19 - 10 - 2025

الانتخابات فى الصعيد.. بين الأحزاب الوهمية وصفحات "المهلبية"

الانتخابات فى الصعيد.. بين الأحزاب الوهمية وصفحات

مع بدء ماراثون الانتخابات البرلمانية وتحديدا مجلس النواب فى الفصل التشريعي الجديد، ولسبب أو آخر فقد رصدنا عن قرب ماذا يجرى بها وخاصة فى الصعيد وجنوبه.

الحقيقة توضح أن الانتخابات هناك دون أى مكان آخر، جمهورها مختلف والمسرح مختلف والممثل مبتدىء طوال الوقت.

منذ أكثر من 120 عاما أو يزيد، تغيرت فى مصر أشياء كثيرة ولكن بقيت أمور لا يمكن أن يمحوها الدهر، مازالت القبلية فى جنوب الصعيد تفوق أي اعتبار ومازال المرشح يمارس كل أساليب الدعاية لها ولا يختلف وضعه سواء كان حاملا لدرجه الدكتوراه أو مثلا لا يجيد القراءة والكتابة، وسواء كان مستقلا أو حتى أمين حزب فى محافظته، والأطرف هو دخول الأحزاب على الخط والتى تحولت من داخله إلى غرف قبلية بامتياز وتختار على هذا الأساس ونرى أكبر الاحزاب قد يتحول إلى غرف قبليه كريهة بامتياز، ويساعد فى ذلك أفكار تقود هذه الأحزاب وتدعمها، وباتت فعلا لا تحمل منها إلا اسمها وهداياها أيام الانتخابات وفقط.

عن قرب وجدنا أن المشكلة هناك مشكلة ناخب فى الأساس، غالبا لا يريد أن يعمل العقل ولو للحظة ويندفع اندفاعا حول القبلية والعنصرية والفئوية، وقد يدخل فى نقاشات وأحيانا معارك وقد تنتهى بجرائم قتل بغية نجاح "سعادة البيه الفاشل بالوراثة" فقط لأنه ينتمى لنفس ذات القبيله أو العائلة.

الطريف والمحزن أن ذات الناخب بعد الانتخابات بشهر فقط، يخرج ليهاجم ذات النائب الذى كاد يفقد عمره بسببه ويكيل له الاتهامات وفى وقت يذهب ذات النائب للعاصمة ولا يعود إلا بعد 5 سنوات ليكرر نفس المعركة، ثم يفوز ويغادر وهكذا، وكأن نفس الناخب لا يملك عقلا ولا ثقافة ولا حتى قدرة على النظر أبعد من قدميه. 

الشيء المهم الآخر الذى رصدناه سريعا ودخل مجددا على خط التجهيل واللعب بالعقول والتمهيد لانتزاع صوتك دون أن تدري، هى صفحات التواصل الاجتماعي المنتشرة داخل مدن الصعيد، وهى فى الحقيقة تعود ملكيتها إلى كيانين لا ثالث لهما.. أولا صفحات قبلية كريهة تعمل على تفتيت المجتمع وهى بالأساس مملوكة إما قيادات شعبية قبلية تحاول النيل من القبائل الأخرى ومرشحيها، وهؤلاء لا يديرونها بل يمنحون مجموعة من الصبية إداراتها ويغدقون عليهم بالأموال ويحاولون النيل من القبائل الأخرى لأسباب قديمة تعود لملاك هذه الصفحات.

أو إما يملكها جماعات أيدولوجية معينة لازالت تكيل الكراهية لأشخاص بأعينهم، ترى أنهم كانوا سببا فيما حدث لهذه الجماعات فى 30 يونيه وتحاول تهميشهم أو حتى منع الضوء عنهم بأي سبب.

أما المحزن أن جزءا من هذه الصفحات توجهه مؤسسات وطنية ليس دورها أبدا التدخل فى الموسم الانتخابي أو ما قبله أو ما بعده، وهى تعطى تعليمات محددة لصبية هذه الصفحات بالهجوم تارة أو التعتيم تارة اخرى أو إسقاط البعض من الاستفتاءات الوهمية الخاصة بهم، وتعتقد أن من ينادى بحرية الرأي أو كشف فساد هنا وهناك، شخص مارق وتصفه أحيانا باليسارية أو حتى الشيوعية وكثير منهم لا يعرف الفرق اليسار والباذنجان وهكذا هي ثقافتهم.

الخلاصة أنه فى هذه المجتمعات محدودة الثقافة يجد من يحاول التغيير نفسه مدهوسا بين أحزاب كرتونية وهمية وبين صفحات مهلبية يسيطر عليها مرضى المال وأيتام الإخوان، وبين ذاك وذلك تغيب الدولة، بل تشجع على النيل من حاملى شعار التغيير، بل تتركهم فريسة للتخلف والجهل وهى سعيدة بذلك.
----------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

الانتخابات فى الصعيد.. بين الأحزاب الوهمية وصفحات