- الشهداء الفلسطينيون أكثر من قرن من المقاومة والتضحيات
منذ بدايات القرن العشرين، تحملت الأرض الفلسطينية عبء مأساة تاريخية طويلة، سجلت فيه صفحات الدمار والفقدان. تاريخ الشهداء الفلسطينيين ليس مجرد أرقام، بل هو مرآة لصمود شعب يتحدى الاحتلال، وحكاية حياة ضاعت بلا ذنب، لتروي قصة صراع طويل لم تنته تداعياته حتى اليوم.
ما قبل النكبة: بوادر المأساة
في 4 أبريل 1920، شهدت فلسطين أحداث النبي موسى، والتي أسفرت عن سقوط 4 قتلى فلسطينيين، مؤشراً مبكرًا على تصاعد التوترات بين السكان الأصليين والسلطات الاستعمارية.
بين عامي 1921 و1929، تكاثرت الاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة، وأسفرت تقديرات تاريخية عن سقوط عشرات الشهداء.
وفي ذروة الأزمة، بين 23 و29 أغسطس 1929، شهدت القدس وحيفا ما يعرف بـ مذابح 1929، حيث قتل ما بين 133 و200 فلسطيني، نتيجة اشتباكات دموية على خلفية دينية وسياسية.
ثم جاءت الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939)، مقاومة منظمة ضد الاحتلال البريطاني والهجرة الصهيونية، راح ضحيتها ما بين 5,000 و6,000 فلسطيني.
مجازر النكبة وما بعدها
مع اندلاع النكبة في 15 مايو 1948، دخلت فلسطين فصلًا مأساويًا جديدًا من تاريخها.
22–23 مايو 1948 – مجزرة طنطورة: أكثر من 200 شهيد فلسطيني سقطوا بعد استسلام سكان القرية.
29 أكتوبر 1948 – مجزرة الدوايمة: بين 80 و200+ شهيد فلسطيني.
في الأيام الأولى للنكبة، استشهد آلاف المدنيين الفلسطينيين، وأُجبر ملايين على التهجير، ليبدأ نكبة جماعية لم يشهدها العالم المعاصر.
خلال فترة 1948–1967، واستمرار الاحتلال والاعتداءات العسكرية على الضفة الغربية وقطاع غزة، قُتل تقديريًا بين 5,000 و7,000 فلسطيني.
الحروب الكبرى والانتفاضات
لم يتوقف العنف، بل تصاعد في حروب واشتباكات كبرى:
5–11 يونيو 1967 – حرب 1967: بين 5,000 و10,000 شهيد فلسطيني في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
9 ديسمبر 1987 – 13 سبتمبر 1993 – الانتفاضة الأولى: أكثر من 2,000 شهيد فلسطيني.
28 سبتمبر 2000 – 8 فبراير 2005 – الانتفاضة الثانية: أكثر من 3,200 شهيد فلسطيني.
حروب غزة الحديثة
شهدت غزة موجات من العدوان:
2008–2009 – حرب غزة: 1,400–1,417 شهيد فلسطيني.
14 نوفمبر 2012 – عملية عامود السحاب: 167 شهيدًا.
2014 – حرب غزة: 2,251–2,310 شهيد فلسطيني.
العدوان الأخير: أكتوبر 2023 – منتصف 2025
منذ 7 أكتوبر 2023، ارتفعت حصيلة الشهداء بشكل غير مسبوق، حيث قتل 65,419+ فلسطينيًا وفق وزارة الصحة بغزة، منهم عشرات الآلاف في أشهر قليلة. عام 2023 وحده سجل 22,404 شهيدًا فلسطينيًا، أغلبهم من المدنيين، في أعلى حصيلة سنوية منذ النكبة.
الرقم الكلي للشهداء الفلسطينيين
من النكبة 1948 وحتى منتصف 2025، تشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد الشهداء يتراوح بين 134,000 و157,000 فلسطيني. هذا الرقم يشمل المدنيين والمقاتلين، ويعكس حجم التضحيات البشرية الهائل الذي لم يُسجل بدقة قبل النكبة، لكنه يشكل مؤشرًا واضحًا على مأساة الشعب الفلسطيني المستمرة.
تأمل سياسي وإنساني
كل رقم في هذه الإحصاءات ليس مجرد رقم؛ هو شهادة حياة ضائعة، هو عائلة مفجوعة، قرية فقدت روحها، ومجتمع أصابه الفقد والحزن. التاريخ الفلسطيني منذ أحداث النبي موسى وحتى اليوم هو سجل طويل من الشهادة والتضحيات، يوضح أن النضال الفلسطيني لم يكن يومًا مجرد صراع عسكري، بل صراع سياسي وإنساني من أجل الوجود والكرامة.
الشهداء الفلسطينيون هم المرآة الحية لمأساة شعب، وهم التذكير المستمر بأن العدالة والسلام الحقيقيين لا يمكن أن يتحققا إلا بالاعتراف بالحق الفلسطيني وصون حياة الأبرياء.
-------------------------------
بقلم: حاتم نظمي







