01 - 11 - 2025

قراءة متأنية من داخل المتحف الكبير

قراءة متأنية من داخل المتحف الكبير

بالتأكيد أنا مبتهج جدا مثل غيرى من المصريين بهذا الحدث الرائع، بمناسبة افتتاح المتحف الكبير، والذى يضم إرثا حضاريا عظيما، تركه لنا أجدادنا الفراعنة، ليس فقط الغرض منه التصوير، والابتهاج فقط.

ولكن ينبغى أن نستلهم من هذا الحدث، وهذا التراث العظيم الدروس والعبر، ونبنى علي هذا الإنجاز، ونجتهد كما فعلوا حتى نضيف إليه، ولا نخصم من رصيده لكى يحترمنا العالم، كما احترم وقدر هؤلاء العباقرة الأفذاذ، الذين صنعوا التاريخ، وقدموا للإنسانية هذه الأعمال الرائعة فى مختلف الفنون. وفى الطب أيضا، وضربوا أروع الأمثلة فى تحنيط جثث قادتهم  العمالقة، والتى حار فيها أعتى دكاترة الطب الٱن، ناهيك عن روعة البناء والهندسة المعمارية، والتى تمثلت فى بناء الأهرامات وإقامة التماثيل الرائعة.

والسؤال الذى يطرح نفسه رغم ابتهاجى كما قلت بالافتتاح المهيب، وهذا الزخم العالمى الذى ستشهده مصر غدا بمناسبة هذا الافتتاح، وقدوم رؤساء وقادة العالم للمشاركة فى هذا الافتتاح الكبير، إلا أن السؤال الملح والمهم، أين نحن الٱن مما فعله الأجداد، وما أحدثوه من تقدم وإبداع فى جميع المجالات؟! ولماذا نحن تأخرنا مئات السنين عنهم، إذن لايكفى الاحتفاء أو الاحتفال فقط بأمجادنا وعظمة أجدادنا، المطلوب إذن استنهاض الهمم، والتفانى والإدارة الرشيدة، والابتعاد عن الشكليات والفشخرة، حتى تعود مصر إلى سابق عهدها، لأن للأسف مصر الٱن يتٱكل رصيدها الحضارى كثيرا أمام كم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها الٱن، بسبب غياب الرؤية، وعدم تطوير نفسها باستمرار، والاكتفاء بسيرة الأجداد فقط، والإخفاق والفشل فى مجالات كثيرة أبرزها التعليم، تخيل صديقى القارىء أنه يوجد فى مصر الٱن أنواع متعددة للتعليم، منها  الحكومى والتجريبى والخاص، والأمريكانى واليابانى، واللغات وأصناف أخرى من التعليم ما أنزل الله بها من سلطان.

فى أرقى الدول مثل فلندا، لايوجد سوى تعليم واحد فقط، وهو التعليم الحكومى الذى تدعمه الدولة دعما حقيقيا، وليس شكليا، ناهيك عن تراجع مصر فى مجالات الزراعة والصناعة والانتاج والتصدير، واعتمادها على القروض والمنح، والاهتمام بالتنمية الخرسانية على حساب الاستثمار فى الإنسان، وتركه يعانى كثيرا معيشيا واقتصاديا، نتيجة الارتفاعات المستمرة فى الأسعار، وٱخرها زيادة أسعار الطاقة، والذى ترتب عليه زيادة سعر اسطوانة الغاز المنزلية التى كان سعرها فى عهد مبارك 3 جنيه، واليوم قفز سعرها إلى أرقام فلكية، 275 جنيها، ووزنها أصبح أقل مما كانت عليه من قبل.

لذا أطالب صانع القرار والحكومة بعد الانتهاء من احتفالات المتحف الكبير، أن ينتبهوا للجبهة الداخلية، التى لاتقل أهمية عن مكانة الجيش والشرطة، ويبحثوا عن حلول عاجلة.. لانتشال الناس من بؤرة الفقر والجوع والمرض، بعد أن طالت الظروف المعيشية الصعبة معظم المصريين، خاصة أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، ممكن يحدث هذا وليس مستحيلا، أولا بزيادة الدعم النقدى لبعض السلع المهمة، والضرورية مثل الزيت والسكر والأرز والسمن والبيض والجبن والفراخ واللحوم والأسماك، وكذلك دعم اسطوانة الغاز المنزلى مثلما فعلت الحكومة بالنسبة لرغيف العيش.

وأقترح أن تدعم الدولة اسطوانة الغاز المنزلى بنسبة 75٪ ويتحمل المواطن الباقى، مع أهمية زيادة مرتبات أصحاب المعاشات زيادة حقيقية لاتقل عن 2000 جنيه، لأن مرتباتهم متدنية جدا، ولديهم التزامات كثيرة وضرورية، وزيادة بدل الصحفيين، والوصول به إلى الحد الأدنى للأجر 7 ٱلاف جنيه، لأن الغالبية من الصحفيين ممن يعملون بالصحف الحزبية، والخاصة يعتمدون على بدل التكنولوجيا فى تدبير شئون حياتهم، ومعيشتهم وليس لديهم أى مصدر دخل ٱخر.

من فضلكم انتبهوا للداخل لأنه صمام الأمان للوطن العزيز.
-----------------------------
بقلم: 
جمال قرين


مقالات اخرى للكاتب

قراءة متأنية من داخل المتحف الكبير