كان مبدأ الفصل بين السلطات: التشريعية والقضائية والتنفيذية تطورا سياسيا يؤكد البدء فى السير فى طريق الديمقراطية حتى ولو بعد حين . فالسلطة التشريعية وهى تلك السلطة التى تشرع القانون الذى تحكم به السلطة القضائية وهى السلطة التى تراقب وتحاسب السلطة التنفيذية على مدى التزامها ببرنامجها الذى قدمته للبرلمان والذى اخذت على أساسه الموافقة على تشكيل السلطة التنفيذية هذه.
نعم من حق النائب أو المواطن أو الحكومة أو رئيس الجمهورية التقدم بمشروع قانون للسلطة التشريعية (البرلمان) ولكن وهذا هو الأهم فالذى يناقش ويوافق هو البرلمان الذى يصدر القانون متوافقا مع الدستور . فهل عمليا وواقعيا تسير الأمور هكذا؟ هذا الكلام بمناسبة إرجاع رئيس الجمهورية قانون الاجراءات الجنائية إلى البرلمان وعدم التصديق عليه.
نعم من الطبيعى جدا أن يعيد الرئيس أى قانون للبرلمان لإعادة المناقشة لأسباب منها ان تكون هناك شبهة عدم دستورية فى بعض المواد أو وجود صياغة لبعض المواد غير محكمة تثير من المشاكل أكثر من الحلول ...الخ. ولكن ما هو ليس بطبيعى ماصاحب هذا القانون من مناقشات مجتمعية خارج البرلمان أو مناقشات فى اللجنة الدستورية أو اللجنة العامة . وهذا للأهمية القصوى لهذا القانون الذى يحدد العلاقة القانونية والدستورية بل الاجتماعية بين المواطن وبين السلطة. فكانت هناك آراء للنقابات المرتبطة بالقانون وآراء لكثير من الأحزاب السياسية والمتخصصين فى القانون والدستور. وهذا بالطبع شئ جميل، ولكن غير الجميل كان قيام بعض النواب وبعض الإعلاميين الذين يتصورون خطأ أن التهليل والتسويق على طول الخط لمشروعات القوانين المقدمة من الحكومة يمثل قمة الوطنية !!! بل لو راجعنا الأقوال والتصريحات واليوتيوب نجد أن هؤلاء قد اعتبروا أن من لهم آراء غير ماجاء فى المشروع فهؤلاء ليسوا وطنيين! الأخطر تلك النوعية من النواب الذين قاموا بالتسويق غير الموضوعى بأن القانون هو أعظم قوانين الكون !!! ماشى، يمكن أن تكون هذه هى اراؤهم المقتنعين بها (أيا كان ثقافتهم القانونية والتشريعية) ولكن واه من ولكن هذه فقد وجدنا هؤلاء (بالاسم) وبعد إعادة الرئيس للقانون هم أنفسهم الذين قاموا بالإعجاب والتأييد لإعادة القانون إلى البرلمان . بل الاهم أن البرلمان نفسه هلل لتلك الإعادة. هنا هل تلك الممارسات لصالح الوطن أولا وأخيرا؟ (شاء من شاء وأبى من أبى) أى هل تلك الممارسات والسلوكيات تؤكد على مبدأ الفصل بين السلطات؟ الوطن ياسادة هو الأهم من كل السلطات، الوطن يحتاج أكثر مايحتاج إلى تفعيل هذا الفصل بين السلطات. فالنائب الذى يجب أن ينوب عن الشعب لا يكون نائبا عن الحكومة. فهل نعى تلك القضية ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية . نتمنى على الله ذلك.
حمى الله مصر من كل من لا يكون أمينا فى مهمته لأجل ولصالح هذا الوطن العزيز والغالى . حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
-------------------------
بقلم: جمال أسعد