخاطره على زيادة نسبة العنوسة وتراجع نسب الزواج والانجاب وتكوين أسرة، الأمر الذى قد يشكل مخاطر اجتماعية من نوع جديد.
---------------------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم

مقالات اخرى للكاتب

كارثة طبيعية .. سبع صرخات فى وجه المجتمع