مايحدث فى القطر الشقيق حقيقى مأساة مروعة، خاصة مشاهد الدم والقتل الذى مارسته قوات الدعم السريع، تحت بصر العالم، وبدعم من الكيان الصهيونى المجرم، والإمارات التي لا تلعب لحسابها، إن إسرائيل تسعى بكل قوة لإضعاف السودان، وتقسيمه وتقزيمه، وقد بدأت هذا المخطط بهدف الوصول إلى سودان مجزأ، وهش، وهذا أفضل لها من سودان قوى وموحد، بهدف التحكم فى نهر النيل، ذى الأهمية الوجودية والاستراتيجية لمصر والسودان معا.
يؤدي ذلك أيضا إلى تهديد الملاحة بالبحر الأحمر، وإضعاف التأييد الإفريقى للقضايا العربية، وأتذكر فى عام 2008 ألقى الإرهابى ٱفى ديختر وزير الأمن الإسرائيلى فى ذلك الوقت، محاضرة أمام معهد أبحاث الأمن القومى قال فيها بالنص: "نحن نقود خراب السودان، ويجب ألا نسمح لهذا البلد، رغم بعده عنا بأن يصبح قوة مضافة إلى العالم العربى، لأن موارده لو استقر، ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب، وهذا الكلام أو هذه الألغام أكده أيضا مائير داغان، رئيس الموساد أثناء حفل تقاعده عام 2010 عندما أشاد بإنجازات الموساد، والتى ذكر من بينها، أن انفصال جنوب السودان تم بجهود استخباراتية إسرائيلية، بدأت منذ عام 1956 حينما استغلت إسرائيل العوامل المفرقة، بين شمال وجنوب السودان، لتمزيق هذه الدولة ذات المواقف العدائية تجاهنا، والتى تمثل عمقا استراتيجيا لمصر.. العدو الأكبر لإسرائيل، وأضاف داغان أن فعلا مماثلا تتبناه تل أبيب الٱن فى دول عربية أخرى، وقد نجحت فيه إلى حد كبير، مثل سوريا والعراق، وليبيا ولبنان.
وفى أعقاب نشوب الحرب بين ميليشيات الدعم السريع، والجيش الوطنى السودانى نشر موقع "ميدل إيست ٱى" مقالا بعنوان: كيف ستكسب إسرائيل الحرب فى السودان؟ وأكد كاتب المقال أن تل أبيب معنية وحريصة على كسب الدعم السريع للمعركة، للسيطرة على "إقليم دارفور" وقد بدأت بوادر هذا بالأمس القريب، بعد سقوط "الفاشر" عاصمة ولاية شمال دارفور فى أيدى قوات الدعم السريع، تقع دارفور غرب السودان ويبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة تقريبا، وتمتلك أراضى زراعية خصبة، تنتج محاصيل متنوعة وثروة حيوانية هائلة، وتختزن أراضيها 6 بحيرات مياه جوفية، ومعادن، مثل الحديد، والنحاس، واليورانيوم، والذهب بكميات كبيرة، وكلها إمكانات كبيرة يسيل لها لعاب إسرائيل ولاعبين ٱخرين فى الخليج وغيرها.
إن المخطط الصهيونى فى العالم العربى، وفى السودان الشقيق بالتحديد، ينفذ الٱن بحذافيره، وتجرى أحداثه أمام أعيننا، لكن كثيرا من العرب للأسف يعانون من انعدام الرؤية، وفقدان الذاكرة، والعجز عن التصدى للمؤامرة.
إن إسرائيل ماضية الٱن إلى تحقيق حلمها فى إقامة إسرائيل الكبرى، فبمجرد من التخلص من أعدائها الحاليين، ستتفرغ لتقسيم المقسم، كما يقول كثير من ساستها ومفكريها، والسؤال الصعب الذى يطرح نفسه الٱن، أين العرب من هذه الحقائق المرعبة؟!، إن السودان اليوم فى أمس الحاجة للمساندة والدعم من الأشقاء العرب، ومن الأصدقاء الأفارقة أيضا لدعم شرعية البرهان، وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وتفويت الفرصة على المتربصين بالسودان فى تل أبيب، والإمارات، وكشف مخططاتهم الشيطانية.
لأن السودان جزء أصيل من الوطن العربى الكبير، وينبغى على الجميع أن يسانده اليوم وليس غدا، لأن المؤامرة فظيعة، ولن يستثنى منها أحد، لذا أطلب من الدولة المصرية، ذات العمق الحضارى العريق، والبعد العربى والقومى والإفريقى أن تقف إلى جوار السودان، ولاتتركه فى محنته، حتى يعود إليه أمنه واستقراره.
-------------------------
بقلم: جمال قرين
                    





