يظهر الكيان في حربه على قطاع غزة توحشا، كانت الأجيال التي لم تعاصر حروب مصر معه أوشكت على نسيانه؛ غير أن ما يدور الآن في المنطقة، ذكر العالم بحقيقته الاستعمارية التوسعية.
كانت أبواق الكيان وأذرعه الإعلامية والسياسية في شتى أنحاء العالم، تعمل ليل نهار على تجميل صورته، وتصدير ديقمراطيته باعتبارها الواحة الخضراء، وسط صحراء العالم العربي القاحلة، والغارقة في بحر الجمهوريات الديكتاتورية، والملكيات الفاسدة.
كان واقع العالم العربي أغنياءه وفقراءه يؤول من سيء إلى أسوأ؛ حتى أتى طوفان الأقصي؛ ليكشف لنا ما حاول الكيان وعملاؤه اخفاءه عن أعيننا، فتبدى للناظرين عاريا من كل قيمة إنسانية وحضارية.
كشفت الهجمات الدامية من قبل الاحتلال الغاشم على كافة الأطراف، عن جزء من طبيعته العنصرية؛ فبدءا من المعتقد الديني، حيث يرى الكيان نفسه شعب الله المختار، وكل العالم مسخر لخدمته، مرورا بالعنصرية السياسية والاقتصادية، وتخريب العالم سواء بالانحلال الأخلاقي أو الفساد السياسي، لا تتورع الصهيونية عن أي عمل يفتت قوى العالم بأسره.
كشفت المواجهات العسكرية المباشرة مع إيران عن عجز مدو لقوات الاحتلال؛ فبدا الاختباء خلف واشنطن، وتم استدعاؤها على عجل، لتنقذ حكومة وشعب الكيان العنصري من الضربات الإيرانية.
مع توقف المواجهات الاسرائيلية الإيرانية بعد إثني عشر يوما من الضربات المباشرة بين الجانبين، تطالب تل أبيب وحلفاؤها بتقليم أظافر طهران، وتدمير مشروعها النووي، ولو استسلمت إيران لتلك المطالب الغربية الأمريكية؛ فسيأتي الدور على برنامجها الصاروخي الذي زلزل قلب تل أبيب.
عاد الكيان ليعمل آلة القتل والبطش ضد المدنيين في القطاع وعناصر المقاومة محدودة التسليح بعد انتهاء المواجهة مع طهران، أملا في استرداد بعض هيبته باعتباره الجيش الذي لا يقهر.
وعلى الصعيد الإقليمي؛ رغم تعرض حزب الله لضربات قانلة، ومدمرة؛ جراء الاختراق الأمني لصفوفه من قبل العدو، وتوقف الحزب عن القيام بعمليات ضد المحتل؛ لم تتوقف مطالب العدو ومن خلفه حليفه الأكبر الولايات المتحدة بنزع سلاح حزب الله؛ ليصبح لبنان كله مستباحا.
كذلك يطالب العدو بنزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية "حماس"؛ رغم بدائية هذا السلاح، ومشروعيته المقاومة للاحتلال، وكذلك يصر على اخراج عناصر الحركة من القطاع المبارك.
يعكس سلوك العدو العنصري قلقا من أي سلاح يمتلكه الجانب العربي، والإسلامي؛ لذلك لا نستبعد مستقبلا، أن تنتقل مطالب الكيان بالإشراف على أسلحة جيوش المنطقة؛ خشية وجود سلاح قد يهدده.
إن إصرار العدو على نزع سلاح حركات المقاومة، وجعل بلدانها عارية في المواجهة، يظهر في حقيقته ضعف وهشاشة ذلك الكيان؛ الذي يبدو كالهر يحاكي انتفاخا صولة الأسد.
خلاصة الأمر؛ أنه ينبغي على صناع القرار؛ وقادة المنظومات الأمنية والعسكرية، إدراك أن نزع سلاح المقاومة، معناه إزالة عدة الغام بدائية من طريق العدو كي يصل إلى ما هو أكبر من حركات المقاومة.
إن الأمن القومي العربي يستوجب بقاء الاحتلال في حالة استنزاف دائم؛ كي لا يفكر في التوسع والذهاب بعيدا في مواجهات مع جيوش نظامية.
ولقد أثبت التاريخ أن حروب العصابات، تكون أكثر شراسة، وإيلاما للعدو؛ مهما كانت قوته، من المواجهات المباشرة مع القوات النظامية؛ ويجب أن تكون تلك القاعدة حاضرة في الذهن دائما .
ولا نذهب بعيدا إن قلنا؛ إن حركات المقاومة في المنطقة، تدافع عن كل دول المنطقة في أكثر لحظاتها ضعفا، ومهانة وانبطاحا للعدو.
-----------------------
بقلم: معوض جودة