18 - 11 - 2025

في غزة.. لا صوت يعلو فوق الإعمار

في غزة.. لا صوت يعلو فوق الإعمار

"الجوع منتشر في غزة .. وإحصائيات الموتى في القطاع ارتفعت إلى عشرات الآلاف .. ونحن اليوم قادرون على إخماد هذا الحريق" .. كلمات تردد صداها في أروقة الأمم المتحدة قبل دقائق من تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الأمريكي بشأن مستقبل غزة بعد الحرب .. وبمجرد أن صوت 13 عضوا في المجلس لصالح مشروع القرار مقابل امتناع روسيا والصين عن التصويت، انهمرت كلمات مندوبي الدول كالمطر يروي ظمأ مئات الآلاف من الفلسطينين المتعطشين لحلم الدولة المستقلة، الذي قد يبدأ من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كخارطة طريق عملية لإنهاء الصراع في غزة، وتنفيذ عملية تنمية في القطاع بدعم من البنك الدولي.

ليلة التصويت الحاسمة جددت الدماء في شرايين القضية الفلسطينية المتصلبة انطلاقا من أن القرار يعد شرطا أساسيا لإضفاء الشرعية على المجلس الانتقالي المقترح في غزة وإقناع الدول المترددة بإرسال قوات إلى القطاع للمشاركة الإيجابية لإحلال الهدوء والسلام داخل أراضي جرفتها رياح الدم والنار .. وتنص المسودة الأخيرة للقرار على إنشاء مجلس السلام وهو هيئة انتقالية تشرف على إعادة إعمار غزة، وتجيز نشر قوة استقرار دولية تتولى مسؤولية نزع السلاح وتدمير البنية التحتية العسكرية في القطاع، وتتضمن المسودة الملحق الكامل لخطة ترامب ذات الـ 20 نقطة.

حالة من السخط والحنق سادت الأوساط الإسرائيلية وفجرتها المسودة بالإشارة إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلا، شريطة تنفيذ السلطة الفلسطينية برنامجا إصلاحيا وإنجاز خطة إعادة إعمار غزة .. وهي ذاتها نفس الحالة التي ضربت حركة حماس ولكن مع اختلاف الدوافع وتباين المواقف، حيث رأت قيادات حماس وفصائل أخرى أن مشروع القرار خطوة خطيرة تمهد لوصاية دولية على غزة، وتخدم المصالح الإسرائيلية .. وصولا إلى إعلان حماس رفض نزع السلاح كشرط للحل وتسوية القتال ..

وإزاء ردود الأفعال هذه من طرفي الصراع تجد ورقة القرار الدولي نفسها قبل أن يجف حبرها عرضة للاحتراق في مرمى نيران الغضب والعناد والتشبث بخيار القوة المسلحة ولغة العنف .. وتظل الأصوات العاقلة تغرد وترتفع نبرتها لتقول :"لاصوت يعلو فوق الإعمار"!.
----------------------------
بقلم: شريف سمير
* نائب رئيس تحرير الأهرام

مقالات اخرى للكاتب

في غزة.. لا صوت يعلو فوق الإعمار