تزايدت في الأيام الأخيرة التقارير الإعلامية التي تتحدث عن تحركات حكومية لبنانية تهدف إلى نزع سلاح "حزب الله"، تنفيذًا للالتزامات المترتبة على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، غير أن المشهد الميداني ما زال غامضًا، في ظل تضارب الروايات بين المصادر اللبنانية والغربية، وموقف الحزب الذي يتمسك بسلاح “المقاومة” باعتباره "حقًا مشروعًا في مواجهة الاحتلال".
وفي بيان نقله موقع وكالة رويترز يوم الخميس 6 نوفمبر 2025، أكد حزب الله أن له “الحق المشروع في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي”، مشددًا على أن لبنان ملتزم بالهدنة، لكنه “غير ملزم بالدخول في مفاوضات سياسية مع العدو الإسرائيلي” وفقًا لرؤيةالإخبارية، معتبرًا أن الدفاع عن السيادة الوطنية لا يخضع لضغوط أو حسابات سياسية.
هدنة قلقة بين لبنان وإسرائيل
يأتي بيان الحزب بعد أسبوع من توجيه الرئيس اللبناني جوزيف عون أوامر للجيش بالتصدي لأي توغل إسرائيلي في الجنوب، إثر حادث مقتل موظف بلدي خلال عبور قوات إسرائيلية الحدود ليلاً، رغم استمرار الهدنة الموقعة بوساطة أمريكية منذ نوفمبر 2024 عقب أكثر من عام من المواجهات على خلفية حرب غزة، ورغم وقف النار الرسمي، تتكرر الخروقات الإسرائيلية عبر الحدود من حين إلى آخر، ما يبقي التوتر قائمًا على الجبهة الجنوبية.
جدل حول تفكيك السلاح
أفادت وكالة رويترز في تقرير سابق بأن الجيش اللبناني دمر كميات كبيرة من أسلحة حزب الله في إطار تنفيذ اتفاق وقف النار، لكنها أشارت إلى نفاد المتفجرات اللازمة للتفجير خلال العملية، ما أثار تساؤلات حول مدى دقة هذه المعلومات.
في المقابل، شككت صحيفة جيروزاليم بوست في مصداقية التقرير، مشيرة إلى غياب الأدلة الملموسة أو الصور التي تؤكد وقوع عمليات مصادرة أو تدمير حقيقي للأسلحة.
تقارير رسمية ومخاوف ميدانية
ووفقًا لمركز “مئير عميت” الإسرائيلي، قدم قائد الجيش اللبناني أول تقرير رسمي للحكومة حول خطة نزع سلاح حزب الله تنفيذًا لقرارات أغسطس 2025، التي تنص على احتكار الدولة للسلاح.
كما نقلت مصادر أمريكية أن الجيش اللبناني أزال نحو 10 آلاف صاروخ و400 قذيفة منذ وقف إطلاق النار، لكن التحركات تقتصر على المواقع التي تبلغ عنها الأمم المتحدة تجنبًا لأي صدام مباشر مع الحزب.
وتستعد الحكومة اللبنانية لمناقشة التقرير الثاني للجيش برئاسة الرئيس عون، بمشاركة رئيس الوزراء نواف سلام، والمتوقع أن يتناول انتشار القوات جنوب نهر الليطاني، مع استكمال المرحلة الثانية شمال النهر قبل نهاية العام الجاري.
تعاون تكتيكي أم مناورة سياسية؟
يؤكد حزب الله أنه يتعاون مع الجيش اللبناني في الجنوب، وأنّ النائب محمد رعد زار قيادة الجيش مؤخرًا لتأكيد وحدة الموقف، وتشير مصادر قريبة من الحزب إلى أن موقفه من نزع السلاح يتماشى مع رئيس البرلمان نبيه بري، أي التفاوض عبر لجنة تقنية مشابهة لتجربة ترسيم الحدود البحرية.
غير أنّ مراقبين يرون أن هذا الموقف أقرب إلى مناورة سياسية، خاصة أن الحزب لا يزال يربط سلاحه بـ“حق الدفاع عن لبنان” ضد إسرائيل.
ضغوط أمريكية وإسرائيلية متزايدة
ذكرت تقارير إسرائيلية أن المبعوث الأمريكي توم باراك أبلغ الجيش اللبناني بضرورة تحقيق تقدم ملموس في ملف سلاح الحزب قبل نهاية نوفمبر، وإلا فإن إسرائيل “ستكون حرة في تنفيذ ضربات عسكرية بدعم أمريكي ضمني”.
وترافق هذه الضغوط مخاوف إسرائيلية من أن الحزب يعيد بناء قدراته الصاروخية بوتيرة متسارعة، في حين تتهم وسائل إعلام قريبة من الحزب إسرائيل بنشر معلومات مضللة لتبرير هجوم جديد على لبنان.
كما أفادت القناة 12 العبرية بأن الجيش الإسرائيلي أعدّ خططًا ميدانية للعودة إلى القتال في لبنان إذا لم يحرز ملف نزع السلاح تقدمًا ملموسًا، مؤكدة أن الحكومة الإسرائيلية تضع جميع السيناريوهات على الطاولة استعدادًا لاجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر، وسط تنسيق أمريكي متزايد مع تل أبيب.





