25 - 11 - 2025

مسؤولون صينيون: هاينان تتحول إلى مركز اقتصادي عالمي بجاذبية غير مسبوقة للاستثمار الأجنبي

مسؤولون صينيون: هاينان تتحول إلى مركز اقتصادي عالمي بجاذبية غير مسبوقة للاستثمار الأجنبي

 استضافت مقاطعة هاينان بمدينة هايكو إحاطة إعلامية موسعة حول التقدم المحقق في بناء ميناء هاينان للتجارة الحرة، وسط حضور رفيع من كبار مسؤولي الحكومة الصينية، ومشاركات واسعة لوسائل الإعلام من دول الجنوب العالمي. 

وجاء الحدث قبل أسابيع من بدء التشغيل الكامل للعمليات الجمركية الخاصة على مستوى الجزيرة في 18 ديسمبر، ما يعكس التحول الاستراتيجي الذي يضع هاينان في موقع البوابة الكبرى للتعاون مع الاقتصادات النامية.

هاينان… مختبر الانفتاح الجديد للصين

افتتح تشيان جين، نائب مدير إدارة الإعلام بوزارة الخارجية الصينية، الإحاطة مؤكداً أن هاينان أصبحت اليوم نموذجاً متقدماً يعكس رؤية الصين لبناء «مجتمع المصير المشترك للبشرية». 

ودعا الإعلاميين إلى الاقتراب أكثر من تجربة المقاطعة التي تحولت إلى مركز متسارع للإصلاح والانفتاح.

من جانبه، أوضح وانغ بين، عضو اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي في المقاطعة ووزير الدعاية والمتحدث الرسمي، أن الرئيس شي جين بينغ أعلن في نوفمبر عن دخول هاينان مرحلة جديدة من البناء، بينما مثّل يونيو 2020 نقطة انطلاق حقيقية مع إصدار المخطط العام لبناء الميناء. 

وقال إن المقاطعة تتطور بوتيرة غير مسبوقة، إذ تتصاعد قوتها الاقتصادية وتتوسع بنيتها الصناعية وتتحسن بيئتها الاستثمارية، ما جعلها محركاً جديداً للعولمة الاقتصادية.

سياسات جمارك خاصة وضرائب منخفضة: نقطة تحول ما قبل 18 ديسمبر

استعرض وانغ بين السياسات الجوهرية التي يبدأ تطبيقها مع تشغيل النظام الجمركي الخاص، والتي تقوم على نموذج “انفتاح أكبر على الخط الأول، تنظيم على الخط الثاني، وتدفق حر داخل الجزيرة”. 

ويستفيد معظم المستوردين من نظام «صفرية الجمارك» على السلع والمعدات والمواد الخام، بينما تُحدد ضريبة الشركات وضريبة الدخل للكفاءات العالية عند 15٪ فقط.

وأكد المسؤول أن هذه السياسات يمكنها خفض تكاليف التشغيل للشركات من دول الجنوب العالمي بنسبة تصل إلى 20%، ما يجعل هاينان خياراً اقتصادياً جذاباً.

 كما أشار إلى سياسة «الإعفاء المزدوج» في التجارة الإلكترونية عبر الحدود، التي تسمح بدخول منتجات الجنوب العالمي إلى السوق الصينية بكفاءة أعلى وكلفة أقل، إلى جانب إنشاء عدة دول مراكز تجارية في المقاطعة لدعم نماذج «التصنيع بغرض التصدير».

ومع التشغيل الكامل للجمارك الخاصة على مستوى الجزيرة، سترتفع نسبة السلع التي تتمتع بصفرية الجمارك من 21% إلى 74%، في خطوة تعدّ الأوسع منذ تأسيس الميناء.

نظام ضريبي محفّز

قالت سونغ وي، أستاذة العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة اللغات الأجنبية ببكين، إن الشركات من دول الجنوب العالمي ستستفيد من إعفاءات الضرائب على المواد الخام والمعدات والمكونات، إضافة إلى الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة والاستهلاك عند الاستيراد، ما يخلق «ميزة سياساتية منهجية» تعزز كفاءة الشركات وتنافسيتها.

ولفت هوانغ بينغ، نائب مدير لجنة التنمية والإصلاح، إلى أن هاينان تعتمد نهجاً يقوم على “فتح الباب على مصراعيه” ومنح معاملة متساوية لجميع المستثمرين.

وتقدّم سياسة القيمة المضافة مساراً خاصاً لسلع الجنوب العالمي: أي منتج ترتفع قيمته بنسبة 30% داخل هاينان يمكنه دخول البر الرئيسي الصيني بدون جمارك، ما يعزز قدرته على المنافسة.

تحول اقتصادي شامل

شهدت التجارة الخارجية للمقاطعة قفزة ضخمة من 33.3 مليار يوان عام 2020 إلى 2778.9 مليار يوان عام 2024. 

كما ارتفعت المشاريع الوطنية للابتكار إلى 268 مشروعاً، وزادت أعداد الشركات التقنية المعتمدة، وتم إنشاء منصات وطنية متقدمة للابتكار التكنولوجي.

بيئياً، حققت المقاطعة إحدى أعلى نسب جودة الهواء في الصين (99.4%)، وبلغت جودة المياه البحرية 99.879%، بينما تغطي الطاقة النظيفة ما بين 70% و80% من استهلاك الكهرباء. 

كما وصلت نسبة السيارات الجديدة الصديقة للبيئة إلى 60.75%.

وفي البنية التحتية، توسعت شبكة الطرق لتصل إلى 4200 كيلومتر، وتم تشغيل كابل بحري متطور وتعزيز الربط الكهربائي بين المناطق.

وفي الجانب الاجتماعي، توسعت الخدمات الصحية مع افتتاح فروع لمستشفيات وطنية مرموقة، وتحسنت جودة التعليم مع اعتماد برامج مؤسسات دولية.

  منصة استراتيجية للجنوب العالمي

تملك المقاطعة خبرة واسعة في الزراعة المدارية، والسياحة العابرة للحدود، والاقتصاد الصحي، والنماذج البيئية الرقمية، وهي تجارب يتم تصديرها إلى دول جزرية أخرى. كما عزز اتفاق “الصين–الآسيان 3.0” دور هاينان كمركز لوجستي رئيسي للتجارة.

كما أكد وانغ بين أن التجارة الإلكترونية العابرة للحدود في هاينان أصبحت رافعة مهمة لمنتجات دول الجنوب العالمي لدخول السوق الصينية، مدعومة بإعفاءات ضريبية ومنصات لوجستية متقدمة.

مركز للاستثمارات الصينية إلى الخارج

وأشار لي تشي بينغ، نائب مدير دائرة التجارة، إلى أن هاينان أصبحت قاعدة مهمة للشركات الصينية التي تتوسع في الخارج، خصوصاً نحو جنوب شرق آسيا.

فمن يناير إلى أكتوبر سُجلت 296 شركة جديدة للاستثمار الخارجي (زيادة 43%)، وبلغت الاستثمارات المدفوعة 3.17 مليار دولار (زيادة 42.6%). 

كما بلغت الاستثمارات في جنوب شرق آسيا 5.4 مليار دولار، أي 41.7% من إجمالي الاستثمارات الخارجية للمقاطعة.

بوابة المستقبل للجنوب العالمي

في ختام الإحاطة، أكد وانغ بين أن هاينان أصبحت «جبهة جديدة لانفتاح الصين، ونقطة ساخنة للتعاون الإقليمي المتبادل، ومحركاً مهماً للعولمة الاقتصادية».

ودعا الشركات والمستثمرين من دول الجنوب العالمي إلى الاستفادة من الفرص الجديدة التي يتيحها الميناء، والمشاركة في صناعة مستقبل أكثر ازدهاراً.

وقال إن  هاينان اليوم ليست مجرد مقاطعة صينية، بل منصة مشتركة تُكتب فيها قصة تعاون جديد بين الصين ودول الجنوب العالمي.