في التاسع من سبتمبر من كل عام قمري، يحتفل الصينيون بعيد تشونغ يانغ التقليدي، الذي كان في الأصل مناسبة لتسلق الجبال والاستمتاع بجمال الخريف وتكريم الوالدين ورعايتهما.
أما اليوم، فقد بات هذا العيد مناسبةً للتأمل في قضيةٍ متزايدة الأهمية: كيف تتغيّر حياة كبار السن في الصين؟
لم يعد المسنون يُنظر إليهم باعتبارهم "فئة مستضعفة" تحتاج فقط إلى الرعاية. بل أصبحوا يمتلكون اهتماماتهم الخاصة وخياراتهم واحتياجاتهم الاستهلاكية، مما أطلق سوقًا جديدة سريعة النمو تُعرف باسم الاقتصاد الفضي.
في بعض المجتمعات المحلية الصينية، يمكن للزائر أن يلمسهذا التحوّل بوضوح، كثير من كبار السن يرتدون أساور ذكية لمراقبة معدل ضربات القلب، ويتلقون تنبيهات صحية حتى أثناء الرقص الجماعي في الساحات. وفي المتاجرالكبرى، تُعرض منتجات غذائية "صديقة للمسنين" منخفضة السكر والملح، ومغلفة بعبوات يسهل فتحها.
حتى شركات السياحة دخلت هذا المجال، فأطلقت خدمات "السفر والإقامة للمتقاعدين"، التي تجمع بين الترفيه والعلاج الطبيعي والرعاية الصحية والينابيع الساخنة على طول الطريق، مع جداول رحلات مريحة لدرجةٍ تُثير غيرة الشباب.
كما أصبحت أساليب رعاية المسنين أكثر مرونة وتنوعًا، فإلى جانب الرعاية الأسرية التقليدية، يختار عدد متزايد من كبار السن المشاركة في أنشطة الرعاية المجتمعية.
بعض المجتمعات تنظم فعاليات يومية تشمل التاي تشي والغناء الجماعي والتصوير والرسم والعزف وعروض الأزياء وغيرها، أما العمّات المتقاعدات اللواتي تعلّمن التسوق عبرالإنترنت فيقلن مازحات: "أي شيء يشتريه الشباب، نريد تجربته نحن أيضًا."
وراء هذا التغيّر المتسارع، يقف تعاونٌ متين بين السياسات الحكومية والابتكار السوقي. فالشركات تواصل تطوير منتجاتٍ مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المسنين، فيما تعمل الحكومة على تعزيز الرقابة وتحسين الخدمات لضمان حياةٍ أكثر أمانًا وكرامةً لكبار السن.
الاقتصاد الفضي لا يوفّر للمسنين حياةً أفضل فحسب، بل يخلق أيضًا فرصًا جديدة للنمو في الوظائف والصناعات، مثل خدمات الرعاية الصحية وتجهيز المنازل الملائمة للمسنين، وتدريب المرافقين والكوادر المتخصصة، كل هذه المجالات تتوسع بسرعة.
وبالنسبة للعديد من الشباب، أصبح اختيار الخدمات المناسبة لحياة والديهم المتقدمة في العمر مسؤوليةً أسرية جديدة.
إن عيد تشونغ يانغ، بوصفه عيدًا لتكريم كبار السن ومحبّتهم، يذكّر المجتمع الصيني بأسره بأن حياة الشيخوخة يمكن أن تكون مليئة بالحيوية والمتعة، فالصينيون يسعون اليوم إلى جعل "رعاية المسنين" ليست نهاية مرحلة، بل بداية حياةٍ جديدة.
الاقتصاد الفضي ليس مجرد تجارةٍ أو سوقٍ ناشئة، بل هو تعبيرٌ حديث عن الاحترام والرفقة والسعادة.
---------------------------
بقلم: لي ينغ
* صحفية في CGTN






