ألقى لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، كلمة أمام المناقشة العامة للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أكد خلالها على أهمية تعزيز دور المنظمة الأممية في ظل التحديات العالمية الراهنة، مجددًا التزام بلاده بالسلام والتنمية والتعاون الدولي.
استهل لي تشيانغ كلمته بالتذكير بأن هذا العام يصادف الذكرى الثمانين للانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية، والذكرى نفسها لتأسيس الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن المنظمة الأممية وُلدت من رحم معاناة البشرية وسعيها لعالم خالٍ من الحروب.
وأوضح أن السنوات الماضية شهدت بناء نظام دولي جديد لما بعد الحرب، جعل الأمم المتحدة أكثر المنظمات شمولًا وتمثيلًا وسلطة، حيث لعبت دورًا محوريًا في إرساء أسس الحوكمة العالمية.
وأكد رئيس مجلس الدولة الصيني أن البشرية انتقلت عبر العقود الثمانية الماضية من عصر الكهرباء إلى عصر الذكاء الرقمي، لكن تطلع الشعوب إلى السلام والتنمية ظل ثابتًا.
واستعرض في هذا السياق ثلاثة دروس مستخلصة من التاريخ: أولهما أن السلام والتنمية يمثلان أقوى تطلعات الشعوب، وثانيهما أن التضامن والتعاون هما المحرك الأساسي لتقدم البشرية، وثالثهما أن العدالة والإنصاف يظلان القيم الأسمى التي تحافظ على استقرار العالم.
وأشار لي تشيانغ إلى أن العالم يقف اليوم عند مفترق طرق، حيث تواجه الأنظمة الدولية التي أرستها الأمم المتحدة منذ ثمانية عقود تحديات متزايدة، بينما تتصاعد الأزمات الإنسانية وأعمال الهيمنة والبلطجة الدولية.
وأضاف أن البشرية بحاجة إلى ضمير حي وعقلانية واسعة لضمان السلام، داعيًا المجتمع الدولي إلى عدم الصمت أمام الظلم والتدخلات الأحادية.
وشدّد لي تشيانغ على أن بلاده، كدولة مؤسسة للأمم المتحدة، لعبت دورًا نشطًا في الشؤون الدولية من خلال مبادرات الرئيس شي جين بينغ، ومنها: بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وأحدثها مبادرة الحوكمة العالمية التي طُرحت مؤخرًا في قمة منظمة شنغهاي للتعاون بمدينة تيانجين.
كما طرح رؤية الصين للتحرك في المرحلة المقبلة، والتي تقوم على أربعة محاور أساسية: العمل من أجل السلام والأمن عبر الحوار بدلًا من المواجهة؛ تنشيط التعاون والانفتاح لمواجهة تباطؤ الاقتصاد العالمي؛ تعزيز الحوار بين الحضارات باعتبار التنوع مصدر قوة؛ وتكثيف الجهود الدولية لمواجهة التحديات الجديدة مثل التغير المناخي والذكاء الاصطناعي.
وأشار في هذا السياق إلى أن الصين قدّمت خطة وطنية شاملة للانبعاثات حتى عام 2035، وأطلقت مبادرة للحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، كما أهدت عينات من تربة القمر إلى الأمم المتحدة خلال هذه الدورة.
وأكد لي تشيانغ التزام الصين بدعم الأمم المتحدة وتعزيز إصلاحها بما يزيد من فعاليتها ويعزز تمثيل الدول النامية، معلنًا عن تأسيس صندوق تعاون تنموي بين الصين والأمم المتحدة لدول الجنوب بميزانية قدرها 10 ملايين دولار، إضافة إلى التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإنشاء مركز عالمي للتنمية المستدامة في مدينة شنغهاي لدعم تنفيذ أجندة 2030.
واختتم رئيس مجلس الدولة الصيني كلمته بالتأكيد على أن بلاده ستظل عامل استقرار وانفتاح في العالم، وستواصل دعمها للسلام والتنمية، والعمل مع كل الدول من أجل بناء مجتمع عالمي يتشارك مستقبلًا مشتركًا للبشرية.