25 - 11 - 2025

انتباه | عادل حمودة وإبراهيم عيسى: أصحاب «كشك التريندات»

انتباه | عادل حمودة وإبراهيم عيسى: أصحاب «كشك التريندات»

لن أدخل في جدلٍ مع الكاتبين عادل حمودة وإبراهيم عيسى حول ما ذهبا إليه من أنّ «الأهرام مش مدرسة» وأنّ هيكل «ما لوش تلاميذ». فهذه مقولة تريد ـ بوعي أو بدونه ـ أن تُسقِط التاريخ نفسه من سجل المهنة، وأن تُجرِّد الصحافة المصرية والعربية من إرثها، كأنها لم تتكوّن عبر قرن كامل من التجربة، وكأن القامات التي صنعتها جاءت من فراغٍ أو نبتت نبتًا بلا جذور ولا ظل.

دعونا ـ بدلًا من مطاردة الظلال ـ ننظر إلى الصحافة التي يقدّمها كلٌّ منهما.

صحافة عادل حمودة تقوم على ثلاث قوائم قصيرة لا تقوى على حمل بناء راسخ: إثارة عاجلة، محتوى خفيف يشبه اللمعة الخاطفة، وافتقار معلَن إلى أي عمق. مقالاته و"تحقيقاته" تمامًا مثل كيس شيبسي أو كيس فشار؛ يفرقعان بسرعة، يملآن الهواء ضجيجًا ورائحةً، ثم يكتشف القارئ بعد دقائق أن معدته الإعلامية ما زالت خاوية. إنها صحافة الفلاش لا صحافة النور؛ بريق لحظي بلا أثر.

أما إبراهيم عيسى فهو ـ بطريقة ما ـ الابن العاق لصحافة حمودة ذاتها؛ خرج من عباءتها لكنه ظل وفيًّا لجوهرها: الإثارة غاية، والجدل سلعة، والاختلاف من أجل الظهور لا من أجل الكشف.

 يعتمد سياسة «خالف تُعرَف» كأنها دستور مهني ثابت؛ يصبح الجدل فيها هو المنتج النهائي، وهو ذاته السلعة الوحيدة في دكانه الصحفي. يتحرّى القضايا الخلافية لا لأنه يمتلك مفاتيحها، بل لأنها تضمن له ضجيجًا دائمًا في سوق رائج بالسطحية والبحث عن الإثارة، ويطرح على قارئه أكثر الآراء شذوذًا ليضمن استمرار الجلبة من حوله. وقد ساعده مناخ عام يميل إلى التفاهة والتشويق السريع، فكان صوته حاضرًا، لكنه بلا جذور قابلة للنماء في الأرض.

وما يجمع حمودة وعيسى أنّ كليهما بارع في التواجد داخل الفراغ؛ ذلك الفراغ الفكري والمهني الذي يسمح لأي موجة إثارة أن تتحوّل إلى "حدث"، ولأي رأي شاذ أن يتحوّل إلى عنوان صاخب. ما يقدمانه ليس مدرسة ولا كُتّابًا ولا صحافة رصينة، بل موجات عابرة من الجدل اللحظي، تُحدِث صوتًا ثم تمضي. 

لكلٍّ منهما "كشك تريندات" على ناصية السوشيال ميديا، لكن بلا تاريخ يصنع تراكمًا، ولا عمق يصنع أثرًا، ولا مشروع يصنع تلاميذ.

وليس أقوى دليلًا على هشاشة إعلام حمودة وعيسى من تراجع عادل حمودة السريع عن التريند المشترك مع تلميذه؛ قال أمس إنّ الأهرام ليست مدرسة وإنّ هيكل بلا تلاميذ، ثم عاد ـ متراجعًا ـ ليكتب أن الأهرام ليست مدرسة … الأهرام جامعة! 

لم يترك لنا سوى أن نكتب ألف علامة تعجب!
----------------------------
بقلم: محمد حماد

مقالات اخرى للكاتب

انتباه | عادل حمودة وإبراهيم عيسى: أصحاب «كشك التريندات»