- "الشاعر المجنون بحب مصر".. وصية أوصى نجم بأن تكتب على شاهد قبره وتذكرتها زوجته زينب وهو يقترب من العودة إلى بارئه.
- الجياد لاتباع في السوبر ماركت.. ليس مقالًا كتبه عادل حمودة لهدم نجم ولكن انتصارًا لتاريخ رجل لايجوز أن يتصرف في تاريخه او يكسر وديعته في بنك الشعب بمفرده.
- السادات أصدر له قانونا خاصا سمي قانون العيب ليحاكمه بمقتضاه وفي عهد مبارك اعتقلت نوارة الانتصار نجم لتظاهرها ضد مشاركة العدو الصهيوني في معرض الكتاب.
- يحب أم كلثوم ويقدرها لكنه يقدر الشعب أكثر وفي "كلب الست " لم يخش غضبها بقدر خشيته ان يهزم أمام نفسه إذا لم ينتصر للشاب الذي عقره كلبها!
- نجم يعرف أن ثومة عظيمة.. لكنه يعرف آيضا انه شاعر البسطاء والفقراء والمحرومين، وأنه صوت الشاب الذي عقره كلب أم كلثوم !
- حتى إذا كان نجم سيلقى أشعاره في مكان صغير مغلق رواده قلائل، كانت جحافل الأمن العام تتحرك تحسبًا لـ " شاعر تكدير الأمن العام "!
- نحب نوارة لأنه - وصافي ناز كاظم - نفخا فيها من روحهما.. ونحب التراب الذي يسير عليه أبو النجوم وأسرته.
- ساويرس لا علاقة له بالنضال ولم يكن ليبشر به او يدعو إليه ومن هنا كان الخلاف فيمن يكرم نجم: رجل أعمال ملياردير أم البسطاء والكادحون من شعب مصر العظيم.
- نجم مازال ممنوعا من الكلام ومن الاستياء ومن الاشتياق.. اقترحت ان اقدم حلقة تليفزيونية عنه لقناة النيل فرفض اقتراحي.. كما رفضت حلقاتي عن هيكل وجمال بدوي ولم تذاعا حتى الآن !
،، قبل أن نقرأ،،
هذه سطور تُعّمدُ بالدم . تتفتح من زهور تنبت من أعماق الروح.. تضرب في أديم الارض.. تنتصب في شموخ في درة ميادين مصر.. ميدان التحرير.. وتتفرع منه إلى ميادين النضال.. نضال الشعب المصري العظيم.. تلك هي اللغة التي تليق بالمقال، وبمن كتبت عنه هذه السطور.. أحد من علمونا النضال، ذكرت النضال أربع مرات في أربعة سطور.. ليس لخطأ مهني، ولا لعوز او فقر في إيجاد المرادفات أوالكلمات أو الأسلوب ..ولكن لأنها اللغة التي يعرفها، ويمكنها الوصول إليه، والسمو إلى مقامه الرفيع.. مقام سيدي الشاعر أحمد فؤاد نجم ،،
كرمه ساويرس.. وأثخن جراحه عادل حموده، ثم ماذا؟ هل قصد عادل حمودة بالأساس أن يجرد أحمد فؤاد نجم العظيم بحق، من تاريخه أو يهدم مقامه، كوني من أولياء الشعر التحريضي في إعتباري واعتبار كثيرين؟ من قال أن هذا هو ما قصد اليه جواهرجي روزا اليوسف؟ أعتبر المقال الأزمة الذي كتبه حمودة بعنوان "الجياد لاتباع في السوبر ماركت" مكتوب خصيصا لكي يكشف لنا عن قيمة الشاعر الكبير عنده وعند الناس، فلم يكن يجوز له أن يفكر وحده أو يتصرف وحده، ويفك وديعة تاريخه، التي لاتجوز أن تكسر أو تشرخ.. الهدف السامي هنا هو انتصار لتاريخ للرجل وليس خصمًا من رصيده.. هدفه المساعدة في الحفاظ على تاريخه النضالي. ساويرس في اعتقادي لا يحب النضال ولم ولن يبشر به أو يدعو إليه، لكن نجم هو الذي يعرف معني هذه الكلمة، فقد حولها ليس إلى فعل فقط، بل حولها إلى قذيفة.. ديناميت ينسف به كل تهادن مع السلطة.. كل تراجع عن القيم المصرية التي تفيض بالكرامة والكبرياء. ساويرس لم ولن يكون يوما في خانة المناضلين، فهذه ليست طبيعة رجال الأعمال والمليارديرات.. ولذلك من حق عادل حمودة أن يغار على قيمة النضال ويرفض أن يقوم رجل أعمال بتكريم مناضل.. هذا الشرف يجب أن يمنح للمصريين البسطاء.. وللعوام من الناس، الذين غنى لهم نجم النجوم - هو والشيخ إمام - .. غنى لهم وأَشْعرَ ورقص وهتف.. فعل كل شيء، وفي كل مافعله كانت السلطة تعتبر مايفعله نوعا من "تكدير الأمن العام" والتعبير حق محفوظ لكتاب كبير من وزن صلاح عيسى.
شاعر تكدير الأمن العام مازال ضد السلطة ومازالت السلطة تعاديه، والمراقبون الأمنيون يرفضون إبراز تاريخه أو إلقاء الضوء عليه، لا هو ولا الشيخ إمام، وذات مساء كان مقررًا أن اظهر في تلفزيون النيل القناة الثانية، في حلقة من اختياري، اقترحت فيها أن أتحدث عن أحمد فؤاد نجم، لكن تفكيري قوبل بالرفض الشديد.. فكان ممكنا الحديث عنه من خلال فنانة مناضلة ارتبطت في جانب من حياتها بنجم.. وهي الفنانة عزة بلبع، فقلت عنها وعن نجم الكثير.. لكن في النهاية يبقى نجم ممنوعا من الكلام حتى وهو ميت، مثله مثل الأستاذ هيكل الذي أعددت عنه حلقة آيضا، في برنامج لنفس القناة، فلم تذع حلقته، لاهو ولا حلقة أخرى عن الأستاذ جمال بدوي!
لماذا نجم ممنوع من الكلام حتى وهو ميت؟ مات الرجل في ٣ ديسمبر ٢٠١٣. وكان واجبًا بدلًا من تجاهله كل هذه السنوات أن يكرم ولو كل عام مرتين، مرة في ذكرى ميلاده وأخرى في ذكرى وفاته.. ولكن هذا لم يحدث آبدًا.. رغم أن نجم خاض عشرات المعارك في حياته دفاعا عن المصريين، مازال ممنوعا من كل شيء.. حتى أنه هو نفسه كتب قصيدة في هذا المنع (ممنوع من السفر / ممنوع من الغنا / ممنوع من الكلام /ممنوع من الاشتياق / ممنوع من الاستياء / ممنوع من الابتسام / وكل يوم في حبك ( يامصر ) تزيد الممنوعات.

الله يانجم.. لا أظن انك مت في ٣ ديسمبر ٢٠١٣.. الذي مات ويموت هو من يقهر نغماتك وأناتك حتى اليوم .أحب ابنتك نوارة، لأنك نفخت فيها من روحك، لأنك شبعتها بما لديك من جسارة وموهبة.. تكتب نوارة الانتصار بجمال وبساطة وبعمق، وتخوض معاركها دون أن يرهبها أحد، ولها عنفوان المذاق الخاص، وكيف لا وهي ابنتك وابنة صافي ناز كاظم بكل مافيها من كبرياء واعتداد بمواقفها وآرائها.. بكل راديكاليتها التى تتجلى في رفض مصافحة الرجال منذ زمن وحتى الهجوم العارم على عبد الناصر، وآخره على الكاتب الذي قدم كثيرًا من أفكار ومعارك عبد الناصر والأمة للناس وهو الأستاذ - تاج رأسنا - محمد حسنين هيكل، الذي وصفه عادل حمودة في تصحيح له لما ورد في البودكاست الشهير مع إبراهيم عيسى بأنه ليس مجرد مدرسة وانما هيكل جامعة.. هكذا قال الكاتب الكبير، الذي اختلف مع نجم، فكتب منتقدًا له ومنتصرًا لتاريخه ولأحلامنا فيه، كأنه كان يرفض أن تكون كبوة الجواد الأصيل هنا.. على هذا النحو! ولم تنته القصة بخلاف عنيف، وتلاسن شديد (أنا بقى وعادل حمودة .. كما هو عنوان كتاب نجم) بل ان نجم النجوم كتب قصيدة محبة فيه وفي روزا اليوسف كلها وطلب منها ومنه السماح! إنه مطلب الكبار وجمال وثقة الكبار.
لم ينتقص الخلاف من الشاعر الكبير أبدًا، ذلك الذي كان يحرك عربات الأمن المركزي بجحافله حينما يتواجد، حتى في مكان مغلق رواده قلائل. أليس هو الشاعر الذي أصدر السادات له قانونا خاصا سمي قانون العيب ليحاكمه بمقتضاه؟ السادات وعصره هو من تسبب في النيل من نجم وعظماء غيره في مجالات عديدة، وأكمل مبارك المهمة عندما تم اعتقال ابنته نواره، بسبب تظاهرها في معرض الكتاب ضد مشاركة الكيان الصهيوني في أجنحته!
أن تحب أحمد فؤاد نجم فهذا يعني ان تحب ماعلمك إياه من فنون الكلمة والتعبير والنضال، وليس هذا وحسب، بل تمنح الحب لاسرته وللتراب الذي سار وساروا عليه، حتى صافي ناز كاظم زوجته الأولي.. التي كانت تعامله كطفل وبحسب حوار قديم لي معها كشفت لي فيه أن صوته كان يمزق فضاء وأرجاء "حوش قدم" كله - مقر سكنهما في الأيام الأولى عندما كانت تقوم بتحميمه! نجم كان بيترعب من "المية الساقعة" ، ويبدو أنه وقتها لم يكن في البيت سخان، ومن شدة الرفض يبدو كما لوكان يصرخ رفضا للاستحمام.. لكن الذين يحاولون اغتيال الشاعر الكبير ويهيلون على تاريخه التراب، فهم لم يعرفوا للآن قدره وربما أنصفوه فيما بعد.
احببت نجم وأنا على مشارف الجامعة، وفتنت بآشعاره وبحب الشعوب العربية له، ولو كان يبحث عن الذهب لكان ممكنا ان يحصل عليه من قادة ورؤساء عرب عرفهم وعاش في بلدانهم عندما كان ملاحقاً مطاردًا، لكنه عندما عاد عاد بلا مأوي يسكنه، وظل سنوات يكافح حتى امتلك شقة في قليوب سكن فيها مع زوجته الأخيرة زينب، التي تتحدث عنها نوارة الانتصار احمد فؤاد نجم كامرأة امتلكت كل الأحلام بزواجها من الرجل الذي كان يهز مصر كلما تحدث! وعندما كان في النزع الأخير هي من تذكرت بحسب قول نوارة انه طلب أن يكتب على قبره: "هنا يرقد الشاعر المجنون بحب مصر" …
،، بعد أن قرأتم :
إنها سطور مهداه فقط لكل من أحب ولايزال يحب ويقدر أحمد فؤاد نجم في ذكرى رحيله. رحمه الله ،،
------------------------
بقلم: محمود الشربيني






