22 - 10 - 2025

الكوته الطائفية والقائمة المطلقة

الكوته الطائفية والقائمة المطلقة

من المعروف أن الأنظمة الانتخابية سواء كانت بالنظام الفردي أو القوائم الحزبية أو ما يسمى بالقوائم المطلقة . كلها يتم إقرارها والتعامل معها ليس لأفضلية أحدها بقدر ما يتم إقرارها من منطلق رؤية النظام السياسى الحاكم للنظام الانتخابى الذى تمثل نتائجه مصلحة هذا النظام فى السيطرة على تلك المجالس النيابية ضمانا  للموافقة على ما ترى الحكومة، وليس مايرى النواب من مصلحة الشعب !!!

فكان النظام الفردى هو النظام السائد، لكن عام ١٩٨٤ تم إقرار نظام القوائم الحزبية الذى اشترط حصول الحزب على ثمانية فى المائة من الأصوات على مستوى الجمهورية للحصول على المقاعد الفائز بها. غير ذلك تحول المقاعد إلى حزب الأغلبية (الوطنى حينها)!!

وتم الاعتراض دستوريا على ذلك النظام، ثم كانت نظام قوائم حزبية مع مقعد فردى عام ١٩٨٧ وتم الاعتراض دستوريا أيضا وتم حل المجلس. ووصلنا الآن إلى ما يسمى بنظام القائمة المطلقة وهى الاسم المهذب للتعيين بنكهة انتخابية خاصة فى ظل سيطرة ما يسمى بتحالف أحزاب الموالاة على ذلك النظام الانتخابى بتفرد ذلك التحالف بتلك القائمة التى لابد أن تفوز لأنها تنافس نفسها!

هنا فقد ضمنت الحكومة تعيين نصف الأعضاء (حمدا لله على السلامة) ثم نأتى إلى النصف الثانى وهو مايسمى بالنظام الفردي (كده وكده يعنى ...عديها)

وهذا النظام يجعل الدائرة الفردية ثلاث مراكز إدارية على الأقل، ناهيك عن أن دائرة الشيوخ الفردية محافظة كاملة! وهذا يعنى تعجيز الفرد عن خوض تلك الانتخابات إلا إذا كان يملك من الأموال ما يغطى تلك المساحة الجغرافية. ولكن واضح أن أموال من نزلوا الفردى هذا لم تسعفهم فى الحصول على مقعد بالتعيين فى القائمة المطلقة (حسب تسعيرة المقعد). وفى كل الأحوال والمقاعد الفردية محجوزة أيضا لتحالف تلك الأحزاب فهم لابد أن بتصدروا القائمة الفردية (والحدق يفهم). وهذا النظام الانتخابى وتلك الممارسات الانتخابية والتى لا علاقة لها بحرية الترشح وحرية الانتخاب، حيث أنه فى كل الأحوال أصبحت الانتخابات لمن يملك المال وليس لمن له علاقة سياسية مع الجماهير ولا لمن يملك الرؤية والتاريخ والموقف السياسى الذى هو الأساس فى التمثيل النيابى باعتباره قمة العمل السياسى الجماهيرى. يتوازى مع ذلك ما يسمى بالكوته الدستورية! تلك الكوتة التى أتت بتمثيل فئات جعلتها تأخذ الطريق الخطأ فى علاج قضايا مهمة تؤثر على سلامة الوطن. فمثلا تمثيل الأقباط، نحن اعترضنا وما زلنا وسنظل نعترض على تلك الكوتة. لأنها تعزز وتجذر الطائفية والسلوك الطائفى بل هى تعطى رائحة للبننة مصر. فهل النائب المسيحى يمثل المسيحيين فقط والمسلم المسلمين؟!! أم أن النائب يمثل الشعب المصرى؟ هل هذه الكوتة تعزز العزلة والتباعد، أم تؤكد التوحد والتوافق؟ هل هناك أى علاقة بهذه الكوتة والأمل فى تحقيق مواطنة حقيقية تجعل  المواطنة المصرية هى البديل الوطنى والحقيقى لتعبير مسلم ومسيحى؟  

مع العلم أن كوتة العمال والفلاحين (إذا كان هناك عمال وفلاحين حقيقين يمكن أن يصلوا إلى البرلمان) هى كوتة ليست طائفية تجمع الجميع المسلم والمسيحي. هنا وجدنا تحقيق تلك الكوتة وما يحقق مصلحة الحكومة وتحالف أحزابها فى توصيل من يريدون وليس ما يريد الشعب. وجدنا تنوبعة غريبة تؤكد شكلية تلك الكوتة التى لا علاقة لها بالممارسة السياسية الحقيقية. و"لتظبيط" الأمور وجدنا فى القائمة المطلقة تعيين ثمانية وعشرين مسيحيا. منهم خمسة رجال وثلاثة وعشرين سيدة! وهناك سيدات (مسيحية وامرأة ومعشوقة) يعنى ثلاث فى واحد! فهل هذه ممارسة انتخابية وسياسية حقيقية؟ أم ممارسات الهدف منها تحقيق مصالح لا علاقة لها بمصلحة الوطن؟  ولذا لا استغراب من نواب لم يجيدوا قراءة القسم الدستورى. فهذه ليست مشكلتهم ولكنها مشكلة من اختارهم أو مشكلة تملكهم الملايين التى أتت بهم إلى هذا الموقع. فهم لا علاقة لهم بشيوخ أو برلمان أو سياسة أو جماهير!! باختصار ياسادة هذا لا ولن يكون فى صالح هذا الوطن العزيز الغالى التى لا نملك ولا نبغى سواه. لابد من تغيير هذا النظام الانتخابى وتلك الكوتة التى لا تفيد ولا تجدى. الأهم هو وجود حياة سياسية وحزبية حقيقية، وجود حرية ابداء الرأى وأعطاء الفرصة للرأى والرأى الآخر. الأهم هو صالح الوطن الذى هو فوق الجميع والذى يعنى صالح الجماهير وليس القلة القادرة ماديا. حمى الله مصر وحفظ شعبها العظيم .
-----------------------
بقلم: جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

الكوته الطائفية والقائمة المطلقة