استعرض السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانج أبرز نتائج الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، والتي شهدت اعتماد "توصية اللجنة المركزية للحزب بشأن إعداد الخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية".
وأوضح السفير خلال المؤتمر الصحفي اليوم الأربعاء، أن هذه الخطة تمثل التصميم الأعلى والرؤية الاستراتيجية للتنمية الصينية في السنوات الخمس المقبلة، وتشكل خطوة تاريخية جديدة على طريق التحديث الصيني النمط، كما تبعث رسالة واضحة للعالم حول إصرار الصين على توسيع الانفتاح عالي المستوى وتعزيز التعاون متبادل المنفعة مع جميع الدول.
التحديث الصيني النمط نحو آفاق واعدة
وأكد السفير أن الخطط الخمسية تمثل “شفرة النجاح” في تجربة التنمية الصينية، مشيراً إلى أن الصين ومنذ تنفيذ أول خطة خمسية عام 1953، نجحت في صياغة 14 خطة متتالية حققت من خلالها إنجازات كبرى في مختلف المجالات، من بناء المشاريع العملاقة، إلى القضاء على الفقر، وصولاً إلى التحول الأخضر والتنمية المستدامة.
وأشار إلى أن “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” ستكون حلقة وصل مهمة بين الماضي والمستقبل، ومرحلة حاسمة لترسيخ أسس التحديث الاشتراكي وتحقيق هدف بناء دولة اشتراكية حديثة بحلول عام 2035، مؤكداً أن إعداد هذه الخطط يتم بمشاركة شعبية واسعة تعكس الديمقراطية الحزبية والشعبية في الصين، حيث جرى جمع أكثر من 3.1 مليون مقترح من المواطنين خلال عملية إعداد الخطة الحالية.
وأوضح السفير أن “التحديث الصيني النمط” أثمر عن إنجازات تاريخية خلال العقود الماضية، حيث تحولت الصين من دولة زراعية فقيرة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، محققة معجزتي التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد.
وأضاف أن قوة الدفع للاقتصاد الصيني ما زالت قوية، إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 130 تريليون يوان ومن المتوقع أن يصل إلى 140 تريليون يوان بنهاية 2025، بمعدل نمو بلغ 5.5% خلال السنوات الأربع الماضية، ما جعل الصين “مرساة استقرار” للاقتصاد العالمي بمساهمتها التي تبلغ 30% من النمو العالمي.
ابتكار، خضرة، وازدهار إنساني
أوضح السفير أن الصين باتت قوة عالمية في مجالات الابتكار، إذ قفز ترتيبها في مؤشر الابتكار العالمي من المركز 34 عام 2012 إلى المركز العاشر عام 2025، محققة إنجازات رائدة في الذكاء الاصطناعي والاتصالات الكمومية والتكنولوجيا المتقدمة.
كما أصبحت الصين الدولة الأكبر في العالم من حيث زيادة المساحات الخضراء، وأسست أكبر منظومة للطاقة المتجددة، بما جعلها نموذجاً عالمياً في التنمية المستدامة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، أشار إلى أن الصين نجحت في خلق 12 مليون فرصة عمل سنوياً خلال السنوات الأخيرة، ورفعت متوسط العمر إلى 79 عاماً، وانتشلت أكثر من 100 مليون شخص من براثن الفقر، مؤكداً أن إنجازات “الخطة الرابعة عشرة” انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين وجودة معيشتهم.
أهداف الخطة الخمسية الخامسة عشرة
أكد السفير لياو ليتشيانج أن الخطة الجديدة تركز على ستة محاور رئيسية، تشمل تعزيز القيادة الحزبية، وترسيخ التنمية عالية الجودة، وتعميق الإصلاح، وتحقيق التوازن بين التنمية والأمن، وبناء منظومة صناعية حديثة قائمة على التصنيع المتقدم، إلى جانب دفع الابتكار العلمي وتوسيع التنمية الخضراء وتحقيق الرخاء المشترك لجميع المواطنين.
وأشار إلى أن الصين تسعى خلال هذه الخطة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي أكبر في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتحسين مستويات المعيشة، وتحقيق توازن تنموي بين الأقاليم، مؤكداً أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد طفرة في جودة الحياة وازدهار الاقتصاد والتقدم الاجتماعي، ما يمهد الطريق لتحقيق التحديث الكامل بحلول عام 2035.
الصين… فرصة للعالم
وأوضح السفير أن انفتاح الصين يظل السمة المميزة لتجربتها التنموية، رغم تصاعد الحمائية والنزعات الأحادية في العالم، مؤكداً أن بلاده ستواصل دعم العولمة الاقتصادية والانفتاح المشترك.
وأشار إلى أن السوق الصينية تمثل فرصة هائلة للعالم، حيث تعد ثاني أكبر سوق استهلاكية وأكبر سوق للتجارة الإلكترونية، وتستضيف سلسلة من المعارض الدولية الكبرى مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الخدمات ومعرض سلاسل التوريد، التي تشكل منصات عالمية لزيادة التواصل الاقتصادي.
وأضاف أن الصين أصبحت الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 150 دولة ومنطقة، ووقّعت 23 اتفاقية تجارة حرة مع 30 دولة، وتسهم من خلال مبادرة “الحزام والطريق” في دفع التنمية والبنية التحتية حول العالم، بما في ذلك في إفريقيا والعالم العربي.
الشراكة الصينية المصرية
وفي حديثه عن العلاقات بين القاهرة وبكين، شدد السفير على أن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تشهد زخماً غير مسبوق بفضل القيادة الحكيمة للرئيسين شي جين بينغ وعبد الفتاح السيسي، حيث تتعزز الثقة السياسية المتبادلة ويتسع نطاق التعاون العملي.
وأشار إلى زيارة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى الصين في أغسطس الماضي ومشاركته في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، مؤكداً أن اللقاء مع الرئيس شي جين بينغ فتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات التصنيع والطاقة الجديدة وتحلية المياه والسيارات الكهربائية.
وأضاف أن المواءمة بين مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية مصر 2030” تمثل نموذجاً ناجحاً للتكامل بين البلدين، يعكس انسجام الرؤى التنموية، ويفتح الباب أمام استثمارات جديدة وفرص مشتركة في المرحلة المقبلة.
مبادرة الحوكمة العالمية
أشار السفير إلى أن عام 2025 يوافق الذكرى الثمانين لانتصار الصين في الحرب ضد العدوان الياباني وتأسيس الأمم المتحدة، موضحاً أن الرئيس شي جين بينغ طرح خلال اجتماع “منظمة شنغهاي للتعاون +” مبادرة جديدة للحوكمة العالمية تقوم على خمسة مبادئ رئيسية، تشمل المساواة في السيادة، واحترام القانون الدولي، والتعددية، ووضع الإنسان في المقام الأول، وتحقيق نتائج ملموسة.
وأكد أن هذه المبادرة تمثل “منتجاً عاماً عالمياً” جديداً تقدمه الصين للمجتمع الدولي، إلى جانب مبادرات التنمية والأمن والحضارة العالمية، وتحظى بدعم أكثر من 140 دولة ومنظمة دولية، من بينها مصر التي أعلنت تأييدها الكامل لمبادرات الرئيس شي.
وأكد على أن الصين ستواصل التنسيق مع الأمم المتحدة ومصر وغيرها من الدول لتعزيز تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية، والمساهمة في بناء نظام دولي أكثر عدلاً وإنصافاً، وعالم يسوده السلام والتنمية والانفتاح والرخاء المشترك.
وأكد السفير لياو ليتشيانج أن “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” تمثل مرحلة جديدة في مسيرة النهضة الصينية، وتفتح فصلاً واعداً من التعاون مع العالم، وبالأخص مع الدول العربية ومصر، مشدداً على أن نجاح التجربة الصينية في التنمية الشاملة سيظل مصدر إلهام للدول الساعية إلى تحقيق التقدم والازدهار المشترك.





