بدلا من أن نشجع على طرح العنصرية جانبا، فإننا ما زلنا نعاني من الطبقية المقيتة.
لماذا أيتها الشابة المثقفة؟ ما الذي يعبر عن هوية مصر من وجهة نظر معاليك ومن على شاكلتك، "المحزق والملزق" وفساتين العري والسجادة الحمراء ، وشواطئ العراة، وحفلات زواج الكلاب، وحفلات زواج البشر بالكلاب، والكنتاكي، والعربدة والسكر والقبلات والاحضان فى الاحتفالات، حتى سرادقات العزاء لم تسلم من هذا الاسفاف.
ما الذي لا يعجبك فى الجلابية الصعيدية، الجلابية الفلاحي
ألا تعلمين أن أساس نهضة مصر الصعايدة والفلاحين أليسوا هؤلاء من حققوا اللحمة الوطنية.
علماء مصر الذين قادوا النهضة العلمية تخرجوا من تحت العباءة والجلابية، ماذا كان لباس الطهطاوي ، محمد عبده ، محمود شلتوت ، عبد الحليم محمود ، الشيخ الطيب ، حسن الشافعي. أليسوا هؤلاء علماء مصر.
ألتقينا أكابر الصحافيين وهم يرتدون الجلباب ، ما أحلاهم. كبار الفنانين شاهدنا صفحاتهم على مواقع التواصل تزين صورهم الجلباب. ثم أليس لدينا نواب في مجلسي النواب والشورى من الصعيد والفلاحين وشاهدنانهم بعباءاتهم وجلابيبهم، هل هؤلاء لا يعبرون عن هوية مصر.
لاحظوا إنهم نواب الشعب.
وغيرهم كثر لا يمكن حصرهم ، جميعنا نشأنا في مدن وقري مصر، لا فرق بيننا، جميعنا نعبر عن الهوية المصرية الأصيلة.
من الذي حفر قناة السويس؟ الكادحون من ذوي البشرة السمراء الذين يرتدون الجلباب الصعيدي والفلاحي.
حتى على المستوى الفني
فرقة رضا للفنون الشعبية، ما الذي جعلها تنتشر عالميا، الجلابية والعصا والعمامة التي تعبر عن الفولكلور الشعبي المصري الأصيل.
حتى البسطاء في المعابد الذين يرشدون الأجانب ويتحدثون أكثر من لغة يلبسون الجلباب ويستضيفون السياح في بيوتهم ويطلب منهم الأجانب التقاط الصور التذكارية.
يا ابنة جيلك دعك من هذه النعرة الكذابة، ودعك من هذه العنصرية البغيضة.
ودعونا نعود عودا أحمد إلى أصولنا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا.
فجميعنا أبناء مصر ، وجميعنا يعبر عن حبه لبلده بطريقته.
هل لأن رجل من صعيد مصر أتى هو وزوجه لزيارة المتحف المصري الكبير فخر مصر المعاصرة، مرتديا الجلابية وزوجه مرتدية العباءة ننهره ونهينه ونوجه لهما الانتقاءات أنهما لا يعبران عن هوية مصر.
يعني ماذا تريدين منهما ، أن يلبسوا على الموضة، تلبس السيدة فستانا كاسيا عاريا وزوجها يلبس جيبة ويضع حلقا في أذنه ويحلق شعره قوس قزح مثلا حتى يعبر عن شخصية مصر، إن كان التعبير والتمثيل بهذه الصورة المقززة فبئس التعبير وبئس التمثيل.
أيتها السيدة ، لا تنخدعي بالبهرجة والمظاهر الخادعة ، فنحن في صعيد مصر وفي فلاحين مصر لنا عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ومبادئنا ولن نغيرها من أجل ما تطلقين عليه المعاصرة والحداثة.
إن كان فهمك للمدنية الحديثة هكذا، فتعالي ألقنك درسا فى المدنية الحديثة .
فالمدنية الحديثة والمواكبة لا تتحقق عن طريق المظهر والشكل والصورة ، فقد تكون الصورة جذابة لكن المحتوى أجوف.
المدنية الحديثة تقوم على العلم والتعلم والمواكبة والمعاصرة ومتابعة كل جديد من تقنيات حديثة تتواءم مع الثورة المعلوماتية والتكنولوجية العالمية.
المدنية الحديثة تقوم في متابعة البحوث العلمية في كل مجالات البحث العلمي على كافة الأصعدة والمستويات.
المدنية الحديثة تكمن في كيفية استخدام التقنيات الحديثة التي تفيد بلدنا الحبيب مصر ، في إدارة متحف عالمي مثل الذي شيدناه.
إن حداثتنا ومدنيتنا أن نقدم فكرا راقيا يستفيد منه الجميع أيا كان ملبسنا، وأيا كان لون بشرتنا.
مدنيتنا الحديثة أن نطرح الطبقية والعنصرية ونفرغ أنفسنا للبناء والتشييد ، فزمن التنمر على خلق الله ولى وانتهي ، فجميعنا شعب واحد يحب وطنه ، صعيدي ، بحراوي.
أيا كانت جهة مولده ، فجميعنا تسري في عروقنا من الشريان إلى الشريان دماء مصر ، حتى في أرقامنا القومية ، مكتوب جمهورية مصر العربية ، ليس مكتوبا بحراويا أو صعيدا ، أو يلبس بذة أو جلبابا.
-------------------------------
بقلم: د. عادل القليعي
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان






