اعتمد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، قراراً اعتبره المراقبون تحولاً نوعياً في مسار تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، إذ عبّر القرار عن الدعم الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي في تيسير المفاوضات، استناداً إلى مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب، بهدف التوصل إلى حلّ عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف، بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة.
ودعا القرار الأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات جادة دون شروط مسبقة، مؤكداً أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الممتد منذ عقود.
وفي السياق نفسه، قرّر مجلس الأمن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) حتى 31 أكتوبر 2026، وفقاً لتوصية الأمين العام للأمم المتحدة، كما حثّ الدول الأعضاء على تقديم الدعم المالي والسياسي اللازم لإنجاح جهود المبعوث الشخصي واستكمال مسار التسوية
وأشاد المجلس في قراره باستعداد الولايات المتحدة الأمريكية لاستضافة جولات المفاوضات المقبلة، في إطار دعمها لمساعي الأمم المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ويأتي هذا القرار في سياق دولي متغير يشهد اتساع دائرة الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، إلى جانب تزايد قناعة القوى الكبرى بضرورة تبنّي مقاربة واقعية قائمة على الحكم الذاتي كحلّ وحيد وعملي للنزاع، بعيداً عن الطروحات التقليدية غير القابلة للتطبيق.
كما يتزامن هذا التحول مع توجّه استراتيجي داخل الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب نحو الدفع باتجاه إبرام اتفاق سلام ينهي حالة التوتر بين المغرب والجزائر، ويعزّز الأمن والاستقرار في منطقة شمال إفريقيا التي تحظى بأهمية جيوسياسية متقدمة في الاستراتيجية الأمريكية.
ويكتسي القرار الأممي الجديد بعداً نوعياً غير مسبوق، إذ يتجاوز كونه مجرد خطوة لإدارة نزاع إقليمي إلى تثبيت رؤية جديدة لحلّ سياسي واقعي منسجم مع التحولات الكبرى في النظام الدولي. ولم تعد قضية الصحراء ملفاً إفريقياً أو إقليمياً محصوراً، بل أصبحت جزءاً من معادلة التوازنات العالمية الجديدة الرامية إلى ترسيخ الاستقرار ومحاربة النزعات الانفصالية
ووصف الملك محمد السادس القرار بأنه تتويج لمسار دبلوماسي رفيع المستوى، تمكنت من خلاله المملكة المغربية من ترسيخ مقاربتها العادلة لقضية الصحراء على الساحة الدولية، وكسب ثقة القوى الكبرى المؤثرة في صناعة القرار العالمي، وإقناعها بجدوى مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وقد حظي القرار بدعم واسع داخل مجلس الأمن، حيث صوّتت لصالحه 11 دولة من أصل 15، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية (صاحبة القلم)، والمملكة المتحدة، وفرنسا، واليونان، وبنما، وكوريا الجنوبية، فيما امتنعت 3 دول عن التصويت وهي الصين وروسيا وباكستان، ما يعكس الإجماع الدولي المتنامي حول وجاهة المقاربة المغربية لحلّ النزاع.






