11 - 11 - 2025

سفير تركيا: علاقات أنقرة والقاهرة تدخل مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة

سفير تركيا: علاقات أنقرة والقاهرة تدخل مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة

ينعقد في العاصمة التركية أنقرة اجتماع لجنة التخطيط المشتركة بين مصر وتركيا، في إطار التحضير لانعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، المقرر عقده في النصف الأول من عام 2026، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس رجب طيب أردوغان.

وفي تصريحات أدلى بها سفير تركيا لدى القاهرة صالح موطلو شن، أوضح أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي سيزور أنقرة للمشاركة في اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة، مشيرًا إلى أن الاجتماع يهدف إلى تنسيق التحضيرات لمجلس التعاون الاستراتيجي، وتحديد الخطوات المستقبلية بين البلدين عبر التشاور المتبادل.

وقال السفير شن إن العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة اكتسبت زخمًا كبيرًا منذ نوفمبر 2022، وعادت إلى مسارها الطبيعي مع إعادة تعيين السفراء في منتصف عام 2023، موضحًا أن إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى في فبراير 2024 كان بمثابة الانطلاقة الجديدة لتنظيم وتوجيه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأضاف أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر جاءت ردًا على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية إلى القاهرة في فبراير، حيث شهدت الزيارة توقيع 17 اتفاقية تعاون شملت مجالات متعددة، مؤكدًا أن هذه الاتفاقيات أرست الإطار العام للعلاقات الثنائية في المرحلة الجديدة.

وأشار السفير شن إلى أن الرئيس أردوغان زار مصر ثلاث مرات خلال العام والنصف الماضيين، كان آخرها في أكتوبر 2025 للمشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام، معتبرًا أن هذه الزيارات تؤكد عمق التعاون الاستراتيجي وتفتح مرحلة جديدة من الشراكة بين البلدين.

وفي الشق الاقتصادي، كشف السفير التركي أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا تجاوز 8 مليارات دولار في عام 2024، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، مؤكدًا أن اتفاقية التجارة الحرة تمثل الإطار الأهم المنظم للتبادل التجاري، وأن التزام البلدين بها يعكس قوة الاقتصاد المصري والتكامل المتزايد بين الاقتصادين.

وأضاف أن هناك اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين الأتراك بالسوق المصرية، حيث تم تنفيذ العديد من المشروعات منذ عام 2022، من بينها افتتاح مصنع “بيكو” للأجهزة المنزلية بالعاشر من رمضان، ووضع حجر الأساس لعدة مصانع تابعة لشركة “هيات كيميا” في العين السخنة، بالإضافة إلى توسع الاستثمارات التركية في منطقة القنطرة غرب بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وأكد السفير شن أن مصر تمثل وجهة مثالية للاستثمار التركي بفضل العمالة الماهرة وانخفاض تكلفتها، فضلًا عن موقعها الجغرافي المتميز واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) التي تتيح تسهيلات تصديرية مهمة.

كما لفت إلى نمو التعاون في قطاعي النقل البحري والسياحة، موضحًا أن تركيا تسعى لتنويع خطوط النقل البحري عبر خدمات “RORO”، فيما زاد عدد السياح الأتراك إلى مصر ثلاثة أضعاف بعد تطبيق نظام التأشيرة عند الوصول، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد خمس مرات خلال العام الجاري.

وأشار إلى أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيمثل حافزًا إضافيًا لجذب السياح الأتراك، مؤكدًا أن العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين البلدين تُدار وتُنسق في إطار مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى.

وفي سياق متصل، أوضح السفير شن أن تبادل الزيارات الوزارية بين الجانبين يعزز مسار التعاون، مشيرًا إلى زيارة وزير النقل التركي لمصر لحضور مؤتمر TransMEA ولقائه بوزير النقل المصري كامل الوزير، إلى جانب اللقاءات المنتظرة لوزيري الصحة والتجارة التركيين بالقاهرة.

وفي المقابل، شارك وزير التجارة الخارجية والاستثمار المصري حسن الخطيب في اجتماع مجلس التعاون التجاري والاقتصادي للدول الإسلامية (الكومسيك) في تركيا، حيث التقى عددًا من المستثمرين الأتراك، مشيدًا بثمار زيارته لإسطنبول.

وعن التعاون الثقافي والفني، أكد السفير شن أن عام 2025 يمثل الذكرى المئوية للعلاقات التركية المصرية، مشيرًا إلى أن السفارة التركية بالقاهرة نظمت وتستعد لإطلاق فعاليات فنية وثقافية مميزة، من بينها معرض للخط العربي في الجمعية الجغرافية المصرية يشارك فيه خطاطون من رئاسة الشؤون الدينية التركية، بالإضافة إلى معرض فساتين الزفاف التركية التقليدية وحفل موسيقي تركي كلاسيكي في 19 نوفمبر الجاري بمشاركة فنانين مصريين وأتراك.

كما لفت إلى مشاركة فنانين ومخرجين أتراك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السادس والأربعين، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة الثقافية والفنية تسهم في تعزيز أواصر الود بين الشعبين، وتعيد إحياء الروابط التاريخية والثقافية العميقة بين مصر وتركيا.

واختتم السفير شن تصريحاته بالتأكيد على أن مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بات الإطار المؤسسي الأبرز الذي ينظم العلاقات بين البلدين، وأن الاجتماعات الجارية في أنقرة تمثل خطوة جديدة نحو ترسيخ الشراكة الشاملة وتعميق التعاون الثنائي في جميع المجالات.