ثلاثة مهن اتجهت إليهم أحلام اليقظة بداخلي، ودارت في فلكها خلال سنوات الصبا والمراهقة .. العالم داخل معمله حيث دنيا الاكتشافات وإعمار البشرية .. ورجل القانون في ثوب القاضي لإنصاف المظلوم وقصف رقبة الظالم بميزان العدالة .. وأستاذ الجامعة بأبحاثه وقدوته في تنشئة الأجيال وبناء المستقبل .. واستقر الحلم على قلم الصحافة ليحمل رسالة تنوير الطريق لكل هذه المهن في مسارات الإصلاح وتغيير المجتمع نحو الأفضل .. والقلم المتواضع أراد اختراق أسوار الحرم الجامعي ليرصد واقعة مخجلة قد تتحول إلى بقعة سوداء في رداء الأستاذ الجامعي عندما يغادر قاعة المحاضرات حيث قدسية التدريس وتلقين العلم للطلاب، ويجلس على مقعد المسؤولية ومنصب الإدارة وسلطة القرار فتتلوث سمعته وتتشوه صورته في العيون والّأذهان!.
وتظل جامعة القاهرة المجيدة محراب العلم والثقافة ومنارة الحضارة بنماذج مشرفة من العلماء وقامات الفكر والثقافة والإبداع الشامل.. ويؤلم أي قلم كثيرا أن يسطر كلمات تدين كوادرها بالمستندات والأدلة الدامغة على التحيز والتعنت واستغلال النفوذ لاضطهاد شباب الباحثين في مقتبل مشوارهم الأكاديمي بل وإقصائهم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة على نحو منبوذ ومكروه.. وبداية قصة أحد الباحثين من جامعة أخرى كانت حين تقدم بعدد من الأبحاث للنشر في مجلة علمية تابعة للكلية، واتبع الأصول والقواعد وخضعت الأبحاث للتحكيم العلمي وتلقت الموافقات الرسمية.. وسدد الباحث رسوم النشر كاملة موثقة بإيصالات إلكترونية رسمية من المجلة العملية وإدارة تحريرها.. إلا أنه بعد أشهر من القبول، فوجيء الباحث برفض عميدة إحدى كليات جامعة القاهرة اعتماد النشر دون مبرر علمي وقبل صدور العدد بنحو 48 ساعة رغم استيفاء جميع الشروط وعدم وجود مبررات أو أسباب جوهرية تمنع نشر الأبحاث التي بذل عضو هيئة التدريس فيها الجهد وحرق الأعصاب وإنفاق المدخرات حبا وشغفا برسالة العلم ودورها في الوعي والارتقاء بالعقل والروح!.
ومن محادثة إلى أخرى، ومن اتصال هاتفي لآخر ثم ثالث فمكالمة عاشرة .. يتحجر التعنت الوظيفي الذي تحركه النزعة الفوقية ومركزية السلطة بلا مرونة أو مساحة للتفاهم وتقبل الاختلاف المفترض توفرهما في أهل حرية الرأي والتعبير.. وتتمادى العميدة - أستاذة الجامعة في الأصل - في التنكيل بأحلام وطموحات أحد أبنائها من الجيل الجديد وتأبى أن تذلل أمامه العقبات والعوائق الروتينية لنشر أبحاثه التي نالت الجدارة والاستحسان وجاء الرد معلنا مكررا في صلف :"لن يُنشر... ويمكنكم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة كيفما تشاءون"! .. وبدأ فصل آخر حزين وللحديث بقية!!
-----------------------------
بقلم: شريف سمير






