06 - 10 - 2025

وجهة نظري | خطة السلام المفخخة

وجهة نظري | خطة السلام المفخخة

مثل الحدأة التي لاينتظر من ورائها الخير، جاءت خطة ترامب للسلام كما أطلق عليها، غير عابيء بالطبع من وقع كلمة السلام علينا بعدما فقدت معناها وأصبحت مرادفا للتفريط والهوان والإستسلام.

واحد وعشرون بندا تضمنتها خطة دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة لم تخل بالطبع من فخاخ مسمومة وتحديا صريحا لأصحاب الأرض وليا لأذرع المقاومة ووضعها بين خيارين كلاهما مر .. إما الإستسلام وتسليم السلاح، أو مواصلة الحرب ومزيدا من الإبادة والتجويع لأهالى غزة.

على حماس الموافقة أو الرفض وعندها سيمنح ترامب الضوء الأخضر لمواصلة إسرائيل العمل العسكرى!! وكأن الضوء الأخضر الذى منحه لها لمدة عامين لتشن أبشع حرب إبادة وتجويع لا تكفى!

على جانب آخر بينما ينص البند الثالث على إنهاء الحرب بمجرد موافقة الطرفين على الخطة استعدادا لإطلاق سراح الرهائن على أن يتم تعليق العمليات العسكرية، لكنه أضاف ستبقى خطوط القتال مجمدة حتى تتحقق شروط الانسحاب الكامل على مراحل! ولم يتطرق بالتفصيل لمراحل الانسحاب ولا جدوله الزمنى .. لتبدو البنود منحازة بشكل واضح للجانب الإسرائيلي وحاسمة ومحققة لشروطه وإملاءاته، بينما تتجاهل أي حق للفلسطينيين. فهى لم تعترف فقط بالدولة الفلسطينية وهذا متوقع لكنها أيضا فرض نظام حكم على غزة.

وفقا للمادة التاسعة التي نصت على أن تحكم غزة بموجب حكم إنتقالى مؤقت تتولاه لجنة فلسطينية تكنوقراطية مسؤولة عن تقديم الخدمات العامة للسكان.. يعنى ذلك أن مهامها أقرب للبلديات.. خاصة وأنها تقع تحت إشراف هيئة إنتقالية جديدة "مجلس السلام" يرأسها ترامب مع أعضاء آخرين من بينهم تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وهو دموى آخر، وكأنه لا يكفى وجود ترامب ونتنياهو لنتجرع المزيد.

أما النقطة الأخطر فهى ماتتعلق بمقر الإدارة المؤقتة والتي تردد أنها ستكون العريش لتضيف ناقوسا خطرا أكبر يصم آذاننا، خشية على ما تدبره العقول المتآمرة التي لاتكف عن أطماعها في الأراضى المصرية مرة بطلب التهجير وأخرى بمقر للحكم المؤقت.. فماذا نحن فاعلون!

وبعقلية المستثمر والمطور العقارى، لايفوت ترامب أن يعد بالتنمية الاقتصادية لغزة لإعادة إعمارها وتنشيطها بالإستعانة بالخبراء الذين ساعدوا في بناء بعض الدول المعجزة ليضغوا مقترحات للتنمية لتسهيل الإستثمارات التي ستخلق فرص عمل جديدة..

تطل الريفييرا التي حلم بها ترامب، حلمه دوما مثير للتخوفات والشكوك والحذر .. فهل يتسع حلمه لأهل غزة .أم أنه لا مكان لهم فيها وسيقتصر وجودهم على أماكن محدودة يكونوا فيها معزولين، بينما ينعم آخرون بأرضهم تحت إحتلال بمسمى جديد "حكم إنتقالى"!!

هل تقبل حماس بتلك الخطة المفخخة أم ترفضها ؟

لم يتضح حتى الآن الموقف النهائي للحركة، ويتردد أن الرأي منقسم بين مؤيد الخطة لوقف إطلاق النار والآخر يتحفظ على بعض البنود وخاصة بنزع السلاح .

الأيام القادمة حبلى بأحداث جسام .. الخيار فيها صعب .. يزيد صعوبته الشكوك في النوايا وتآمرية العقول التي تطرح الخطة ودموية ووحشية وإجرام اليد الممدوة بها ووهم وأكذوبة التي ينطق بهما ، وأول الأكاذيب أن اسمها ""خطة السلام".
----------------------------
بقلم: هالة فؤاد


مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | خطة السلام المفخخة