لا يخلو المرء من لدن مولده إلى موته من أحد حالين: إما أن يكون طالب حق هو له، أو مطلوبًا بواجب هو عليه، وما هو له أو عليه إنما يضبطه القانون، فللزواج تشريع أو قانون ينشأ به عقد الزواج، ولكل من الزوجين حقوق على صاحبه يبينها الشرع والقانون، فإذا رزقا الولد فللطفل من مولده إلى بلوغه قانون يفرض له حقوقًا على والديه، فإذا شب والتحق بعمل فللعمل قانونه ولوائحه التى تبين حق العمل وحق العامل، والناس إذا اجتمعوا فى طريق فللطريق قانون يضبط مرورهم به، وإذا أووا إلى بيوتهم فللجوار حقوق إما أن تعطَى بالمعروف، أو تفرَض بالقانون.. إلخ، إذًا فالمواطن فى كل حالاته هو مخاطَب بالقانون، فكيف بالمخاطَب بالقانون لا يدرس طول مدة دراسته الجامعية وقبل الجامعية مادة مُيَسَّرَة تعرِّفه الحق الذى له، والواجب الذى عليه؟!
أعلم أن التعرض لدراسة القانون صعب على أهله، فكيف بحديثى السن من غير أهله؟! لكن ما أدعو إليه فى مقالتى هذه أن يدرس طلاب ما قبل الجامعى ثم طلاب الجامعى مادة مُيسَّرة فى القانون، وإن شئت فأسمها إرشادات قانونية، تُعرِّفهم ما دستور بلدهم، وما القانون، وما الفرق بين الدستور والقانون، وما التمايز بين القاضى والضابط ونائب الشعب، وما للمواطن من حقوق، وما عليه من واجبات، ومتى يضع توقيعه على الأوراق، ومتى يمتنع عنه، وتعلّم المواطن منهم إن عَرَض له أمر كيف يحفظ بالقانون نفسه، وماله، وعرضه، وكيف يجتنب الورطات المُعاقب عليها قانونًا، كل ذلك إجمالًا دون تفصيل ولا تشعيب.
فإنه ليس مما يُعقل أن يشهد المصرى الاستفتاء بعد الاستفتاء وهو لا يدرى ما الفرق بين الدستور والقانون! وأن يقترع المدة بعد المدة وهو لا يميز بين سلطات الشرطة والقضاء والنواب؛ ويقول عنهم جميعًا حكومة! ويتقلب فى الأعمال والمعايش وهو لا يدرى ماله وما عليه، فيصيب حينًا ويخطئ أحيانًا، ويُتجاوز عنه مرة، ويؤاخذ بجهله أخرى، ويتعلم القانون بالتجربة والخطأ، أو بالكلمة يتخطفها من فم هذا أو ذاك! لذلك فلست أجد بُدًّا من أن أدعو وزارتى التعليم والتعليم العالى إلى إضافة مادة دراسية فى التعليم قبل الجامعى والجامعى لتدريس مبادئ القانون وأسسه للمواطنين المخاطَبين بالقانون، فإن ذلك مما لا يسع المواطن جهله.
-------------------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]