15 - 10 - 2025

بكين تحتضن ندوة صينية عربية حول الحوكمة عالية الفعالية وتحديث نظم الإدارة

بكين تحتضن ندوة صينية عربية حول الحوكمة عالية الفعالية وتحديث نظم الإدارة

شهدت العاصمة الصينية بكين تنظيم ندوة شبكة التعاون الصيني العربي في مجال أبحاث السياسات وبناء القدرات، والتي عُقدت في تحت شعار "الحوكمة عالية الفعالية وتحديث الحوكمة الوطنية"، بمشاركة واسعة من شخصيات رفيعة المستوى وخبراء من الصين والدول العربية، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية.

وتقدم الحضور الدكتور لي ون تانغ، نائب رئيس الأكاديمية الوطنية الصينية للحوكمة، والدكتور رائد بن الشمس، مستشار وزير شؤون مجلس الوزراء البحريني لتطوير الخدمات العامة، والدكتور يونس أبو أيوب، مدير دائرة الحوكمة وبناء الدولة ودرء النزاعات في المنطقة العربية بالأمم المتحدة، إضافة إلى الدكتور تشونغ كاي بين، عضو جمعية الصين للإصلاح الإداري، وعدد كبير من الباحثين والأكاديميين المتخصصين.

في كلمته الافتتاحية، شدد الدكتور لي ون تانغ على أن الصين والدول العربية تمثلان حضارتين عريقتين لعبتا دورًا استثنائيًا في مسيرة تطور الإنسانية.

 وأشار وان تانغ، إلى أن التبادل بين الجانبين ممتد عبر العصور وأن آفاق التعاون المستقبلي بينهما تظل واعدة ومتنوعة. وأوضح أن الصين استطاعت، عبر مسيرة طويلة من الإصلاح والتطوير، أن تحقق إنجازات بارزة في تحديث نظام الحوكمة وتعزيز كفاءتها المؤسسية، وهو ما انعكس في النجاحات الكبيرة بمجالات الحد من الفقر، والتنمية الخضراء، والابتكار العلمي والتكنولوجي، فضلاً عن ترسيخ الاستقرار وبناء مجتمع آمن. 

ودعا لي ون تانغ إلى توسيع تبادل الخبرات وتعميق الثقة السياسية وتعزيز التواصل الشعبي بما يخدم تطلعات بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.

وعلى هامش الندوة، أكد الدكتور رائد بن الشمس على أهمية مبادرة الحوكمة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ خلال اجتماعات منظمة شانغهاي للتعاون، معتبرًا أنها خطوة نوعية لدعم التعاون الدولي وصياغة حلول مشتركة لمواجهة التحديات العالمية المتسارعة، بما يعزز السلام والتنمية المستدامة في مختلف أنحاء العالم.

من جانبه، ثمن الدكتور يونس أبو أيوب التجربة التنموية الصينية، واصفًا إياها بـ”المعجزة التنموية” التي مكنت الصين من انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر. وأوضح أن المبادرة الصينية للحوكمة العالمية تنطلق من تجربة عملية واقعية أثبتت نجاحها، مشددًا على أن العالم لم يعد يحتمل إدارة أحادية الجانب أو أنظمة قائمة على الاستغلال أو نماذج تنموية تخدم القلة على حساب الأغلبية. وأكد في الوقت ذاته الحاجة إلى نظام عالمي جديد يقوم على التعددية والتعاون والتضامن.

وشدد على أن الاستقرار والتنمية المستدامة لا يمكن أن يتحققا إلا بإرادة صلبة ومشاركة مجتمعية كاملة، مؤكدا أن الحوكمة الرشيدة ليست خيارًا ترفيهيًا أو مطلبًا خارجيًا، بل تمثل السبيل العملي الوحيد لبناء مجتمعات عادلة تحقق حقوق الإنسان في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار يونس إلى أن السلام لن يتحقق إلا بإنهاء المعاناة ووقف الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، والتأكيد على حق فلسطين في الاستقلال الكامل باعتباره شرطًا أساسيًا لأي نهضة وتنمية في المنطقة العربية. 

وقال يونس إن فلسطين ليست بحاجة لمن يدافع عنها، بل هي من تدافع عن قضايا الأمة وكرامتها.

ودعا المتحدثون إلى توحيد الجهود بين الصين والدول العربية ودول الجنوب العالمي لتعزيز بناء مؤسسات تتسم بالبساطة والفعالية، بما يضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة يقوم على الكرامة والازدهار والاستقرار والسلام. 

كما أعربوا عن تطلعهم إلى الدور الريادي للصين كنموذج تنموي بديل قادر على قيادة العالم نحو مرحلة جديدة أكثر عدالة وإنسانية.
وقد ركز المشاركون في اللقاء على مفهوم الحوكمة عالية الفعالية بوصفها أداة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة وضمان الاستقرار المجتمعي، إلى جانب تناول تحديث الحوكمة الوطنية باعتباره خطوة استراتيجية لمواءمة متطلبات العصر الحديث مع خصوصية كل دولة. 

وأكدت الكلمات التي أُلقيت خلال الجلسة أن نجاح الدول في إدارة شؤونها الداخلية وصياغة سياساتها العامة بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقدرتها على تطوير أنماط حديثة من الحكم الرشيد، تستند إلى الكفاءة والشفافية والمشاركة المجتمعية.
كما أبرزت الفعالية أن التعاون الصيني-العربي في هذا المجال يتجاوز تبادل التجارب النظرية، ليشمل بناء آليات عملية للتنسيق وتبادل الخبرات والتجارب في ميدان الإصلاح الإداري وتطوير السياسات العامة. 

وقد شدّد الخبراء على أهمية تعزيز بناء القدرات سواء على مستوى المؤسسات الحكومية أو الكوادر البشرية، لضمان استدامة الإصلاحات وتعزيز قدرة الدول على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ولفت المنظمون إلى أن مثل هذه اللقاءات تمثل منصة مثالية لتعميق الفهم المتبادل بين الصين والدول العربية، بما يتيح الاستفادة من التجارب المتنوعة في مجالات الحكم والسياسات العامة. 

كما تسهم في توطيد الشراكات القائمة ودفعها نحو آفاق جديدة تواكب التغيرات العالمية وتخدم المصالح المشتركة للشعوب.
واختُتمت الفعالية بالتأكيد على أن مستقبل العلاقات الصينية-العربية لن يقتصر على التعاون الاقتصادي والتجاري فحسب، بل سيمتد أيضًا إلى مجالات الفكر والسياسات، بما يعزز بناء نموذج متكامل من الشراكة يقوم على الحوار، وتبادل الخبرات، والتنمية المشتركة، ويضع أسسًا راسخة لحوكمة حديثة تلبّي تطلعات المجتمعات في الجانبين.