في خطاب شديد اللهجة أمام مجلس الأمن، عبّرت الصين عن قلقها العميق إزاء مشروع القرار المطروح حول مستقبل غزة، مؤكدة أن القطاع، الذي دُمّر خلال عامين من الحرب القاسية، يحتاج قبل كل شيء إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإغاثة إنسانية عاجلة، وخطة إعادة إعمار تضع إرادة الشعب الفلسطيني في قلبها.
وقالت الصين إن غزة، التي يعيش فيها أكثر من مليوني شخص تحت وطأة الدمار والنزوح، “أصبحت أرضاً مدمرة تحتاج إلى إعادة بناء الأمل قبل الحجر”. وأكدت دعمها لأي خطوة في المجلس تُسهم في تثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف الكارثة الإنسانية وإطلاق مسار لإعادة الإعمار والتنمية.
غير أن بكين أعربت عن “قلق بالغ” تجاه مشروع القرار الذي طُرح للتصويت، مشيرة إلى وجود أربع إشكاليات رئيسية:
أوضحت الصين أن مشروع القرار يتضمن الدعوة لتشكيل “مجلس للسلام وقوة دولية للاستقرار” تتولّى إدارة المرحلة اللاحقة للحرب، إلا أنه لا يحدد طبيعة تلك القوة ولا تشكيلها ولا مهامها، رغم طلب الدول الأعضاء توضيحات متكررة لم تتلقَّ أي إجابة بشأنها.
شددت الصين على أن غزة ملك لأهلها وحدهم، وأن أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تُحترم فيها سيادة الفلسطينيين ودور السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل كامل. وانتقدت بكين تغييب فلسطين تقريباً عن بنود القرار، إلى جانب عدم التأكيد الصريح على الالتزام بحل الدولتين.
واعتبرت الصين أن منح القوة الدولية المقترحة سلطات واسعة على غزة دون آليات رقابية فعالة، والاكتفاء بتقارير سنوية، يُعدّ تجاوزاً لدور الأمم المتحدة التي تمتلك خبرة كبيرة في إدارة مراحل ما بعد النزاعات وإعادة الإعمار.
أشارت بكين إلى أن المشروع طُرح للتصويت على عجالة خلال أقل من أسبوعين من تقديمه، دون استيعاب أغلب الملاحظات الجوهرية لأعضاء المجلس، معتبرة أن هذه الطريقة “تضر بوحدة المجلس وتتنافى مع روح العمل المشترك”.
ورغم تحفّظاتها الكبيرة، كشفت الصين أنها امتنعت عن التصويت مراعاةً للوضع الإنساني الهش في غزة، وحرصاً على الحفاظ على وقف إطلاق النار ودعم المواقف الفلسطينية والعربية.
وختمت بكين موقفها بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية تبقى جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وأن الحل الوحيد العادل هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق الشعب الفلسطيني في الدولة والعيش والعودة.
وأكدت الصين استعدادها للعمل مع المجتمع الدولي من أجل “حل شامل وعادل ودائم” للقضية الفلسطينية، مجددة دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.





